تستقطب تونس اثنين في المئة من اجمالي عدد السياح في المنطقة المتوسطية، الا انها تسعى الى زيادة حصتها السنة الجارية باستقطاب فئات جديدة من الباحثين عن السياحة الراقية والمولعين بالرياضات البحرية والغولف والرحلات الاستكشافية في الصحراء. وتمكنت تونس من اجتذاب نحو 100 ألف سائح من هواة الغولف، وتوجد تسعة ملاعب غولف في المدن السياحية الشمالية والجنوبية من طبرقة شمالاً الى جربة وتوزر في الجنوب اضافة الى ملعبين في الحمامات وآخرين في المنستير. وتتوقع التقديرات ان ترتفع أعداد لاعبي الغولف الى اكثر من 200 ألف سائح. وسعياً الى تكثيف السياحة الراقية استكمل التونسيون انشاء مدينتين سياحيتين متطورتين في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس وجنوب مدينة الحمامات التي تعتبر أعرق منطقة سياحية في تونس لاستقطاب فئات عليا من السياح الأوروبيين. ويعتقد التونسيون ان ارتفاع مستوى المعيشة في البلدان الأوروبية التي اعتاد سكانها على تمضية اجازاتهم في الخارج هو الذي يبرر التركيز عليها في الحملات الاعلانية اكثر من سواها. وأتاح تدفق السياح الأوروبيين على تونس مضاعفة عدد الليالي السياحية من 400 ألف ليلة في مطلع الستينات الى نحو 25 مليوناً حالياً، علماً ان العدد الاجمالي للسياح الاجانب ارتفع في العقود الثلاثة الأخيرة من 50 ألف سائح فقط الى أربعة ملايين. وانعكس تدفق السياح الأوروبيين ايجاباً في تنشيط حركة بناء الفنادق والاستراحات السياحية اذ تطورت البنية الاساسية من 4000 سرير مطلع الستينات الى أكثر من 180 ألفاً حالياً ويتوقع ان يصل الحجم الى 200 ألف سرير قريباً. ويندرج تطوير السياحة الراقية في اطار سعي التونسيين الى استثمار الامكانات الطبيعية للبلد سياحياً، خصوصاً الغابات في المناطق الشمالية والصحراء في الجنوب، ما يتيح لتونس أخذ نصيب مهم من الحركة السياحية المتوسطية التي يتوقع ان ترتفع بنسبة خمسة في المئة في السنة حتى سنة 2010. إلا أن خبراء سياحيين شددوا على ضرورة التكيف مع المتغيرات الجديدة التي طرأت على السياحة المتوسطية وفي مقدمها الاحتكار المتزايد لشركات السفر في أيدي مجموعات أوروبية ودولية معدودة وميل السائح الأوروبي الى تمضية اجازته في اكثر من بلد وتشدده في البحث عن نوعيات جيدة من الخدمات وتنامي ظاهرة الحجز المتأخر وموسمية الإقبال على السياحة البحرية التي ترتكز على الشمس والسباحة، والهبوط المسجل في أسعار النقل الجوي والإقامة في الفنادق. ويفكر التونسيون بخيارات كثيرة لكنها متكاملة لمجابهة المتغيرات الجديدة والتكيف مع متطلبات السوق بينها التركيز على الاستثمار في الفنادق المتوسطة من صنف النجمتين والنجوم الثلاث لاستقطاب الوافدين الجديد على الأسواق السياحية المتوسطية، خصوصاً من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية وروسيا، مع انشاء فضاءات فسيحة لتعاطي الرياضات والترفيه تكون ملحقة بالفنادق. وبين الخيارات المطروحة اجتذاب السياح الراغبين بتمضية اجازات حرة ما يستدعي الاهتمام بانشاء شقق سياحية ومضارب للقوافل Caravaning Campings وتطوير صيغ السياحة الجماعية مثل تقاسم الملكية Time Share. ويعتقد التونسيون ان تطوير هذه الأصناف الجديدة سيكون أقل كلفة من المنشآت السياحية التقليدية ما يفسح المجال لمستثمرين شباب لإقامة مشاريع في هذا الاطار. ويخشى صاحب فندق في العاصمة تونس ان تكون النجاحات السياحية التي حققها البلد في الاعوام الثلاثة الماضية أضعفت الاهتمام بالاستثمار في قطاع الاعلان والتسويق. واشار الى ان البلدان المنافسة لتونس ملأت الفراغ في الاسواق الأوروبية وانتقلت الى مرحلة أعلى من المنافسة ما انعكس سلباً في أداء القطاع السياحي خلال الموسم الماضي وان بدرجة طفيفة. واتخذت السلطات السياحية أخيراً اجراءات لتطوير الحملات الاعلانية في الخارج، وزادت الاستثمارات المخصصة للترويج السياحي الى 11 مليون دولار وانشأت صندوقاً للترويج السياحي يشارك في تمويله أصحاب الفنادق ووكالات السفر ومؤسسة "الخطوط التونسية". وخطط التونسيون لتكثيف الحملات الترويجية في الاسواق التقليدية أي المانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا اساساً وكذلك في الاسواق الجديدة خصوصاً الولاياتالمتحدة وكندا واليابان. الى ذلك تستأثر السياحة الثقافية باهتمام متزايد لدى التونسيين وهناك اتجاه الى تكليف مؤسسة متخصصة باستثمار المعالم الحضارية والمواقع الأثرية المنتشرة في جميع المحافظات وتطوير نشاطات ثقافية وترفيهية في محيطها لاجتذاب فئات السياح المهتمة بالتاريخ والحضارة. كذلك يسعى التونسيون الى تطوير السياحة الداخلية كونها تؤمن ايرادات مهمة من دون ان تكلف نفقات كبيرة على صعيدي الترويج والنقل. وتتجه خطط تهيئة المدن السياحية الى تخصيص مناطق تعد طبقاً لمواصفات تستجيب لميولات السياح المحليين خصوصاً السياحة الأسرية. ويتوقع التونسيون ان يساعد تطوير بنية أساسية مناسبة للسياحة المحلية على استقطاب السياح المغاربيين الذين يقبلون على زيارة البلد في اطار أسري في العادة خصوصاً الليبيين والجزائريين. ويرتدي تنشيط السياحة المغاربية نحو تونس أهمية كبيرة كونها استطاعت ان تتبوأ المراتب الأولى في الثمانينات الى جانب السياح الألمان والفرنسيين اضافة الى كونها تؤمن حصة كبيرة من الايرادات بسبب ارتفاع انفاق المغاربيين قياساً على الأوروبيين. ويفتح تطوير السياحة المحلية والمغاربية الآفاق لاستقطاب مزيد من السياح العرب كون السياح من المشرق والمغرب يشتركون في الميول ويفضلون نمط السياحة الأسرية التي تستبدل الفنادق ومراكز الترفيه الغربية بالشقق المفروشة والمجمعات السكنية السياحية التي تراعي التقاليد والعادات الاجتماعية العربية.