الأخبار السياسية العربية محزنة، خصوصاً عندما تتناولها الصحف الاجنبية بالصراحة والوضوح المفقودين في صحافتنا بحجة الاخلاق العربية والتهذيب. غير انني قرأت اخباراً كثيرة في الايام الاخيرة لها زاوية عربية من دون ان تكون محزنة بعضها مفرح لانها غير سياسية. الصحف امتلأت بأخبار لوتشيانا مراد وسلمى حايك، والاولى عارضة ازياء برازيلية لبنانية الاصل، اما الثانية فممثلة مكسيكية لبنانية الاصل ايضاً. لوتشيانا لها ابن في الشهر الثاني من عمره اسمه لوكاس، اثبت فحص الدم ان أباه هو ميك جاغر، المغني في فرقة رولينغ ستونز، وهو كأي مغني "روك" مخضرم فلتان حتى آخر درجة، فله ستة ابناء ليس بينهم واحد شرعي سوى ابنته جيد من زوجته الاولى بيانكا. وكنت شخصياً اعتقد انه متزوج من العارضة جيري هول، ولكن تبين عند انفصالهما ان زواجهما في بالي لم يكن رسمياً، ما يعني ان ابناءهما الاربعة غير شرعيين، ويضافون الى لوكاس مراد. وقدرت الصحف ان لوتشيانا ستحصل على ستة ملايين جنيه من جاغر لتربية ابنهما. في المقابل رددت الصحف اخبار سلمى حايك بعد ان شنّت هذه حملة قوية على السينما في هوليوود واتهمتها بالتحيز والابتعاد عن الفن اللاتيني، اي الاميركي الجنوبي. وقرأت ست مقابلات صحافية مع سلمى حايك في الصحف الانكليزية وحدها في الايام الاخيرة، ترويجاً للفيلم "الغرب الاميركي". سلمى حايك ابوها لبناني اسمه سامي وامها اسبانية اسمها ديانا لها اخ واحد اسمه سامي ايضاً، وهذا الخليط جعلها احدى ابرز ممثلات الاثارة في اميركا الجنوبية، وفتح لها ابواب هوليوود. ولها اربعة افلام حتى الآن هذه السنة هي "فريدا" و"دوغما"، حيث تلعب دور راقصة "ستريب تيز"، و"لا احد يكتب الى الكولونيل"، وهو فيلم مكسيكي، و"الغرب الاميركي" وهو فيلم "كاوبوي" عن رجلي أمن يحاولان وقف مؤامرة لاغتيال الرئيس يولسيس غرانت. طبعاً لا شيء مفرحاً في ما سبق، الا من ناحية اختراق شابتين من اصل لبناني معاقل السينما وعرض الازياء. غير ان خبراً لبنانياً آخر اسعدنا في زمن ندر ان نسمع فيه خبراً لبنانياً مفرحاً. القرّاء لا بد سمعوا بفيلم "بيروت الغربية" او شاهدوه. كان فيلماً جيداً الا انني لم اقدر مدى جودته حتى قرأت عنه في زاوية في جريدة "الصنداي تلغراف" تجمع كل اسبوع تقويم النقاد الانكليز للافلام الجديدة والمسرحيات. والجريدة لها ثلاثة تصانيف فقط، فاما ممتاز، او وسط، او رديء. وفوجئت بأن "بيروت الغربية" حصل على تصنيف "ممتاز" سبع مرات و"وسط" مرة واحدة، وهو أمر نادر جداً، فالنقاد، كما يدل اسمهم انتقاديون نادراً ما يفلت فيلم او مسرحية من اقلامهم السامة. الفيلم الذي اخرجه زياد دويري ربح جوائز كثيرة حتى الآن، ورأي النقاد الانكليز فيه جائزة اخرى كبيرة. وهو يحكي قصة ثلاثة مراهقين، طارق وعمر ومي، سرقت الحرب الاهلية سنوات مراهقتهم. وادعو كل قارئ لم يرَ هذا الفيلم بعد الى محاولة رؤيته. وابقى مع الفن، فالمغنية الانكليزية جيري هاليويل، التي انفصلت عن فرقة "سبايس غيرلز" اصدرت اغنية جديدة ذات ايقاع لاتيني هي "تشيكو لاتينو"، وتعرضت بسرعة الى اتهامات خلاصتها ان اللحن يشبه كثيراً اغنية مشهورة للمغنية الاسرائيلية الابينا هي "دي لانوتشي الا مانانا". اين الزاوية العربية في ما سبق؟ قراء كثيرون لا بد ان يكونوا سمعوا الاغنية الاخيرة، وهم اذا فعلوا سيقولون للقراء الآخرين ان اغنية الابينا تبدأ بالاسبانية، وتكمل بالعربية، ثم تنتهي بالاسبانية. ولحنها اصلاً مقتبس من انغام عربية معروفة، ولكن رزقنا سايب فناً وارضاً، ولا احد يطالب بحقوقه. وعلى صعيد ثقافي صدر كتاب جديد عن حياة المستشرق البريطاني المغمور تشارلز مونتاغو دوتي الذي امضى السنتين 1877 و1878 في وسط شبه الجزيرة العربية، وكتب عن رحلاته سجلاً طويلاً بعنوان "الصحراء العربية". واكتفي بهذا القدر، فالكتاب موجود في المكتبات، مع ترجيحي ان القارئ سيختار شراء اسطوانة جيري هاليويل. هناك رابط بين هذا المستشرق وعازف البيانو اغناسي تيغرمان الذي لم أكن سمعت به في حياتي ثم قرأت للناقد الموسيقي في "الديلي تلغراف" انه كان افضل عازف بيانو في العالم، رغم محدودية شهرته، وقد درس في فيينا وعزف في برلين والعواصم الاوروبية، واعتبره كبار عازفي البيانو استاذهم. ما هي العلاقة بين دوتي وتيغرمان؟ العلاقة هي الصديق ادوارد سعيد، فهو من ناحية خبير في الاستشراق، وهو من ناحية اخرى مرجع في النقد الموسيقي. وقرأت له رأياً في تيغرمان يؤيد رأي الناقد الانكليزي تورمان ليبرخت. واذا كان القارئ لم يرَ بعد الزاوية العربية في خبر العازف، فهي انه استقرّ في القاهرة، واحتضنه الملك فاروق، لذلك اشتهر في نهاية حياته بلقب العازف من القاهرة. على كل حال، الفن والادب لا يفيدان والمعدة خاوية، لذلك اكمل بمطعم مغربي هو "الفاسيا" في وندسور. واترك الناقد الانكليزي فرانك بوير يقول "إنسَ القصر، وانسَ حديقة الحيوان، ففي وندسور مَعْلَم سياحي جديد هو مطعم شمال افريقي رائع"، وهكذا ساوى الناقد بين المطعم والمعالم السياحية الاساسية في احدى اشهر المدن الانكليزية. وبدأت بعارضة ازياء هي لوتشيانا مراد، واختتم باخرى هي بانبانيشا، وكنت رأيت صورة لها ابرزت جمالها الصارخ، وقرأت بسرعة بحثاً عن رقم هاتفها، ووجدت انها من صنع الكومبيوتر الذي جمع اجمل ما في نساء الارض ليطلع بمثال هذه العارضة المذهلة. وبما ان هذه العارضة لا تنتمي الى اي بلد، فاننا نستطيع ان ندّعي انها "بلديات"، فهي قد لا تكون عربية الا انني اتمنى لو تكون، واتمنى كذلك ان تكون جارتي.