وصل الرئيس السوري حافظ الأسد إلى موسكو أمس في أول زيارة من نوعها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وسيبحث اليوم مع نظيره الروسي بوريس يلتسن عملية السلام والقضايا الاقليمية ومنها العراق، والتعاون السوري - الروسي. ويتوقع أن توافق موسكو على تزويد دمشق أسلحة قد تتجاوز قيمتها بليوني دولار. وكان في استقبال الأسد لدى وصوله رئيس الوزراء الروسي سيرغي ستيباشين ووزير الخارجية ايغور ايفانوف. ونقلت وكالة "ايتار - تاس" عن مصدر في وزارة الدفاع ان وفداً عسكرياً سورياً كان وصل قبل الأسد، وقدّم تقريراً الى رئيس الدولة عن مصانع حربية زارها اعضاء الوفد. واكدت الوكالة ان جنرالات سوريين أبدوا اهتماماً واسعاً بصواريخ قادرة على إصابة "الأسلحة الدقيقة التوجيه". وأكد مساعد يلتسن للشؤون الدولية سيرغي بريخودكو ان الرئيسين الروسي والسوري سيبحثان في "قضايا استراتيجية بالغة الاهمية"، مشدداً على ان السلام في الشرق الاوسط "مرهون الى حدّ كبير بالتفاعل" بين سورية بوصفها "دولة مفصلية" وروسيا كراعٍ لعملية السلام. وكانت آخر زيارة للأسد إلى موسكو في نيسان ابريل 1990، وقبل دعوة لزيارتها العام الماضي، لكنها أُرجئت مرات آخرها في نيسان الماضي حين اعلن قبل يوم من وصوله تأجيل الزيارة، وذكر ان من أهم الأسباب دعوة وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك ارييل شارون الذي وصل إلى روسيا قبل يوم من الموعد المحدد لوصول الرئيس السوري. وعلمت "الحياة" ان وفداً كبيراً يضم 95 مسؤولاً يرافق الأسد الذي سيبحث مع يلتسن في عملية السلام في ضوء تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وقال ديبلوماسي روسي ل"الحياة" إن موسكو ستعلن تمسكها باستئناف المفاوضات السورية - الإسرائيلية "من النقطة التي توقفت عندها"، وستدعم مطالبة دمشق بانسحاب إسرائيلي كامل من الجولان، وتؤيد "ترابطاً" بين المسارين السوري واللبناني. وشدد على أن روسيا ستعلن "موقفاً واضحاً" يستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، لكنها ستدعو إلى "عدم الانجرار للاستفزازات". وتوقع مراقبون ان تكون محادثات الأسد في موسكو بداية تحرك سوري في الاتجاه التفاوضي مع إسرائيل، في المقابل تتوقع روسيا من دمشق تأكيداً لدور موسكو كراعٍ ثانٍ لعملية السلام، والإصرار على مشاركتها بنشاط في العملية التفاوضية. وعلى رغم اعتراضات إسرائيل وأميركا، تبدو موسكو مصممة على تزويد دمشق أسلحة متطورة، بينها صواريخ من نوع "كورنيت 3" البعيدة المدى المضادة للدروع، والتي أشار خبير عسكري إلى أنها قادرة على "شل حركة" الدبابات الإسرائيلية. وينتظر ان تستجيب موسكو طلباً لتحديث طائرات "ميغ" لدى الجيش السوري، وبيع دمشق طائرات من طراز "سوخوي 27". وترغب سورية في شراء دبابات من نوع "تي 80" والحصول على قطع غيار لدبابات "تي 72" وتطويرها. وستساهم روسيا في تحسين فاعلية شبكات الدفاع الجوي السورية. ولا ينفي المسؤولون في موسكو أو يؤكدون احتمال بيع دمشق صواريخ "إس 300"، وأوضح خبير في شؤون التسلح ل"الحياة" ان هذه الصواريخ تعد سلاحاً دفاعياً، لكن مجمع الرادارات الملحق بها يمكن ان "يخترق" غالبية أجواء إسرائيل. وما زال الأميركيون والإسرائيليون يعارضون بشدة حصول سورية على هذه الصواريخ. وينتظر أن تبحث قضايا التعاون العسكري خلال لقاء الأسد وزير الدفاع الروسي ايغور سيرغييف. ورداً على سؤال عن تمويل المشتريات السورية من الأسلحة، وهل له صلة بالديون الروسية المتراكمة على دمشق، والتي قدرت ب12 بليون دولار، قال ل"الحياة" ديبلوماسي روسي إن بلاده ترى أن مشكلة الديون "يمكن ان تنتظر"، لكنه أكد ان دمشق ستدفع نقداً ثمن صفقات السلاح الجديدة. وذكرت مصادر عربية في موسكو ان سورية ربما حصلت على دعم من الإمارات وإيران للتزود بالأسلحة. ولم يستبعد مراقبون ان يبحث مجدداً مشروع تحديث خط أنابيب النفط بين كركوك شمال العراق وبانياس. وسيناقش هذا الموضوع في سياق بحث القضايا المرتبطة بالعراق، وتخوف الجانبين الروسي والسوري من خطط لتقسيمه أو انشاء "حزام أمني" تركي في شماله.