جاكارتا - أف ب - اعتبر ديبلوماسيون ومحللون امس في جاكارتا التي تضج باشاعات عن انقلاب عسكري، ان القوات المسلحة الاندونيسية هي التي تمسك بالسلطة الفعلية في البلاد ولا تخشى اي رقيب، سواء كان الرئيس يوسف حبيبي او البرلمان. وزاد من انتشار الاشاعات توصل وزير الدفاع - قائد الجيش الجنرال ويرانتو قبل اقل من 24 ساعة، الى انتزاع توقيع الرئيس حبيبي على مرسوم فرض الاحكام العرفية في تيمور الشرقية. ولم يتخذ اجراء من هذا النوع منذ 1965 عندما وقع الانقلاب الذي سمح للجنرال سوهارتو حينذاك بطرد مؤسس اندونيسيا الرئيس احمد سوكارنو ليتولى السلطة. وكان قادة الكتل البرلمانية الذين شاورهم الرئيس والحكومة التي عقدت اجتماعاً عاماً، رفضوا فرض الاحكام العرفية في تيمور الشرقية الذي يطالب به العسكريون وذلك قبل ان ينجح ويرانتو في انتزاعه خلال لقاء عقده ليلاً مع حبيبي وتم الاعلان عنه فجراً عبر الاذاعة العسكرية. ووصلت الاشاعات الى حد تأكيد ان "استقالة" الرئيس حبيبي وشيكة، رغم نفي رسمي من قبل الجنرال ويرانتو. وافادت الاشاعات التي تتداولها البعثات الديبلوماسية الغربية ان فريقاً يضم خصوصاً عسكريين سيحل محل حبيبي المتهم بالتراخي. ويشك هؤلاء بأن حبيبي على وشك ان يسمح لقوة دولية بالتدخل في تيمور الشرقية. كما افيد ان "المدني" الوحيد في هذا الفريق المصغر الذي سيقوده ويرانتو هو علي العطاس وزير الخارجية، الرجل الصلب الذي يبدو لطيفاً في معظم الاحيان وغير المستبعد تماماً من الشكوك بأنه يريد ان يمنع استقلال تيمور الشرقية بأي ثمن. وقال ديبلوماسي غربي ان "القوات المسلحة تمسك بزمام السلطة اصلاً وتسيطر بحكم الواقع على الانتخابات الرئاسية المقبلة فلماذا ستجازف بتعديل وضع في مصلحتها؟". وكتبت صحيفة "جاكارتا بوست" في افتتاحيتها ان "فرض الاحكام العرفية يؤكد واقعاً مرّاً هو ان اندونيسيا تخضع للقوات المسلحة وليس للرئيس او الحكومة او البرلمان". ويخشى عدد كبير من الشخصيات في الاحزاب السياسية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان ان تستخدم سابقة تيمور الشرقية لتوسيع نطاق الاحكام العرفية التي تمنح الجيش كل الصلاحيات، الى مناطق اخرى. وقال ديبلوماسي آخر: "ان ما يبادر الى الذهن اولاً هو الوضع في اقليم اتشيه او منطقة مولوكيس وبعد ذلك جاكارتا" حيث يمكن استخدام الاحكام العرفية "لسحق الطلاب وغيرهم من الديموقراطيين". يشار الى ان اقليم اتشيه الذي يقع في اقصى شمال سومطرة يشهد حركة شعبية انفصالية اسلامية لم ينجح الجيش حتى الآن في سحقها، بينما تدور في مولوكيس مواجهات بين المسيحيين الكاثوليك والمسلمين اسفرت عن مقتل مئات منذ بداية هذا العام. وقال ديبلوماسي غربي امضى قسماً كبيراً من حياته المهنية في آسيا ان "الفارق الوحيد بين الجنرالات الاندونيسيين والبورميين هو ان الاندونيسيين اذكياء". أما يوسف حبيبي فقد اسر الى مجموعة من الصحافيين لدى تسلمه السلطة بعد استقالة الرئيس سوهارتو تحت الضغط الشعبي، قائلاً: "احتفظ باستمرار بالجنرال ويرانتو قربي وأنظر اليه في غالب الأحيان. وطالما اني أراه يبتسم، اعرف ان كل شئ على ما يرام".