سمعَ الديكُ ديكاً آخر يصيحُ في مكانٍ قريب، فذهبَ إليه .. أحسَّ الديكُ بدهشة شديدة عندما اكتشف أن الذي يصيح ليس ديكاً بل ولداً صغيراً. كان الولدُ يمدُّ عنقَهُ إلى أعلى ويصيح: - كي كي كيييكي ... كي كي كيييكي ... وذلك بصوتٍ لا يختلف أبداً عن صوت الديك. وقفَ الديكُ يحدِّقُ بالولد. ووقفَ الولدُ يحدِّقُ بالديك. حرَّك الديكُ جناحَيْه، فحرَّك الولدُ ذراعيه مقلِّداً إياه. لم تعجب الديك حركاتِ الولد الذي استطاع أن يكون ولداً وديكاً في الوقت نفسه، بينما هو ديكٌ فقط! صاحَ الديكُ بكل ما يملكُ من قوة ومهارة في الصياح كأنه يتحدّى الولد أن يقلّده. لكنّ الولدَ كان من المهارة في تقليد الديكة بحيث أطلقَ صياحاً كاد يتفوّق فيه على صياح الديك. الديكُ المعروفُ بغروره، شمخ برأسه إلى أعلى كأنه يستخفّ بما سمعه من الولد، فشمخ الولد برأسه إلى أعلى مقلّداً حركة الديك. رفع الديكُ إحدى قائمتيه وظلّ واقفاً على قائمة واحدة. فرفع الولدُ إحدى رجليه وظلّ واقفاً على رجلٍ واحدة. فتح الديكُ جناحيه وحرّكهما قليلاً في الهواء، ففتح الولدُ ذراعيه وحرّكهما في الهواء كأنهما جناحان. ومشى الديكُ متبختراً، فمشى الولد إلى جانبه مقلّداً مشيته المتبخترة. شاهد الديكُ حبلاً ممتداً في الهواء بين شجرتين فقفزَ، ووقف على الحَبْل. أراد الولدُ أن يقلّد الديك، فقفز بدوره محاولاً الوقوف على الحبل. تمايل الولدُ قليلاً فوق الحبل، ثم سقط أرضاً. نهضَ الولدُ عن الأرض، وراح ينفضُ يديه من الغبار ... فحرّك الديكُ جناحيه كأنه ينفضهما من الغبار. عَرَجَ الولدُ وهو يمشي .. فنزل الديكُ عن الحَبْلِ وراح يعرجُ مثله. ووقفَ الولدُ، فوقفَ الديك. نظر الولد إلى الديك، ونظر الديك إلى الولد. قال الولد: - أنا لن أقلّد الديكة بعد الآن. فقال الديك: - وأنا لن أقلّد الأولاد بعد الآن. وذهب الولدُ إلى بيته، والديكُ إلى قنِّه.