حافظ الألمان على المركز الأول بين السياح الاجانب الذين يزورون تونس للعام السادس على التوالي فيما أتى البريطانيون في المرتبة الثانية. وزار تونس اكثر من 800 الف ألماني خلال السنة الفائتة لكن التقديرات الرسمية توقعت زيادة العدد في الموسم الصيفي الجاري في ضوء حجم الحجوزات المرتفع. وكثف الألمان اقبالهم على المدن السياحية التونسية لا سيما سوسة والحمامات في جميع الفصول بحثاً عن الشمس ومياه البحر الدافئة. وطبقاً لإحصاءات دائرة السياحة في سوسة فإن السياح الألمان أمضوا 2.36 مليون ليلة في فنادق المدينة العام الماضي مقابل مليونين و11 الفاً فقط عام 1997. وقالت السائحة روزا كونزمان، وهي زوجة ديبلوماسي عمل في تونس سابقاً، انها حريصة على تمضية أسبوع في تونس كل سنة للاستراحة من أعباء العمل والاستمتاع بالبحر والشمس. لكنها اوضحت انها لا تأتي الى مدينة واحدة دون غيرها بل تسعى دائماً الى اكتشاف مدن ومناطق جديدة. وعبرت عن اعجابها بجزيرة جربة ومدينة نابل القريبة من الحمامات التي تمضي فيها حالياً اجازة مدتها اسبوع برفقة صديقات وأصدقاء أتوا معها من ألمانيا. واللافت ان نسبة كبيرة من السياح الألمان يعاودون زيارة تونس فيما لوحظ ان عدد السياح العائدين من الجنسيات الأوروبية الأخرى محدود جداً. استثمارات جديدة وحفز الاقبال الألماني الشديد على زيارة تونس شركات السفر على وضع خطط لتعزيز استثماراتها في البلد وتوسعة نشاطها في القطاع السياحي المحلي. وأعلنت مجموعة "نيكرمان" الألمانية اخيراً انها تنوي استثمار نحو 180 مليون دولار في تونس، وأرسلت لهذا الغرض وفداً من خبرائها الى العاصمة تونس للقيام بجولة استكشافية ودراسية في المنتجعات والمحطات السياحية الممتدة على الشريط الساحلي الذي يقدر طوله ب1300 كيلومتر. وتصل غالبية الألمان في اطار رحلات جماعية عارضة تشارتر تربط المدن الألمانية الرئيسية بالمطارات السياحية المحلية مثل مطار جربة ومطار المنستير ومطار طبرقة. ويأتي الألمان الى تونس بأعداد كثيفة في فصل الشتاء. وقال مسؤول سياحي في منطقة المهدية ل"الحياة" ان اعتدال الطقس يحفز الألمان على تمضية اجازاتهم في تونس بعيداً عن ثلوج أوروبا وأكد انهم يسعدون لرؤية الشمس في الشتاء على رغم شحوبها في هذا الفصل. وأشار الى وجود اعداد كبيرة من المتقدمين في السن الذين يملأون الفنادق ومراكز الترفيه في فصلي الشتاء والخريف ويفضلون الابتعاد عن زحمة الصيف. الا ان صاحب فندق في منطقة الحمامات شكا من بخل السائح الألماني الذي يكتفي بما يقدم له في الفندق ويزهد في شراء مأكولات او مشغولات تقليدية. واعتبر ان غالبية السياح تنتمي الى فئات العمال والموظفين فيما يذهب ابناء الفئات الموسرة الى فرنسا وهولندا والولايات المتحدة واليابان وايطاليا وإسبانيا. والألمان عموماً قليلو التسوق عدا بعض الهدايا البسيطة التي يشترونها لأقربائهم أو اصدقائهم، وهم يزورون محلات السجاد والفضيات والمصنوعات الجلدية والنحاسية لكن نسبة الشراء تبقى ضئيلة. وقال السائح هانس سيمونس المقيم في فندق "أبو نواس"، في ضاحية قمرت، انه اختار شراء رحلة اشتملت على زيارة معالم تاريخية عربية قبل مغادرة بلده لأنها الفرصة الأولى التي يزور فيها بلداً عربياً. وقال ان الجولة السياحية اتاحت له زيارة مسجد عقبة بن نافع في القيروان وحصن سوسة ومسجدها القديم ورباط مدينة المنستير والمعالم الفاطمية في مدينة المهدية، بالاضافة الى الآثار الفينيقية والرومانية في مناطق عدة لا سيما مسرح الجم وموانئ قرطاج القديمة. وفي نهاية الجولات السياحية يستمتع الألمان بهدوء البحر وتفجر الضوء في المدن الساحلية مثل قمرت والحمامات وسوسة وطبرقة. انفتاح على النمسا وبالنظر الى النجاح السياحي الذي تلاقيه تونس في السوق الألمانية خطط التونسيون لتوسعة الحملات الترويجية والتسويقية في البلدان المجاورة التي تتشابه مع المانيا في الثقافة واللغة والميول السياحية. وفي هذا السياق أقيم أسبوع سياحي تونسي في فيينا نهاية حزيران يونيو الماضي شارك في تنظيمه "فندق الهناء الدولي" و"الخطوط التونسية" واشتمل على التعريف بميزات البلد السياحية وتعدد انواع السياحة المتاحة فيه اضافة الى سهرات لتذوق المأكولات التونسية والتعريف بألوان من الموسيقى التقليدية. وفي هذا الاطار ينوي "الديوان الوطني للسياحة" اقامة معارض وأسابيع ترويجية في سويسرا وهولندا وأوروبا الوسطى والشرقية. وأكد مسؤول في الديوان ل"الحياة" ان النتائج الايجابية التي حصدتها السياحة التونسية من الحملات التي أقيمت العام الماضي حفزت على تكثيفها هذا الصيف. واستدل على اهمية النتائج بالاقبال القياسي المسجل في الموسم الجاري، اذ ارتفع عدد الليالي التي امضاها السياح في تونس خلال الشهور الستة الأولى من السنة الجارية الى نحو 13 في المئة قياساً على العام الماضي، فيما ارتفع عدد الليالي السياحية في الأسبوع الأخير من أيار مايو الى اكثر من مليون ليلة، بزيادة قدرت بنحو 20 في المئة. وعدا ألمانياوالنمساوسويسرا يركز التونسيون على استقطاب مزيد من السياح من البلدان الشمالية التي يختلف مناخها كثيراً عن المناخ المتوسطي ما يجعل السائح يرتاح الى المنتجعات التونسية الدافئة في الخريف والربيع وحتى في الشتاء. وأظهرت تجربة الترويج السياحي في بريطانيا الامكانات الكبيرة المتاحة لاستقطاب اعداد متزايدة من البريطانيين الذين تقدموا سريعاً الى المرتبة الثانية بعد الألمان. وفي مدينة سوسة، التي اشتهرت لدى السياح الشماليين منذ الستينات، اظهرت الاحصاءات الاخيرة ان اعداد البريطانيين الذين زاروها منذ مطلع العام زادت بنسبة 21 في المئة، فيما زادت اعداد النروجيين بنسبة 189 في المئة والفنلنديين بنسبة 114 في المئة. واحتل الاسكندينافيون المرتبة الثالثة، بعد الألمان والبريطانيين السنة الجارية ما يحفز على تطوير الاهتمام بالأسواق الشمالية المعروفة بمستوى دخلها الجيد، لا سيما بعدما ارتفعت طاقة الاستيعاب في فنادق المدينة الى نحو 39 ألف سرير. واللافت ان الحملات الترويجية التونسية طاولت اسواقاً منافسة في المنطقة المتوسطية وأثمرت نتائج ايجابية على رغم كونها بدت مغامرة غير مأمونة النجاح لدى اطلاقها. وتزايدت اعداد السياح الأتراك واليونانيين الذين زاروا تونس العامين الاخيرين، وارتفعت اعدادهم في سوسة خلال الموسم الجاري بنسبة 177 في المئة ما دل على الامكانات الواسعة لاستقطاب السياح من أي بلد كان اذا ما اقيمت حملات ترويجية مدروسة ومتكيفة مع الأذواق والميول المحلية.