موسكو - أ ف ب - مع احتدام المعارك في مواجهة الإسلاميين في داغستان، منذ حوالىي شهر، وتصاعد التوتر في الشيشان، يخشى الاتحاد الروسي اتساع النار في القوقاز وفقدان السيطرة تدريجاً على هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة. وتساءل الرئيس الروسي بوريس يلتسن غاضباً، وهو يأخذ على الجنرالات تقصيرهم في القضاء على ألفي اسلامي مسلح عبروا الشيشان الى داغستان الاحد الماضي: "كيف وصلنا الى خسارة منطقة كاملة في داغستان؟". وحذر رسلان اوشيف رئيس انغوشيا المجاورة للشيشان موسكو من ان "الأحداث الأخيرة في داغستان يمكن ان تكون حافزاً يفجر حرباً عامة في القوقاز، ويمكن ان يفقد الاتحاد الروسي المنطقة كلها بعد سقوط الكثير من القتلى واهراق الدماء". ويحتل المتشددون الإسلاميون منذ اكثر من شهر عدداً من القرى في داغستان ويؤكدون ان هدفهم إقامة دولة اسلامية مستقلة عن موسكو. ونقلت وسائل الاعلام عن القائد "خطاب" الاسلامي الاردني، في الشيشان قوله: "هدفنا النهائي هو تحرير كل مناطق القوقاز حيث يعيش مسلمون من أجل اقامة دولة واحدة كما كان عليه الوضع في ظل الامام شامل" في القرن التاسع عشر. وبين الاسلاميين هناك قوقازيون من كل المناطق من الشيشان وانغوشيا وداغستان وقره تشاي وكاباردين وغيرها، وفق ما يؤكد الاسلاميون والروس. هذه "الالوية الدولية" التي يمكن ان تتدخل في داغستان كما في باقي الجمهوريات المجاورة تثير قلقاً شديداً لدى قادة القوقاز. وطلب رئيس اوسيتيا الشمالية الكسندر دزاسوخوف من موسكو ان لا تسحب قوات من اوسيتيا لارسالها الى داغستان لكي لا يتسلل الاسلاميون الى بلاده في المرحلة المقبلة. وعبر الرئيس الانغوشي من جهته عن تخوفه من ان يكون التمرد في داغستان ذريعة لمواجهات جديدة بين اوسيتيا وانغوشيا كما جرى في مواجهات 1992 و1995 التي اوقعت مئات القتلى. وإلى التهديد العسكري الذي يمثله الاسلاميون المسلحون يمكن إضافة التهديد السياسي، إذ لا يسع القادة القوقازيون في ضوء التجربة الا ان يلاحظوا عجز موسكو عن حفظ النظام في المنطقة. ومنذ نهاية الحرب التي خاضتها غروزني مع موسكو بين 1994 و1996 تعتبر الشيشان بحكم الامر الواقع جمهورية مستقلة، وهي تستخدم بمباركة ضمنية من السلطات المحلية قاعدة للميليشيات الاسلامية المسلحة التي تثير القلق جنوب الاتحاد الروسي. وردت موسكو خلال الاسبوع الجاري على مصادر التهديد فقصفت القرى الشيشانية القريبة من الحدود الداغستانية ما اوقع حوالى خمسين قتيلاً منذ الثلثاء الماضي استنادا الى ارقام غروزني. هذه الضربات الجوية، التي لم تؤكدها موسكو، تثير المخاوف من ان تنجر روسيا الى حرب جديدة في الشيشان تعيد الى الاذهان الحرب الاولى التي انتهت بهزيمة روسية ساحقة. وتبدى عجز موسكو في المنطقة في قره تشاي تشركيسيا حيث انفجرت الاضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة في أيار مايو الماضي وانعشت آمال الشركس بالحكم الذاتي. وقال أحد المختصين في اكاديمية العلوم في موسكو سيرغي اروتيونوف: "إذا استمر الجيش يفكر ان بإمكاننا ان نربح الحرب في القوقاز بفضل مدفعيته، فإن سلطة اسلامية ستقوم فعلياً في المنطقة وستفقد روسيا هذه الاراضي". وأضاف: "فقدنا الشيشان وسنفقد داغستان وقره تشاي ومناطق اخرى"، مشدداً على ضرورة توفير مساعدات اقتصادية كبيرة لكي يكون بالامكان محاربة المتطرفين الاسلاميين والقوميين في المنطقة.