دبي - أ ف ب - بعد تسع سنوات من غزوه الكويت يمكن للعراق ان يأمل برفع، ولو مشروط، للعقوبات التي انهكت شعبه من دون ان تشكل خطرا على نظام الرئيس صدام حسين، وذلك على رغم حرب الاستنزاف التي تواصلها الولاياتالمتحدة وبريطانيا ضد العراق منذ الضربات الجوية العنيفة التي وجهتها اليه في كانون الاول ديسمبر الماضي، وعلى رغم اعلان واشنطن عزمها على رص صفوف المعارضة لقلب نظام بغداد. ويقول غسان سلامة، الاستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس ان "الحظر فقد شرعيته وهو آخذ في التفتت. اعتقد اننا نتجه نحو رفع مشروط للعقوبات". ويضيف "ان نتائج العقوبات ليست جازمة: لقد تسببت بأضرار فادحة للشعب العراقي من دون ان تترك اثرا يذكر على النظام". ويقول دنيس هاليداي، المسؤول السابق في احدى وكالات الاممالمتحدة، ان هذه العقوبات، التي تعتبر اقسى عقوبات تفرضها الاممالمتحدة، تتسبب في وفاة نحو ستة آلاف شخص شهرياً. وهناك مشاريع قرارات عدة بشأن العراق مطروحة للنقاش في الاممالمتحدة منذ اسابيع. واذا كانت هذه القرارات تتفق على مبدأ تعليق العقوبات فانها تختلف على برنامج نزع اسلحة الدمار الشامل الذي يتعين على العراق الالتزام به، في وقت يرفض فيه التعاون مع اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة المكلفة ازالة اسلحة الدمار الشامل أونسكوم منذ كانون الاول ديسمبر. ويقول تيم تريفان، الناطق السابق باسم "اونسكوم" والمؤيد لابقاء العقوبات: "طالما بقي صدام حسين في السلطة سيتمكن العراق خلال بضع سنوات من اعادة بناء ترسانته البيولوجية والكيماوية وربما النووية ليشكل من جديد تهديدا لجيرانه". لكن سلامة يرى ان الحظر عزز في المقابل سلطة النظام مع جعل السكان اكثر اعتمادا عليه للحصول على قوتهم اليومي، وان رفعا مشروطا للعقوبات لن يساهم بالضرورة في تقويته. ويقول ان "المشكلة هي في اصرار واشنطنولندن على اعتبار صدام حسين سببا لكل الكوابيس" وربط رفع العقوبات برحيله. وتشن الولاياتالمتحدة وبريطانيا غارات شبه يومية على شمال العراق وجنوبه، في اطار منطقتي الحظر الجوي بهدف تدمير الدفاعات الجوية العراقية تدريجاً. وفي الوقت نفسه، وعدت واشنطن بتقديم مساعدات بقيمة 97 مليون دولار للمعارضة العراقية المنقسمة على نفسها اذا ما اتفقت على خطة عمل لاطاحة النظام. الا ان المبادرة الاميركية اصطدمت بموقف زعماء اكراد العراق، وهم اول المعنيين لانهم يسيطرون على شمال البلاد، فردوا عليها بالقول ان قلب النظام لا يتم "بتقديم الطاولات واجهزة الكومبيوتر". ومع تأكيد حدوث "تغير كبير في موقف الادارة الاميركية" يعرب غسان العطية، المعارض العراقي المقيم في لندن، عن امله بأن تتمكن المعارضة من توحيد صفوفها. ويقول "ان النظام العراقي يعتبر كل يوم جديد يوم انتصار له ويريد الاستمرار مهما كان الثمن"، مضيفاً ان العراق هو اليوم "كقطعة الثلج المرمية في الشمس والتي تذوب يوماً بعد يوم".