أثار رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب إيهود باراك غضباً عارماً في صفوف الأعضاء المركزيين في كتلته الحزبية بعد امتناعه عن إسناد حقائب وزارية كبيرة لهم، مفضلا توزيع ما تبقى من كعكته الإئتلافية على شخصيات ثانوية يستطيع قيادتها بسهولة في السنوات الأربع المقبلة. وجاءت ردة فعل أعضاء الحزب الغاضبين أسرع مما توقع باراك، اذ خسر مرشحه لمنصب رئاسة الكنيست شالوم سمحون أمام مرشح اقطاب الحزب أبراهام بورغ خلال عملية الاقتراع التي جرت بعد ساعات من توزيع الحقائب الوزارية. وبعدما أسند باراك ثمانية من المناصب الوزارية المهمة لشركائه في الائتلاف الحكومي واحتفظ لنفسه بمنصب وزير الدفاع إضافة الى رئاسة الحكومة، عين صديقه المطيع أبراهام شوحاط في المنصب الثالث المهم وهو وزارة المال. أما وزارة الخارجية التي ظن كل من يوسي بيلين وشلومو بن عامي أنهما أحق بالحصول عليها، فأوكلها لديفيد ليفي الذي لا يشهد له تاريخه السياسي في هذا المنصب بكثير من التقدير. واستبعد باراك بيلين وبن عامي المحسوبين على جناح "الحمائم" في حزب العمل واللذين يؤيدان التسريع في تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية عن مركز صنع القرار السياسي. اذ أسند لبيلين منصب وزير العدل فيما حصل بن عامي على منصب وزير الأمن الداخلي الشرطة، واضطر على ما يبدو الى استحداث حقيبة وزارية جديدة للجنرال المتقاعد، رئيس الاركان السابق متان فلنائي لا تتناسب وسيرته الذاتية وهي وزارة الشباب والرياضة في محاولة لتهدئة الأوضاع داخل حزبه. يذكر ان باراك عين شمعون بيريز العمل وزيرا للتنمية الاقليمية، واسحق موردخاي الوسط وزيرا للمواصلات، وناتان شارانسكي اسرائيل بعليا وزيرا للداخلية، واسحق ليفي مفدال وزيرا للاسكان والبناء، ويوسي ساريد ميريتس وزيرا للتعليم، وران كوهين ميريتس وزيرا للصناعة والتجارة، وبنيامين بن اليعازر العمل وزيرا للاتصالات، وايلي سويسا شاس وزيرا للاديان، وايلي يشاي شاس وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية، وشلومو بن عزري شاس وزيرا للصحة. وأبلغ باراك إثنين من الخمسة الأوائل الفائزين في الانتخابات التمهيدية للحزب، أبراهام بورغ وعوزي برعام، أنهما لن يشاركا في الحكومة المقبلة حتى في حال توسيعها ليصل عدد الوزارات فيها الى 24 وزارة، الأمر الذي أثار غضب كثيرين داخل الحزب. وكان باراك وجه صفعة أخرى لبورغ عندما قرر ترشيح أحد أعضاء الحزب الشباب وهو شالوم سمحون لمنصب رئيس الكنيست عن الحزب، لكن مرشحه خسر في عملية الاقتراع في الحزب على هذا المنصب. وانضم عضوا الحزب العربيان صالح طريف ونواف مصالحة الى معسكر المتذمرين من نقض باراك الوعود التي قطعها لهم. وأعلن طريف أنه سيرشح نفسه لمنصب رئاسة الكنيست الى جانب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة محمد بركة. وقال في تصريحات ل "الحياة" ان باراك يتعامل مع أعضاء حزبه من العرب على أنهم من "الأغيار". واتهمت يائيل دايان من حزب العمل باراك بالتمييز الجنسي ضد النساء بعد أن تبين أن إمرأة واحدة فقط هي داليا إتسيك ستحصل على حقيبة البيئة. ورأت مصادر صحافية إسرائيلية أن صورة الحكومة التي يعرضها باراك تدل على المكانة التي يتمتع بها الوزراء في نظره. فهو لا يهمه ان كان بن عامي أو بيلين وزراء خارجية ممتازين طالما أنه سيقود سياسة الخارجية، ولا يهمه من يكون وزيراً للمال طالما ظل هو المقرر لسياسة الدولة في هذا الشأن. ولم تخلُ أحاديث السياسيين الاسرائيليين من مقارنة بين أسلوب باراك وسلفه نتانياهو في عملية توزيع المناصب والوزارات، وذكّر كثيرون بنهاية نتانياهو البشعة لأنه حاول قصقصة أجنحة رفاقه في الحزب ومحاولته تقطيع الكعكة وأكلها كلها من دون مشاركة أحد.