استأنفت بريطانيا وليبيا أمس علاقاتهما الديبلوماسية في شكل كامل، وسط توقعات تشير إلى احتمال حدوث انفراج مماثل قريباً في العلاقات الأميركية - الليبية. وأوضح مسؤول أميركي ان تطبيع العلاقات مع ليبيا "مرتبط بحل المشاكل العالقة بين البلدين". وتقدم وزير الخارجية البريطاني روبن كوك ببيان مكتوب أمام مجلس العموم، أشار فيه إلى استئناف العلاقات مع طرابلس بعد قطيعة دامت 15 عاماً، ونتيجة مفاوضات مستمرة قال إنها أُجريت مع السلطات الليبية منذ تسليم المتهمين الليبيين في قضية لوكربي إلى محكمة اسكوتلندية اقيمت في هولندا. وأورد كوك ثلاثة شروط تم على أساسها استئناف العلاقات وهي: تعبير ليبيا عن الأسف حيال مقتل الشرطية البريطانية ايفون فليتشر ربيع 1984 نتيجة اطلاق النار من داخل مقر السفارة الليبية في لندن، ودفع تعويض لأسرتها والتعاون مع التحقيق الذي تجريه الشرطة البريطانية لتحديد المسؤول عن مقتل الشرطية. وتضمن البيان المشترك اشارة إلى عدم اعتبار مقتل الشرطية "قضية سياسية"، وإدانة ليبية للارهاب واستعداداً للمساهمة في محاربته. وأعلن كوك استئنافاً كاملاً للعلاقات الديبلوماسية وتحويل شعبة رعاية المصالح البريطانية في السفارة الايطالية في طرابلس الغرب إلى سفارة، متعهداً منح الرعايا البريطانيين الأربعة آلاف في ليبيا كامل الحماية القنصلية، ومعتبراً ان افتتاح السفارة سيعزز المصالح التجارية البريطانية محلياً. وفي وقت متزامن عُقد في السفارة السعودية في لندن، التي كانت تتولى رعاية المصالح الليبية في المملكة المتحدة، مؤتمر صحافي أعلن فيه السفير السعودي الدكتور غازي القصيبي أنه "آن الأوان الآن لتسليم الأمانة إلى أهلها". وقال إن "السعودية سعدت برعاية المصالح الليبية في بريطانيا ... ونحن نرحب بالعلم الليبي يرفرف مرة أخرى في سماء العاصمة البريطانية". وتحدث في المؤتمر الصحافي أيضاً كل من السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر بن سلطان، الذي لعب دور الوسيط في عملية إنهاء الحصار الدولي المفروض على ليبيا، والسفير الليبي لدى ايطاليا السيد عبدالعاطي العبيدي الذي كان التقى الوزير كوك صباحاً لإقرار نص الاعلان المشترك الذي كرّس انتهاء القطيعة بين البلدين. وقال الأمير بندر: "كان هناك مشككون كثيرون في نجاح المفاوضات التي أجريت، ولكننا في السعودية تعودنا ان الأفعال تتحدث أكثر من الأقوال. وأتوقع قرارات أخرى قريباً في هذه المسيرة الايجابية". وأضاف: "نحن لم نكن وسطاء، بل شركاء ولا نزال شركاء مع اخوتنا في ليبيا". أما السفير العبيدي الذي لعب دوراً أساسياً في التسوية، فأثنى على الدور السعودي، مؤكداً ان "الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل بين الدول"، وان ليبيا والسعودية "ستعملان كشركاء ويداً في يد لإنهاء ما تبقى من قضايا لاغلاق ملف العقوبات بشكل نهائي، وأيضاً لتطبيع العلاقات مع المملكة المتحدة". وقال: "في اعتقادنا ان القضايا الماضية لا يجب ان تعيق العلاقات في المستقبل. وما تحقق الآن هو اعادة العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية الى مستواها السابق". وأضاف رداً على سؤال: "عبّرنا عن الأسف لما لقيته هذه الشرطية اثناء ادائها واجبها كما عبّرنا عن الأسف لما أصاب المواطنين الليبيين اثناء الغارات الأميركية عام 1986". وقال السفير العبيدي ل"الحياة" ان هناك تململاً داخل الولاياتالمتحدة ازاء الموقف من ليبيا. وقاطعه الأمير بندر مؤيداً وقال: "نعم هذا صحيح وهناك اعضاء في الكونغرس يطعنون في جدوى هذه العقوبات. والسناتور هلمز الذي تبنى قرار الحظر على ايران وليبيا تحدث في جلسة قبل اسبوع داخل الكونغرس أعرب فيها عن عدم اقتناعه بجدوى استمرار الحظر". وفي اتصال مع "الحياة" في باريس قال العبيدي عن التعويضات الليبية لعائلات ضحايا طائرة "يوتا" الفرنسية التي فجرت فوق صحراء النيجر: "نحن ملتزمون كل ما تعهدت به ليبيا لفرنسا، وكل التعويضات الليبية التي طلبها القضاء الفرنسي ستنفذ". وفي واشنطن قال مسؤول في الادارة الاميركية: "ان هناك قضايا عالقة في العلاقات بين واشنطنوطرابلس وان المطلوب حلّها قبل استئناف العلاقات". وأوضح ان هذه القضايا العالقة تشمل "وقف ليبيا دعمها للارهاب وتقديمها التعويضات المناسبة والاعتراف بمسؤوليتها عن النشاطات الارهابية والتعاون على التحقيق والمحاكمة في قضية تفجير طائرة بان اميركان".