ما هي القضايا التي سيواجهها ايهود باراك زعيم حزب العمل رئيس جبهة "اسرائيل واحدة" إذا ما فاز بمنصب رئيس الحكومة الاسرائيلية، وهو ما يرجحه المحللون واستطلاعات الرأي الآن؟ وهل باراك ذو الخبرة العسكرية الواسعة ولكن القليل الخبرة سياسياً مؤهل لمنصب رئيس الحكومة؟ ولماذا ستعطي غالبية كبيرة من العرب في اسرائيل أصواتها له؟ يقول محللون اسرائيليون ان باراك سيواجه كرئيس وزراء مهمات من النوع الذي يتطلب قرارات صعبة تثير سخط آخرين وأنه بسبب حذره قد يجد من المستحيل عليه اتخاذها. ومن المرجح جداً أن يدخل رئيس الوزراء الاسرائيلي المقبل في مفاوضات على الوضع النهائي مع السلطة الوطنية الفلسطينية التي تصر على انسحاب القوات الاسرائيلية من الضفة الغربية وتريد القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. ووعد باراك في حملته الانتخابية باعطاء الاسرائيليين الكلمة الأخيرة، من خلال استفتاء، في مسألة التسوية النهائية مع الفلسطينيين. ويقول اولئك المحللون ان هذا يضعف قدرة كل من رئيس الوزراء وحكومته والكنيست على اتخاذ القرارات. ووعد باراك أيضاً بسحب القوات الاسرائيلية من جنوبلبنان في غضون سنة، الأمر الذي سيتطلب على الأقل اتفاق سلام مبدئياً مع سورية التي تطالب من ناحيتها باسترداد كل هضبة الجولان. ويرى البروفيسور ايهود سبرنزاك استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية ان باراك مستعد للاقدام على اتفاق جريء مع سورية يعني في نهاية الأمر إعادة معظم الجولان او كله. ويضيف ان باراك "مقتنع بأن سورية لم تعد تشكل تهديداً عسكرياً وان السلام مع سورية سيحسن بدرجة كبيرة مركز اسرائيل في المنطقة. وإذا فعل باراك ذلك فسيحقق اختراقاً كبيراً". وسيتعين على باراك اصلاح الوضع الاقتصادي الاسرائيلي خصوصاً بعدما شحت الاستثمارات الأجنبية في عهد حكومة بنيامين نتانياهو وضربت السياحة وازدادت نسبة البطالة. أما المهمة الأخرى الصعبة التي سيواجهها فهي التغلب على الانقسامات السياسية والدينية والعرقية والاقتصادية في اسرائيل والاستقطاب الحاد بين المتدينين الحريديم والعلمانيين. ويرى البروفيسور سبرنزاك ان باراك مؤهل لعمل ذلك "فهو ليس حمائمياً عظيماً، وانما صقر أمني وهو في المعترك السياسي في الوسط، واعتقد أنه سيبدأ بضم ليكود والحزب الوطني الديني واسرائيل بعلياه المهاجرين الروس والوسط الى حكومته ثم يفكر في ما إذا كان يريد ضم ميريتس أو الحريديم اليها". بعبارة أخرى فإن باراك يبدو حريصاً على استرضاء اليمين ما استطاع الى ذلك سبيلاً، وهو ما ينذر بانعكاسات سلبية على القرارات التي سيتعين عليه اتخاذها للمضي قدماً في عملية السلام مع الفلسطينيين. ويقول روفين هازان وهو محاضر في العلوم السياسية في الجامعة العبرية ان نظام الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء في اسرائيل أنهى وجود التناوب في أي حكومة وحدة وطنية مقبلة وأن أي شريك يدخلها لن يكون مساوياً وانما في مركز أدنى نسبياً من مركز رئيس الوزراء المنتخب مباشرة. وسينتج من ذلك انه إذا أراد باراك المضي قدماً في عملية السلام، فإن عليه أن يضمن تأييد اليمين والا فسيقاومه بشراسة. وإذا لم تحسم الانتخابات في الجولة الأولى لمصلحة باراك، فإن نتانياهو سيدعو في الجولة الثانية الى حكومة وحدة وطنية، وهو ما سيضع باراك في موقف غير مريح لأنه لا يستطيع المناداة بالشيء نفسه تحسباً لعزوف الناخبين العرب عن الادلاء بأصواتهم في الجولة الثانية لاعتقادهم بأن حكومة الوحدة الوطنية تضر بمصالحهم بغض النظر عمن يرأسها. ويختار الناخبون العرب في اسرائيل بتأييدهم باراك "أهون الشرين"، حسب تعبير زعيم الحزب الديموقراطي العربي عبدالوهاب دراوشة الذي يقول ايضاً ان التجربة مع اليمين بزعامة نتانياهو "كانت قاسية خلال السنوات الثلاث الماضية التي تعمق خلالها التمييز العنصري ضدنا، ونحن نختلف مع باراك لكن يمكن أن نلتقي معه في ما يرفع من شأننا ويعيد إلينا حقوقنا، وفي ما يخدم عملية السلام". ومع ان باراك بلغ في الجيش منصب رئيس الأركان ونال أوسمة كثيرة، إلا أن خبرته السياسية لا تتجاوز مدتها سنة في الحكومة. اذ كان وزير الداخلية في حكومة اسحق رابين ثم وزيراً للخارجية في حكومة شمعون بيريز من بعده، ولم يترك أي بصمة مهمة على أي من المنصبين، باستثناء دعمه لبيريز في عملية "عناقيد الغضب" التي كانت نتائجها كارثية. ويقول البروفيسور سبرنزاك عن باراك انه "لامع ومفكر استراتيجي بعيد النضر"، لكنه يرى أيضاً ان باراك "مغرور فكرياً" ويعطي الناس انطباعاً "بأنه اذكى الناس في العالم" ولذلك يثير نفور كثيرين حتى داخل حزبه. ومع أن باراك صعد الى رئاسة حزب العمل على حساب قادة آخرين للحزب طالما طمحوا الى زعامة الحزب مثل حاييم رامون ويوسي بيلين وعوزي برعام وابراهام بورغ الا انه تمكن في نهاية الأمر من توحيد صفوف الحزب ورفع معنوياته. ويرى المتابعون لسيرة باراك ان لديه قدرة عالية على التحليل لكنه لا يطلب المشورة إلا من أفراد الدائرة الضيقة المحيطة به. وباراك من مواليد العام 1942 في مستوطنة زراعية يهودية، وهو متزوج وله وزوجته نافا ثلاث بنات. أما والداه يزرائيل واستر بروغ فهما مهاجران من لتوانيا وبولندا على الترتيب جاءا الى فلسطين في الثلاثينات.