ابناء الشخصيات البارزة ثقافياً او سياسياً او اجتماعياً او اقتصادياً، هل يحملون رسالة مماثلة لرسالة آبائهم وللبيوت التي نشأوا فيها؟ أين يتشبهون وأين يستقلون؟ وكيف يرون المستقبل، الواقع؟ هذا ما نحاول تلمسه مع عبدالوهاب الكيالي 17 سنة ابن الكاتب والناشر ماهر الكيالي الذي يكمل هذا العام برنامج الA Levels البريطاني ويتهيأ للدخول الى الجامعة. سألناه عن جو الدراسة مع انتقال العائلة من بيروت الى عمّان، فقال ان فيه ايجابيات وسلبيات. من الايجابيات التعرف على بلد جديد ونمط حياة جديد والإختلاط باناس آخرين، لكن مشاكل الاستقرار والتكيف من السلبيات. ولأن لعبدالوهاب ميولاً فنية ويمارس العزف على آلات عدة سألناه: هل سيختص بالموسيقى، فقال ان ذلك ممكناً ولكن "بالنسبة الي شخصياً قررنا عدم احتراف الموسيقى، مع انني وصلت الى مرحلة متقدمة على آلة العود، لأن الوضع الفني في الوطن العربي لا يساعد فمهنة الموسيقى صعبة ومع الأسف لا تلقى الاحترام الذي تستحق". ماذا يعني لك الكتاب وأبوك وعمك المرحوم عبدالوهاب كاتبان وناشران؟ - الكتاب رفيق دائم للانسان، لكن قيمته بالنسبة للأجيال الصاعدة في الوطن العربي تنحدر. وتقديري للكتاب جاء من خلال عطاء عمي المرحوم وأبي في مسيرة الثقافة العربية من خلال دار النشر، ومع ان الأجيال الجديدة لا تقدر الكتب، ففي اعتقادي ان الكتاب وقوة الكلمة باقيان على رغم تطور تكنولوجيا المعلومات. هل تعتقد ان النشر العربي، مهنة والدك، تتراجع؟ - مهنة النشر من أشرف المهن الموجودة، وفي نيتي ان شاء الله احترافها لأكمل مسيرة والدي وعمي. انها تتقدم في نواح، وتتراجع في اخرى. تتقدم في نوعية الكتاب وفرز الألوان وسرعة الطباعة، وتتأخر في مجال التسويق. وهذه المشكلة تعانيها مهن كثيرة في الوطن العربي لمحدودية الموارد الاقتصادية، فالقارئ اجمالاً ليس لديه ميزانية كافية ليغذي مكتبته بالكتب الجديدة. كيف تختار اصدقاءك؟ - اصدقائي لهم نفس اهتماماتي، ومشاكلنا واحدة. انهم واعون سياسياً ويدركون خطورة وضع امتنا، وهم منهمكون بالدراسة. بالنسبة للجانب الترفيهي نحاول ان نسلي بعضنا البعض على رغم الهموم والمشاكل! ما علاقتك بأهلك؟ هل يتفهمونك؟ هل تحصل نقاشات حادة بسبب اختلاف القيم؟ - علاقتي بأهلي جيدة، فهم يتفهمونني ويعرفون طباعي ويحاولون ان يسخروا طاقاتهم لرعاية اهتماماتي من ناحية دراستي او بالنسبة الى ميولي الموسيقية، لقد قاموا والحمد لله بتثقيفي سياسياً وأدبياً وفنياً ولا توجد اختلافات بيننا لأننا متشابهون جداً، او بالعامية "من طينة واحدة". ما النقد الذي توجهه الى ابناء جيلك؟ - ابناء جيلي لم يسلموا من لسان احد، وبعض الانتقاد الذي يوجه اليهم في محله والآخر مبالغ به. المأخذ الوحيد على ابناء جيلي انهم يعانون من قدر كبير من اللامبالاة. فترى الشاب لا يهتم بأي شيء. لا دراسة ولا اهل ولا حياة، وهمه الوحيد ان يسعد نفسه بطريقة خارجة عن القوانين بعض الشيء. لذلك انتر التدخين وشرب الكحول وفي بعض الاحيان المخدرات، لأن هذا الجيل همّه ان يكون ثورياً، ليس بمعنى الثوري في الستينات والسبعينات، ولكن بطريقة احدث، ومع الأسف اسوأ. ماذا يعني لك العمل السياسي؟ - احترم العمل السياي، بل اعشقه. لأن له دوافع ومغازٍ خاصة، وقد يعود سبب تفكيري هذا استشهاد عمي المرحوم عبدالوهاب الكيالي الذي دفع حياته ثمناً للدفاع عن كلمة الحق التي يؤامن بها، والتأثير الذي تركه في عائلتي. اما عن احتراف السياسة، فما زال وطننا العربي للأسف يحد من الديموقراطية وحرية الكلمة، وهذا يجعل السياسيين محدودين في تفكيرهم، ويدفعهم الى التحلق نحو نظام او آخر لكسب لقمة العيش. بماذا توحي اليك كلمة "فلسطين"؟ - فلسطين، هي الوطن المغتصب، الحلم الأبدي الذي لا يموت. فلسطين النضال، والصمود، والصراع من اجل الحرية، والتراب المغمور بدماء ابنائها. هي الكلمة الوحيدة التي تثير اكبر قدر من المشاعر في الجسم. الكلام لا ينتهي عنها، ولكن، عندي ايمان كبير، بأننا عائدون، وان لم نكن نحن، فأبناؤنا او احفادنا، ومهمتنا توريث هذه الكلمة لكل من هو عربي وكل من هو معتز بنفسه، ومخلص لوطنه وأمته. عائدون..... اجل عائدون......