"غابت الشمس"، لتجسد بغيابها مضمون القصيدة - الاغنية. ف"بردت النسمات" على رغم حر الصيف، و"لبست قميص الليل" ضيعة الشعر والشعراء، حزناً وحداداً. فقد غيّب الموت اول من امس الشاعر اللبناني أسعد السبعلي عن 89 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، وبعد تاريخ حافل في مجال الشعر بالعامية اللبنانية. وشيّع امس الى مثواه الأخير في بلدة سبعل قضاء زغرتا، شمال لبنان التي أحبها وجسدها في مئات القصائد، وتميز مأتمه بالبساطة وووري في مكان قريب من كنيسة السيدة وتمثاله النصفي الذي قدّمه أحد المغتربين اللبنانيين المعجبين بشعره خليل طرطق. وكان أوصى بجنازة بسيطة له، ترأسها الأب جان جبور، في حضور أفراد عائلة الراحل وأهالي سبعل والنائب اسطفان الدويهي وجمع من الشعراء. وتحدث الشاعر سعيد عقل باسم شعراء لبنان، فاعترف للسبعلي بانه تأثر بشعره. وقال "ما أعظمك ايها الشاعر، كنت النبل والشهامة، وشعرك الذي كان قوة لجيشنا ولشعرائنا ومفكرينا، كان مؤثراً في كل لبنان". واعتبر "ان العظيم لا يموت، وغداً ستكتب أطروحات عن السبعلي وستتلمذ أجيال على شعره"، متمنياً على أهالي سبعل "ان ينشروا كل كلمة كتبها، لان كثراً سيأتون ويقولون انهم تلامذة السبعلي، مثلما يقول آخرون انهم خريجو هذه الجامعة أو تلك". وقال "انني لا أرثي السبعلي، انما أمجده، لان العظام لا يموتون، وشعر السبعلي احدى سندياناتنا الكبار". كان السبعلي أبرز الذين حرروا الشعر العامي من عفوية الزجل المنبري وعنجهيته، واعتبر مع رفيق دربه أسعد سابا وآخرين، الجسر الذي عبره الشعر باللبنانية، من زمن شحرور الوادي ورشيد بك نخلة، الى زمن ميشال طراد والاخوين رحباني. تميزت أشعاره بقوة الوصف ودقته وجزالة التعبير، وجرت على شفاه وألسن أجيال وأجيال، تغنى فيها بالقرية اللبنانية، عاداتٍ وتقاليد، ليصدح المطرب الكبير وديع الصافي باثنتين من أجمل قصائده في هذا المجال: "غابت الشمس" و"طل الصباح" واشتهرت للراحل قصيدة "الدير المهجور" التي ترجمت الى أكثر من لغة عالمية وكذلك القصيدة التي يصف فيها بزّة وحيدة كان يملكها وتهلهلت لكثرة الاستعمال وكانت كل ما تبقى لديه طقمي العتيق. حاز أوسمة عدة وكان موضع تكريم رسمي وشعبي، ودخل اسمه موسوعتي "لاروس" و"بريتانيكا" كأحد رواد الشعر اللبناني، واشتهر بلقب "أبو سلوى" وحيدته، ومن أبرز دواوينه: "طلّ الصباح" و"منجيرة الراعي"، و"أبو جميل".