وعد رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب إيهود باراك بانهاء "مئة سنة من النزاع" العربي الاسرائيلي، وعدم بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، واستئناف المفاوضات مع سورية على قاعدة القرارين 242 و338 . لكن باراك اثار إحساساً بالغضب والإهانة في صفوف الأعضاء المركزيين في حزبه العمل بعدما تركهم يلهثون حتى اللحظة الأخيرة ليلقي لهم في النهاية فتات كعكته الائتلافية وليتشاجروا عليها قبل أن يوزعها. فبعدما إقتطع باراك ثماني حقائب وزارية من أصل 18 لشركائه في الإئتلاف الحكومي واحتفظ لنفسه بالتاسعة وزارة الدفاع إضافة إلى رئاسة الحكومة، إستبعد الشخصيات المهمة في حزب العمل الذي يرأسه من المناصب المركزية في حكومته، ليوزعها على شخصيات يستطيع السيطرة عليها بسهولة. راجع ص3 الصدمة الأولى كانت من نصيب يوسي بيلين إذ طارت من يده حقيبة الخارجية بعدما حلم بها طويلاً لتحط في أحضان ديفيد ليفي الذي "لعب" به رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو الكرة على مدى سنتين قبل أن يستقيل. أما شلومو بن عامي، الذي حصل على المكان الأول في الانتخابات التمهيدية لحزب العمل والذي كان في نظر كثيرين مرشحاً قوياً لمنصب وزير المال، فلم يحصل سوى على وزارة الأمن الداخلي الشرطة، وأسند باراك إلى صديقه المخلص ابراهام شوحاط، الذي لم يخلق له مشاكل ولم يعارضه في أي من القضايا، حقيبة المال تعبيراً عن إمتنانه. وأبلغ باراك اثنين من الخمسة الأوائل الفائزين في الانتخابات التمهيدية لحزب العمل، عوزي برعام وأبراهام بورغ، قراره إستبعادهما من حكومته العتيدة. وإمعاناً في إهانة الأخير قرر رئيس الوزراء المنتخب ترشيح شالوم سيمحون غير المجرب لثالث أهم منصب في الدولة، أي رئاسة الكنيست البرلمان. لكن اعضاء حزب "العمل" ردوا باسقاط مرشح باراك وبدعم المرشح المنافس ابراهام بورغ لهذا المنصب. ولم يجرؤ أحد من أقطاب حزب العمل على توجيه إنتقادات علنية إلى باراك الذي تمكن من تشكيل حكومة تضم ثمانية من الطاقم الوزاري الذي قاده بنيامين نتانياهو، إلا أنهم جميعاً أعربوا عن سخطهم وشعورهم الشديد بالإهانة، لوسائل الاعلام الاسرائيلية التي لم تجد حرجاً في وصف باراك بأنه "إستنسخ نفسه للمناصب المركزية" وتصرف كفرعون متغطرس ضد رفاقه في الحزب. وتوقع محللون إسرائيليون أن تواجه حكومة باراك صعوبات كثيرة بعد عرضها على الكنيست اليوم، بسبب التناقضات العميقة التي بدأت تطفو بين اليمين واليسار، وبين العلماني والمتدين، في هذه الحكومة التي تضم إسحق ليفي رئيس حزب المفدال اليميني المتطرف، وحركة "ميرتس" اليسارية وحزب "شاس" الديني المتشدد.