تخضع الفنادق التونسية اعتباراً من مطلع العام المقبل الى معايير تصنيف جديدة سيعاد بموجبها ترتيب الفنادق ذات الثلاث والاربع والخمس نجوم. ويحل نظام الترتيب الجديد الذي اطلق عليه "معايير 2000" محل النظام السائد منذ عام 1994 والذي لم يعد مناسباً لمجابهة المنافسة المتزايدة في السوق السياحية المتوسطية في الألفية المقبلة. وكشفت دراسة أعدتها السلطات السياحية عن نظام التصنيف الحالي ووجود تشدد مفرط في بعض النواحي ونقص في نواح اخرى لا سيما ما يتعلق بحماية البيئة والصحة وكلفة الاستثمار، ما حملها على وضع نظام جديد. وقال مسؤول سياحي ل"الحياة": "لا يكفي ايجاد بهو فخم وجدران من الرخام الباذخ لوضع فندق في خانة الخمس نجوم". وتساءل خبير آخر في ندوة اقامها اخيراً "الديوان التونسي للسياحة" جهاز السياحة الحكومي: هل يكفي اختيار عمارة جميلة وراقية لمنح الفندق آلياً تصنيفاً عالياً، فالخدمات ترتدي طابعاً مهماً واحياناً حاسماً في تقويم المؤسسات السياحية. واظهرت الندوة التي كان موضوعها "نحو نظام جديد لتصنيف الفنادق" ان التونسيين مصممون على انهاء العمل بالتصنيف الحالي وعلى رفع مستوى الخدمات ونقل مستوى الفنادق المحلية الى مستوى يقترب من البلدان المنافسة وهي ايطاليا واسبانيا واليونان وقبرص وجنوب فرنسا وتركيا. وأكد وزير السياحة صلاح الدين معاوي ان تونس لا تستطيع ان تستمر في استثمار ميزاتها الطبيعية البحر والشمس فقط خلال القرن المقبل. وحض على استخدام ميزات جديدة وخصوصية مثل تطوير السياحة الثقافية والبيئية والاستشفائية. الا ان خبيراً سياحياً شدد على ضرورة استيعاب التغييرات التي طرأت على اذواق السياح وعاداتهم لأنهم لم يعودوا يكتفون برحلة واحدة في السنة ولا تقتصر رحلاتهم على بلد واحد، وانما باتوا يرغبون بزيارة بلدان عدة اثناء فترة الاجازات. وأثمرت مساعي التونسيين لتحسين مستوى الفنادق طوال السنوات الأخيرة تحقيق زيادة ملحوظة في عدد الفنادق ذات المستوى الرفيع. وأظهرت احصاءات حديثة حصلت عليها "الحياة" ان البنية الاساسية للقطاع السياحي باتت تشمل 700 فندق قدرت سعتها ب185 ألف سرير بينها اكثر من 230 فندقاً من فئتي أربع وخمس نجوم. وتعزى قلّة الفنادق الفخمة في البدايات الى ان تونس راهنت في الستينات على استقطاب فئات واسعة من العمال والموظفين الاوروبيين الذين صاروا يأتون لتمضية اجازاتهم على سواحلها بأسعار زهيدة تناسب دخولهم. إلا أن اشتداد المنافسة وتحسن مستوى السياحة المتوسطية شجعا على انشاء فنادق راقية في كل من الحمامات مثل "فينيسيا" و"شيراتون" وسوسة مثل "الهناء بيتش" ثم انتشرت فنادق الخمس نجوم في جزيرة جربة والمنستير والمهدية والعاصمة تونس. ويمكن القول ان المدينة السياحية "القنطاوي" القريبة من سوسة وضاحية قمرت شمال تونس تشكلان اكبر تجمعين للفنادق من فئة النجوم الخمس مثل "البالاس" و"الريزيدنس" و"غولدن توليب قرطاج" تديره مجموعة هولندية. إلا أن خبيراً سياحياً اكد ان التزام شروط دقيقة في مجال العمارة والتجهزيات والفخامة ضروري لكنه لن يكون كافياً في المستقبل. واوضح ان نظام التصنيف الجديد سيعتمد على نوعية الخدمات وصيانة التجهيزات ومعايير اخرى. وبموجب النظام الجديد ستمنح علامات لكل فندق على نحو يتيح وضعه في فئة اربع او خمس نجوم. وميزة التصنيف الجديد انه سيحفز اصحاب الفنادق على السعي الى البقاء في فئة عليا وتطوير نوعية الخدمات باستمرار. وقال منجي الوكيل صاحب مجموعة "بالم بيتش" الفندقية ل"الحياة" انه وقّع اخيراً على اتفاق مع مجموعة "أكور" الدولية لانشاء مؤسسة مشتركة لادارة فنادق المجموعة التونسية البالغ عددها سبعة فنادق ترواح بين فئتي ثلاث وخمس نجوم ثلاثة آلاف سرير. ويرمي الاتفاق الى تحسين مستوى خدمات الفنادق المحلية لتكون قادرة على منافسة مثيلاتها في البلدان المتوسطية الاخرى وكذلك انشاء 30 فندقاً جديداً في غضون السنوات العشر المقبلة في كل من الحمامات وطبرقة وجربة وواحة توزر. وذكر ان شبكة الفنادق ستركز على تنويع التخصصات من السياحة البحرية الى الصيد في الغابات جبال طبرقة الى سياحة التنس الى المركز الاستشفائية الملحقة بالفنادق وصولاً الى السياحة البيئية. ولا تعتبر مجموعة "بالم بيتش" الوحيدة التي اقامت علاقات مشاركة مع مجموعات دولية لتطوير ادائها وإنما حرصت أكثرية المجموعات الفندقية المحلية على الاستفادة من خبرة المجموعات الدولية في تحسين الخدمات. بعد اقتصادي ويبدو ان هاجس المحافظة على مستوى القطاع السياحي لا يشغل القطاع الخاص فقط وانما تظهر السلطات اهتماماً بإنجاح خطة تحديث القطاع بالنظر الى دوره الكبير في التوازن المالي مع الخارج وتحقيق فرص العمل. وأظهر آخر الاحصاءات ان السياحة درّت 1.213 بليون دينار نحو 101 بليون دولار في العام الماضي وأتاحت ايجاد 74 ألف فرصة عمل مباشرة واكثر من 225 ألف فرصة عمل غير مباشرة. وتسعى تونس من خلال الحملات الترويجية في اوروبا الى استقطاب اعداد اكبر من السياح السنة الجارية بعدما زارها خمسة ملايين سائح في العام الماضي. وأتاح انشاء 25 شبكة من شبكات الجولات الثقافية متاحف ومواقع اثرية ومدن تاريخية في مناطق مختلفة زيادة نسبة السياح المهمتين بزيارة مواقع حضارية ومعالم مشهورة. وتجرء حالياً دراسة مزيد من المجالات التي يمكن ان تستقطب فئات جديدة من السياح.