«فار مكسور»    نفاذ تذاكر "كلاسيكو" الاتحاد والنصر    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    بسبب المخدرات .. نجوم خلف قضبان السجن!    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «مبادرات التحول الاقتصادي».. تثري سوق العمل    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    بالله نحسدك على ايش؟!    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    عريس الجخّ    كابوس نيشيمورا !    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حديث الى رئىس تحرير "الاهرام" ابراهيم نافع تنشره "الحياة" مع الزميلة القاهرية . ديميريل : علاقات تركيا مع اسرائيل لن تكون على حساب العرب وفرصة السلام العادل والدائم يجب ان لا تضيع
نشر في الحياة يوم 24 - 07 - 1999

كشف الرئيس التركي سليمان ديميريل عن توقيع بروتوكول لانشاء خط أنابيب الغاز الطبيعي من مصر الى تركيا في شباط فبراير الماضي. وأكد بدء البحث منذ نيسان ابريل الماضي في كيفية نقل الغاز، وذكر انه من الممكن مد هذا الخط الى اسرائيل.
وأشاد الرئيس ديميريل الذي يقوم بجولة في المنطقة وسيزور القاهرة بعد يومين بموقع مصر ودورها في عملية السلام في الشرق الأوسط. وأكد انه يريد زيارة القاهرة مرة ثانية في الشتاء المقبل بهدف تعزيز التعاون المصري - التركي من أجل السلام واستقرار المنطقة.
وتحدث الرئيس ديميريل عن موضوع القدس وقال ان وضعها الآن "مشكلة كبيرة"، وطالب "بحل عملي"، ورأى ان هناك أملاً في أن ينتهي الركود الذي أصاب عمليات السلام. وقال انه لمس رغبة من رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد "لاحياء العملية السلمية في اتجاه اقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط"، ورأى ان الجميع يريد السلام في "فلسطين وسورية ولبنان والأردن واسرائيل" واضاف انه خرج بانطباع بعد زيارته الأخيرة لقطاع غزة ان هناك "دولة في هذا المكان". وعن التحالف الاستراتيجي مع اسرائيل قال ان هذه الاتفاقات "مسودات اتفاق" تتعلق بالتدريب العسكري والتعاون في مجال الصناعة العسكرية. وذكر ان العلاقات مع سورية بدأت تعود الى طبيعتها بعد توقيع "مذكرة الاتفاق بين البلدين في اضنة". وتطرق الى مشكلة المياه ومشروع الأناضول وقال انه منذ اكتمال بناء السد "يتمتع العراق وسورية بتدفق منتظم للمياه حتى في أكثر فترات الصيف جفافاً". وذكر ان تركيا طرحت خطة على العراق وسورية في العام 1984 تقترح "تحقيق تقاسم المياه من خلال حساب ما لدى كل دولة من الأرض وموارد المياه".
وتناول الرئيس التركي في حديثه العديد من المسائل الحساسة كالعلاقات الفاترة مع ايران وتوتر الحدود بينهما، ومشاكل الارهاب وموضوع اوجلان ومحاكمته، ومدى تأثير تنفيذ حكم الاعدام على علاقات أنقرة مع الاتحاد الأوروبي. وهنا نص الحوار الذي تنشره "الحياة" مع "الأهرام" في وقت واحد.
فخامة الرئيس سليمان ديميريل، أنت صديق لمصر وللرئيس حسني مبارك منذ سنوات، وفي غضون يومين تعقد مع الرئيس مبارك اجتماع قمة، ما هي القضايا التي تعتزم طرحها في المباحثات؟
- في البداية أرجو أن تنقلوا أطيب أمنياتي وخالص تحياتي للرئيس مبارك، فهو رجل عظيم، وسند للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وهذا ليس رأيي وحدي، وإنما هو رأي جميع شعوب المنطقة، الرئيس مبارك رجل حكيم وعاقل دائماً، وأتطلع الى لقائه والى المباحثات معه.
الأمر الآخر ان مصر وتركيا بلدان مهمان في منطقتنا، وتربطهما علاقات تاريخية وثقافية وطيدة، وترغب تركيا في توسيع نطاق علاقاتها مع مصر في كل مجال، بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتقنية.
وخلال زيارتي لمصر، سوف أتبادل وجهات النظر مع الرئيس مبارك حول وسائل تعزيز العلاقات بين بلدينا، وكذلك حول القضايا الإقليمية والدولية.
نما الى علمي أنكم تخططون لزيارة رسمية لمصر في الشتاء المقبل تستمر عدة أيام، هل هذا صحيح؟
- نعم هذا صحيح وفي تقديري دائماً ان علاقات مصر وتركيا مهمة جداً، فهذه العلاقات تربط بلدين كبيرين شرقي البحر الأبيض المتوسط، وتلك منطقة مهمة في العالم على الدوام، إنها مهد الحضارة الإنسانية، وكل تعاون يقوم بين مصر وتركيا يدفع حتى الى السلام والاستقرار في الشرق الأوسط ويعني التقدم والرخاء لشعبينا ولشعوب المنطقة، ولذلك أتوق الى تبادل التشاور والتباحث مع أخي العزيز الرئيس مبارك، الذي يربطني به تعاون طيب جداً يدفعنا الى تبادل زيارات العمل والتشاور في مختلف الأوقات، إيماناً منا بأن من الممكن ان يتحقق لبلدينا ما هو أفضل مما هما فيه من علاقات. فمصر وتركيا جاران، فالبحر المتوسط يجب ألا يقسمنا، بل يجب ان يوحدنا، ونحن قادرون دائماً تبادل الآراء بأن مصر وتركيا تقوم نظرتهما الاستراتيجية على السلام والاستقرار للجميع والسلام والاستقرار يعنيان الرخاء.
ان منطقتنا مليئة بالمشاكل، ولكن مصر وتركيا لا تثيران المشاكل، إنهما على العكس من ذلك تحاولان حل المشاكل القائمة.
على رغم التنسيق السياسي الوثيق بين القاهرة وأنقرة حول القضايا الإقليمية، فإن التبادل التجاري وتبادل الاستثمارات ما زالا في مستوى أقل، هل لنا ان نتوقع ان يعمل البلدان على تقوية علاقاتهما الاقتصادية من خلال تشكيل لجنة مشتركة وزارية لتركز بشكل خاص على القضايا الحيوية في العلاقات الثنائية؟
- حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا يزيد باطراد، وطبقاً لإحصاءات عام 1998 وصل الى 800 مليون دولار اميركي، ومع ذلك هناك مجال لتوسيع نطاق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وسوف يكون تشكيل لجنة مشتركة على المستوى الوزاري مفيداً جداً في تعزيز وتنمية العلاقات الاقتصادية المصرية - التركية.
إننا نتفاوض حالياً حول مشروع اتفاق إقامة منطقة تجارة حرة، وأتوقع ان ينتهي البلدان خلال زيارتي لمصر من إعداد بيان نيات حول توقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة المصرية - التركية في نهاية العام المقبل.
اتفاقات وبروتوكولات
هل فكرتم في خطوات عملية محدودة تطرحونها على الرئيس مبارك لتدعيم العلاقات الثنائية في مختلف المجالات؟
- الاتصالات عالية المستوى بين البلدين ومستمرة بشكل منتظم، ويجري العمل من أجل توقيع اتفاقات وبروتوكولات بين مصر وتركيا في المجالات السياسية والاقتصادية والتقنية والاجتماعية بهدف تعميق التعاون بيننا.
هل يمكنكم اقتراح نهج مشترك يخدم المصالح الاقتصادية والسياسية للبلدين؟
- مصر وتركيا بلدان كبيران في الشرق الأوسط، كما سبق ان قلت، وأعتقد ان هناك مجالاً واسعاً أمام البلدين للإسهام المشترك في حل القضايا الإقليمية وزيادة التعاون الإقليمي. وأعتقد ان مصر وتركيا تستطيعان تعميق تعاونهما خصوصاً في المجال الاقتصادي، ولا شك في ان تعزيز العلاقات بين البلدين سيفيد شعبيهما وسيفيد أيضاً شعوب المنطقة كلها.
تلعب مصر دوراً كبيراً في الشرق الأوسط، وتتجه تركيا الى القيام بدور كبير في آسيا من خلال روابطها الوثيقة مع الجمهوريات الإسلامية، هل تعتقد ان مصر وتركيا بإمكانهما بناء مشاركة هدفها تحقيق الإستقرار والرخاء في هاتين المنطقتين تحديداً؟
- المؤكد ان مصر وتركيا تستطيعان معاً القيام بدور بناء في تحقيق الاستقرار والرخاء في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ومنطقة القوقاز وافريقيا وحوض البحر المتوسط، ومن الممكن ان تتحقق فائدة كبيرة في هذه الناحية عبر قيام الشركات المصرية والتركية معاً بتنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة في الدول الأخرى.
هناك بوادر قوية في اتجاه تصدير الغاز الطبيعي لتركيا من مصر، وسوف يعود هذا المشروع - لو تم - بالفائدة على البلدين، كما سيقوي التعاون الإقليمي. هل لنا ان ننتظر خطوات عملية في هذا الاتجاه في المستقبل القريب؟
- تهدف تركيا الى الحصول على احتياجاتها من الطاقة بأفضل طريقة ممكنة، سواء من ناحية السعر أو ضمان استمرار تدفق الخام، ولهذا فإنها تنوع مصادر الطاقة بكل السبل الممكنة من خلال دراسة جميع إمكانات السوق العالمية للبترول والغاز، واذ نفعل ذلك، فإن هدفنا هو تجنب الاعتماد على مصدر واحد، ومن أجل تحقيق هذا الهدف نعمل على تنويع مصادر إمدادات الطاقة، ونبحث عن المصادر البديلة بهدف إيجاد مرونة أكبر في الحصول على هذه الإمدادات وإيجاد ضمانة كافية من ناحية تأمينها.
وسعياً وراء تنويع مصادر الطاقة التي يعتمد عليها، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، دخلت تركيا في مفاوضات مع مصر حول إمكانات نقل الغاز الطبيعي المصري الى بلادنا، وفي هذا الاتجاه تم يوم 26 شباط فبراير هذا العام توقيع "بروتوكول حول خط أنابيب غاز طبيعي من مصر الى تركيا" وقد وقعه وزيرا الطاقة والبترول في البلدين، وطبقاً لهذا البروتوكول قرر الطرفان إجراء دراسات جدوى حول بديلين: الأول مد خط الأنابيب على الأرض عبر دول أخرى، والثاني مد الخط تحت مياه البحر المتوسط لنقل الغاز الطبيعي من مصر الى تركيا.
وفي نيسان ابريل عام 1999 اجتمع الخبراء من شركتي "الغازات البترولية المصرية" و"بوكاش" التركية في القاهرة لبحث الطريقين المقترحين، وخلال هذا الاجتماع اتفق الطرفان على توقيع بروتوكول يغطي البنود الرئيسية في اتفاق بيع الغاز لتشجيع أطراف ثالثة على الاشتراك في المشروع، والأكثر من ذلك ان الشركتين المعنيتين تهدفان الى إنهاء الدراسات الاقتصادية والتقنية المتعلقة بمد خط الغاز تحت مياه البحر قبل نهاية العام الجاري. والحقيقة ان تركيا ترغب في تنمية وتعزيز وتوسيع نطاق العلاقات الممتازة القائمة مع مصر في جميع المجالات.
ان لدينا اعتقاداً قوياً ان التعاون المصري - التركي في مجال الطاقة سيحسن العلاقات بين مصر وتركيا لمصلحة الطرفين، وسوف يسهم هذا التعاون بلا شك في تعزيز التعاون الإقليمي كذلك.
فرصة للسلام
بعد زيارتكم الأخيرة لمناطق الحكم الذاتي والأردن واسرائيل ما هو تقويمكم للوضع الراهن لعملية السلام في الشرق الأوسط؟
- زرت اسرائيل وفلسطين والأردن في الفترة من 14 الى 16 تموز يوليو الجاري وكان الإسهام في جهود السلام أحد أهداف هذه الزيارات.
ان هناك آمالاً وتوقعات جديدة ان ينتهي قريباً الركود الذي أصاب عملية السلام، وان تعود الى مسارها السابق، وتؤيد تركيا من كل قلبها هذا التطور باعتبارها مؤيداً قوياً لعملية السلام منذ بدايتها، وباعتبار أنها مرتبطة بعلاقات طيبة منذ وقت طويل مع جميع دول المنطقة.
ان إعادة تنشيط العملية السلمية في الشرق الأوسط ستطرح فرصاً جديدة لإقامة سلام عادل ودائم وتحقيق الرخاء المشترك لجميع شعوب الشرق الأوسط، وهناك اليوم جو من التفاؤل في المنطقة من هذه الناحية، وتعتقد تركيا ان هذه الفرصة يجب الا تضيع، وان هذا الجو الإيجابي يجب ان يستمر لمصلحة عملية السلام.
إننا على استعداد لمساعدة أصدقائنا في المنطقة بأي طريقة في وسعنا للإفادة الى أقصى مدى من هذا الجو الإيجابي على طريق السلام.
أديتم الصلاة في المسجد الأقصى، وقد استقبلنا هذه الصورة وأنتم تؤدون الصلاة وطبعناها مكبرة وملونة نقدمها هدية لكم.
- ضاحكاً هذا شيء طيب منكم انه فعلاً المسجد الأقصى، وأنا أصلي هناك، تقديري لكم كبير جداً شكراً لكم.
ما هي المعاني السياسية والدينية التي ترونها في هذه الصورة؟
- مجرد الصلاة كنت أصلي لله باعتباري مسلماً.
هذا فقط؟
- القدس اسمها المدينة المقدسة، هي البلد الأمين، ومنها بدأ نبينا الإسراء والمعراج، انها مكان مقدس، بل هي مكان عزيز جداً علينا، وقد صارت موضع نزاع سياسي. والحقيقة ان أطراف هذا النزاع يجب ان يكونوا حذرين جداً جداً. الإسرائيليون عليهم ان يكونوا حذرين جداً في ما يتصل بأمر هذه المدينة. ان هناك ثلاث ديانات كبيرة لها وجود في القدس: الإسلام والمسيحية واليهودية.
وظلت القدس تحت حكم الامبراطورية العثمانية لمدة 200 عام من دون ان تعترض أي ديانة من الديانات الثلاث أي مشكلة، فخلال تلك الفترة لم تكن هناك أي ديانة محجوبة عن القدس، لا الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية، وبالتالي اعتقد ان وضع القدس الآن يمثل مشكلة كبيرة، وعلى الجميع ان يتفهموا هذه المشكلة، وبالتالي لا بد من حل عملي لمشكلة القدس، وأعتقد ان هذا الحل سيأتي في نطاق عملية السلام في الشرق الأوسط.
لقد قلتم بالفعل بعد اجتماعكم مع رئيس وزراء اسرائيل إيهود باراك انكم متفائلون، ولكن ما هو الأساس الذي يقوم عليه تفاؤلكم؟
- ثار انطباع لدي خلال مباحثاتي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي باراك بأن رئيس الوزراء الجديد مستعد وراغب في بذل جميع الجهود اللازمة لإحياء العملية السلمية في اتجاه إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وتؤكد تصريحات بارات المختلفة هذا الإنطباع.
لكن ألم يتغير رأيكم بعد لقاء باراك مع الرئيس الاميركي كلينتون في واشنطن؟
- دعني أقول لك لماذا أنا متفائل، العداوات أياً كان نوعها لا تدوم الى الأبد. يأتي وقت وتتوصل الأطراف الى حل والعداوات الموجودة في الشرق الأوسط عمرها 50 سنة، وأعتقد ان الوقت حان لإنهائها. وأعتقد أنها لو انتهت فسوف يمثل هذا فائدة كبيرة للشرق الأوسط وشعوبه. ففي السلام مصالح لأطراف الصراع المباشرة وأطرافه غير المباشرة، بل فيه مصالح لجميع الأطراف. ودعنا نتحدث عن السلام بين مصر واسرائيل، فلولاه لكان الوضع في البلدين اليوم في غاية السوء. ويجب ان يعمّ السلام المنطقة كلها.
واعتقد ان الجميع يريدون السلام في فلسطين وسورية ولبنان والأردن واسرائيل، فقد فاض بهم الكيل، وأعتقد أنهم جميعاً يستحقون السلام.
نعم هناك من يريدون استمرار العداوات وبإمكاننا ان نجدهم في كل مكان وهؤلاء لا أعطيهم أي ثقة، فالتفكير العاقل لا بد ان يضع في الاعتبار مصالح الشعوب، وقد جاءت عملية السلام بعد سنوات وسنوات من القتال والحرب والتفاوض.
لقد زرت الرئيس ياسر عرفات مرتين في غزة، مرة عام 1996 وأخرى هذا العام كما تعلمون. ولقد عاد هذا الرجل الى غزة في نطاق عملية السلام، وقد تغير الكثير والكثير بين عامي 96 و99. فغزة كلها تجري فيها عمليات البناء وبينها عمارات كبيرة، وذهبنا للصلاة يوم الجمعة 16/7 في مسجد جديد، وبعد انتهاء زيارتي سافرت من مطار غزة. ان هناك دولة في هذا المكان، ولو استمرت عملية السلام فسوف يكون هناك اتصال بين الضفة وغزة وستحدث أشياء كثيرة مهمة، وستتحقق نتائج أفضل بكثير مما تحقق.
الناس أمامهم اختياران، الأول: ان تتقدم عملية السلام، والثاني: ان تّعوق العملية السلمية ويعود الجميع الى الصراع والحرب والقتال. وأعتقد ان الاختيار سيقع على تعزيز عملية السلام. ولقد شعرت بهذا في لقائي مع إيهود باراك ورئيس اسرائيل عيزرا وازمان وغيرهما ممن تحدثت اليهم في اسرائيل، وشعرت بهذا أيضاً وأنا أزور عرفات في غزة، وكذلك وأنا في الأردن حيث أجريت مباحثات مع الملك عبدالله.
الأول مهم جداً جداً، أنا لست الشخص الوحيد المتفائل، فالشعوب في الشرق الأوسط لديها أمل، وأنا متأكد ان أخيي العزيز الرئيس مبارك لديه أمل أيضاً. فمصر قوة دافعة للسلام، وأنا متأكد ان علاقات تركيا مع مصر ستكون أفضل بكثير في ظل التسوية السلمية الشاملة، فسوف يكون ممكناً الإنجاز الكثير من الأشياء المهمة.
وعلى سبيل المثال نحن نخطط مع مصر لمد خط أنابيب الغاز الى تركيا، ومن الممكن مد هذا الخط حالياً الى اسرائيل، ولكنه سوف يقف هناك، فكيف يمكن ان يمر عبر لبنان وسورية ان لم يكن هناك سلام؟!
وباستطاعتي ان أسوق أمثلة أخرى كثيرة واعتقد ان هذا هو ما يجعلني أشعر بالتفاؤل.
تفاءلنا فعلاً بسقوط رئيس الوزراء السابق بنيامين نيتانياهو وانتخاب باراك، ولكن رئيس الوزراء الجديد أطلق أربع لاءات حول القدس والحدود والمستوطنات والجيش الفلسطيني! وهذا ما جعلني أطرح السؤال: هل ما زلت متفائلاً.
- يجب على كل حال ان نبقى متفائلين، فمن السهل جداً ان نغضب، وهناك الكثير من الأسباب التي أستطيع ان أشير اليها وتثير الغضب، ولكن هناك ما يثير التفاؤل ويبعث على الأمل، لقد قال لي باراك انه يريد السلام وإنه سينفذ اتفاق واي ريفر وانه سوف يفي بالتعهدات والالتزمات التي تفرضها جميع الاتفاقات، وانه سيفعل كل هذا بالاشتراك مع ياسر عرفات، ويجب ان يكون السياسيون متفائلين. على كل حال وأنا في الحقيقة لا أخدع أحداً بما أقول، فالتفاؤل الموجود لدي لم أشعر به منذ سنوات وعلينا جميعاً ان نساند هذه الفرصة، فهذه الفرصة للسلام يجب ألا تضيع.
تربط بلادكم علاقات مهمة مع كل من اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، على أي وجه تأملون استخدام هذه العلاقات في تعزيز عملية السلام وتسهيل التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين؟
- فعلاً هناك علاقات ممتازة تربط تركيا بكل من اسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتركيا مستعدة لتقديم أي إسهام في استطاعتها لمساندة المفاوضات على المسار الفلسطيني من أجل إقامة السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.
بعد جهود الوساطة التي قام بها الرئيس مبارك وافقت تركيا على توقيع اتفاق أمني مع سورية. ألا تعتقدون ان الباب صار مفتوحاً الآن لتقدم جوهري في علاقات بلادكم مع دمشق؟ ولماذا لم تكن هناك اجتماعات على المستويات العليا بين المسؤولين في البلدين، أو حتى عقد حوار سياسي بينهما بعد توقيع هذا الاتفاق؟
- بعد توقيع مذكرة الإتفاق بين البلدين في أضنة بدأت العلاقات التركية - السورية تعود الى طبيعتها، وزار تركيا هذا العام نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، وسوف تجتمع هذا العام أيضاً اللجنة المشتركة للنقل. وسوف ينفتح الباب لمزيد من التعاون والاتصالات عندما يتحقق تقدم في مجال التعاون الأمني، ويتم التوصل الى حل يرضي الطرفين لمشكلة الإرهاب.
هل تعتزمون زيارة سورية أو دعوة الرئيس حافظ الأسد لزيارة تركيا؟
- زيادة التعاون السوري في مكافحة إرهاب حزب العمال الكردستاني وإزالة وجوده نهائياً من سورية سيرسي بلا شك أساس علاقات جوار طيبة بين تركيا وسورية.
لا تحالف استراتيجياً
طرحت وسائل الإعلام التركية افتراضاً في الآونة الأخيرة يقول ان علاقات التعاون الاستراتيجي بين تركيا وسورية ستتأثر سلباً بتوقيع الاتفاق الأمني الإسرائيلي - التركي، هل ترون هذا صحيحاً؟
- لا، أولاً لا بد ان أوضح نقطة هي: انه لا يوجد اتفاق استراتيجي بين تركيا واسرائيل، ان لدينا فقط اتفاقين للتدريب العسكري والتعاون في مجال الصناعة العسكرية مع اسرائيل وفضلاً عن ذلك لا تزيد هذه الاتفاقات على كونها مسودات اتفاق، أضف الى ذلك ان هذا النوع من الاتفاقات موجود بيننا وبين 30 دولة أخرى بينها 9 دول عربية، وبالتالي فإن العلاقات التركية مع اسرائيل ليست موجهة ضد أي دولة ثالثة، وعلى ذلك فإنه يجب النظر الى علاقات تركيا مع اسرائيل وعلاقاتها مع سورية كلاً على حدة.
إنني أعود لأسألكم عن سورية واتفاقها الأمني مع بلادكم، لماذا لا يتم تطوير هذا الاتفاق ودفعه الى الأمام؟ ولماذا لا تتحدثون مع الرئيس السوري حافظ الأسد؟
- أبدا. أنا تحدثت مع الرئيس الأسد، بل ذهبت إليه في سورية عام 1993، ودار بيننا حديث طيب استمر ست ساعات، وهناك الى جانب ذلك حدود مشتركة تمتد مئات الكيلومترات، وشعبانا شقيقان مسلمان، فعلى هذا الجانب من الحدود شعب مسلم وعلى ذاك الجانب شعب مسلم أيضاً، ولا يمكن تقسيم الشعبين، وهناك على الجانب التركي من الحدود ناس يتحدثون اللغة العربية وعلى الجانب الآخر ناس يتحدثون اللغة التركية، ولا بد إذن ان تقوم علاقات ودية وحسن جوار بين البلدين.
وبهذه المناسبة دعني أقدر كثيراً جداً الدور الذي قام به الرئيس مبارك في حل المشكلة التي كانت قائمة بين تركيا وسورية. لقد ذهب الى دمشق، وتحدث مع الرئيس حافظ الأسد ثم وقعت سورية وتركيا اتفاقاً أيضاً في ما بعد. ولن ننسى المساعدة الأخوية والودية من جانب مصر في هذا المجال، ويجب ان يكون السوريون أيضاً ممتنين لمبارك ودوره.
دعني أيضاً أجدد سؤالي عن غياب الزيارات المتبادلة بين تركيا وسورية.
- هناك مسؤولون أتراك يذهبون ويجيئون، وهناك مسؤولون سوريون يأتون ويعودون، وهناك جنود وضباط من كلا البلدين يتبادلون الزيارات عبر الحدود، ونحن نريد علاقات طيبة جداً مع سورية، لأنها تحقق مصلحة البلدين والشعبين.
أغلبية العرب تنظر الى تركيا باعتبارها بلداً إسلامياً مهماً تربطه علاقات ممتدة في الزمن مع العالم العربي، ولكن توقيع اتفاقات الأمن والدفاع آثار قلق كثير من جيرانكم، هل هناك رسالة توجهونها الى الشعوب العربية تقلل المخاوف من أن تكون علاقات بلادكم على حساب العرب؟
- ترتبط تركيا بروابط تاريخية وثقافية عميقة الجذور مع العالم العربي، وتربطها علاقات طيبة وأخوية مع جميع الدول العربية، أما بالنسبة لعلاقات تركيا مع اسرائيل فإنها، كما قلت آنفاً، ليست موجهة الى بلد ثالث، ويجب ان ينظر اليها وفق ظروفها الخاصة بها. ورسالتي الى العالم العربي هي انه يجب أن يكون متأكداً تماماً من أن علاقات تركيا مع اسرائيل لن تكون أبداً على حساب العرب بل لفائدتهم.
هناك مفاوضات بين تركيا وكل من سورية والعراق تعود الى سنوات بعيدة مضت حول تقاسم المياه بين الدول الثلاث، ولكن تركيا أعلنت أخيراً أنها ستقدم المياه لاسرائيل، فكيف تفسرون هذا التناقض؟
- في البداية لا بد ان أشير الى ان تركيا ليست بلداً غنياً بموارد المياه، والأكثر من ذلك انها ليست أغنى بلد في المنطقة بالمياه.
وإذا أخذنا هذا في الاعتبار فسنجد ان تركيا أعطت على الدوام أهمية قصوى لترشيد استخدام مواردها المائية. وبالتالي كسبت تركيا خبرة واسعة في تنمية وإدارة موارد المياه، وانجازاتنا تؤكد هذا. وقد تم تخطيط المشاريع التركية في هذا المجال على أساس الاستفادة على أكمل وجه من مواردنا المائية القومية ومواردنا الآنية عبر الحدود.
ويعد مشروع جنوب شرق الأناضول مثالاً فريداً على الاستفادة القصوى من موارد المياه. ويشتمل هذا المشروع المتكامل على استثمار مشاريع تنمية المياه الى جانب تنمية البنية الأساسية الحضرية والزراعية، وتنمية النقل والصناعة والتعليم والصحة والإسكان. ويجري تأكيد التنمية الاقتصادية السريعة في هذه المنطقة من خلال تنفيذ المشروعات الأخرى في جنوب شرق الأناضول.
ان هناك على وجه الإجمال 13 مشروعاَ تشتمل على 21 سداً و19 محطة توليد كهرباء هيدروليكية وشبكات وأنفاق ري متعددة. وبعد تنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول ستتم إضافة مليون و700 ألف هكتار الى الأرض المزروعة في تركيا وتمثل نسبة 20 في المئة من الأرض التي تزرع بالري. وسوف يتكلف المشروع بأكمله 32 بليون دولار، وتم الى الآن إنفاق 16 بليون دولار منها 4 بلايين دولار لسد ومحطة كهرباء أتاتورك الهيدروليكية.
في هذا النطاق لست في حاجة الى القول ان السدود التي بنتها تركيا أدت بالتأكيد الى تغيير مهم لمصلحة كل من سورية والعراق. ففي الفترة السابقة على السدود كان هناك تفاوت حاد في تدفق المياه حسب الظروف الطبيعية، فقد جرت العادة على ان تكون هناك فيضانات في الشتاء والربيع تعقبها فترات جفاف حاد في الصيف. ومنذ اكتمال السد يتمتع العراق وسورية بتدفق منتظم للمياه حتى في أكثر فترات الصيف جفافاً.
ومن الناحية الأخرى تعطي تركيا أقصى أهمية للتخفيف من حدة مشكلات الندرة المائية في المنطقة، ويعد مشروع "سوجوكسو" مثالاً حياً بدأناه في العام الماضي. وسوجوكسو نهر وطني تركي، وبإتمام هذا المشروع صارت جمهورية شمال قبرص التركية تستقبل المياه المنقاة باطراد.
والى جانب مشروع سوجوكسو هناك مشروع "ماناوجاط" الذي أقمناه أيضاً لتنمية الموارد المائية، بغرض التخفيف من ندرة المياه في بعض مناطق تركيا وفي الأطراف المهمة. وبالتالي فإن مشروع ماناوجاط للموارد المائية سوف يسهم في تنمية الموارد المائية على المستوى المحلي، كما يوفر مياه الشرب في هذه المنطقة من العالم. وفي هذا الإطار تم تصميم هذا المشروع لسحب 500 ألف متر مكعب من المياه يومياً من نهر "مانا وجاط" التركي الذي تتدفق فيه المياه بمعدل 140 متراً مكعباً في الثانية أو 7.4 بليون متر مكعب في العام. والقدرة المحددة مبدئياً لهذا المشروع هي 180 مليون متر مكعب منها 90 مليون متر مكعب يمكن ضخها من دون تنقية و90 مليون متر مكعب بعد تنقيتها.
وفي الوقت الحاضر تم تنفيذ جميع الأشغال الخاصة بالمشروع سواء على الأرض أو على شاطئ البحر ويمكن إمداد الأطراف المهتمة بما تحتاج اليه من المياه.
وفي الختام، أريد ان أؤكد ان المفهوم المقبول على نطاق واسع لاستخدام المياه الجارية في أنهار عبر الحدود، يستند الى الاستفادة المتكافئة والمعقولة والقصوى من المياه في كل بلد تمر به هذه الأنهار.
وفي هذا الإطار اقترحت تركيا على جارتيها الجنوبيتين الشرقيتين العراق وسورية خطة ثلاثية المراحل منذ عام 1984 من أجل تحقيق حل يقوم على الاستخدام المتكافئ والمعقول والأقصى للمتاح من المياه في نهري دجلة والفرات. وتتطلب هذه الخطة تحقيق تقاسم المياه من خلال حساب ما لدى كل دولة من الأرض وموارد المياه، وان يقوم بذلك خبراء من الدول الثلاث.
ولسوء الحظ فإن سورية والعراق لم تردا الى الآن بصورة إيجابية على هذا الاقتراح البناء الذي تقدمت به تركيا.
هناك كما قلتم توقعات كبيرة بأن تقدماً سيحدث في عملية السلام بين العرب واسرائيل، كيف ترون دور تركيا الإقليمي حين يقوم السلام في المنطقة؟
- كان الشرق الأوسط ساحة صراع وتوتر لفترة طويلة من الزمن، وقد وقف هذا الصراع حجر عثرة في طريق تحقيق زيادة رفاهية شعوب المنطقة، وقد منعتنا العوائق السياسية في الشرق الأوسط فترة طويلة من إطلاق مبادرات التعاون الإقليمي. وأعتقد انه إذا تم التغلب على هذه العقبات فإن مناخاً ملائماً سيتوافر في المنطقة لتحسين الموقف الاقتصادي. وتركيا مستعدة لبذل أقصى ما في وسعها للإسهام في التعاون الاقتصادي والتنمية في المنطقة.
اوجلان وكردستان
شنت القوات التركية هجوماً جديداً على قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، فمتى تتوقف هذه الهجمات التي ينظر اليها العراقيون والعرب بعين القلق؟
- بعد حرب الخليج الأخيرة لم تعد هناك سلطة في شمال العراق، وقد استغل حزب العمال الكردستاني هذا الفراغ في ارهاب المواطنين الأتراك، وكذلك سكان شمال العراق. وتتم عمليات الجيش التركي في شمال العراق بالتعاون مع الأحزاب المحلية في شمال العراق للرد على المذابح التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني.
ولا بد ان أذكرك بأن هذه العمليات محدودة دائماً، سواء الحجم أو الوقت الذي تستغرقه، ثم تعود القوات التركية الى قواعدها في بلادنا بعد ان تنفذ عملياتها بنجاح.
لم يعد خافياً اليوم ان الولايات المتحدة تسعى بقوة من أجل الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، ما هو موقف تركيا من هذا الأمر؟ وهل عرضتم أي مساعدة للولايات المتحدة في هذا الاتجاه؟
- ليس من تقاليد السياسة الخارجية التركية التدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر.
كان اعتقال عبدالله أوجلان نجاحاً كبيراً للأجهزة الأمنية التركية، ومع ذلك قوبل هذا الأمر بمظاهرات الغضب في تركيا وخارجها. متى وكيف ينتهي هذا الصراع الدامي؟ وهل تؤيدون شخصياً تنفيذ الإعدام في زعيم الحزب الكردي؟
- أولاً لا بد ان أوكد ان الإرهاب - وفقاً للقانون الدولي - لا يمكن تبريره تحت أي ظرف من الظروف. فالإرهاب يعني استخدام العنف لأغراض سياسية.
وقبل ان أجيب عن سؤالك بالتفصيل، لا بد ان أشير الى ان تصويركم للموقف بأنه "الصراع الدامي" يحتاج الى تصحيح من أجل الحكم على الموقف بشكل ملائم. والحقيقية انه يجب وصف الوضع بأنه "صراع"، فما تواجهه تركيا منذ سنين طويلة هو إرهاب حزب العمال الكردستاني، ومن الحقوق المشروعة والأصيلة للدول ان تكافح الإرهاب، وهناك أيضاً تعهدات والتزامات دولية توجب على الدول المختلفة ان تبدي تعاوناً في هذا المجال حتى يتم استئصال شأفة الارهاب وإزالة خطره على اللانسانية.
وباعتبار أوجلان الرئيس الوحيد لحزب العمال الكردستاني فإنه يتحمل مباشرة المسؤولية عن قتل 30 ألف شخص بينهم ألوف المدنيين. ومعظمهم من أصل كردي. وقد اعترف بهذا على الملأ في محاكمته في جزيرة إمرالي. لقد قاد أوجلان الهجمات التي تسببت في دمار اقتصادي واجتماعي هائل في جنوب شرق تركيا.
لذا يجب ألا ينسى أحد ان محاكمة اوجلان كانت محاكمة لمجرم تسبب في مصرع 30 ألف شخص، منهم 25 ألف تركي من أصل كردي، لم يكن الأمر اذن محاكمة متصلة بما يسمى المسألة الكردية، بل كانت محاكمة لمجرم متوحش.
مرة اخرى هل تعتقدون ان الحكم سينفذ في اوجلان؟
- لا أستطيع أن أقول شيئاً، وحين يتخذ البرلمان قراره في هذا الأمر اذا أيدت المحكمة الاستئنافية الحكم، فإن قرار البرلمان سيحال الي باعتباري رئيس الدولة وعندئذ سأقول كلمتي.
اوروبا ومشكلة قبرص
طلب تركيا الانضمام الى الاتحاد الاوروبي ما زال موضع تجاهل على رغم محاولات بلادكم تحقيق متطلبات عضويتها، ما قولكم؟
- العلاقات التركية مع الاتحاد الاوروبي تمر بمرحلة صعبة منذ مؤتمر قمة الاتحاد في لوكسمبورغ الذي تم فيه إقرار قواعد العملية الجارية حالياً لتوسيع الاتحاد، وتعرضت تركيا لعملية تمييز وتم وضعها خارج هذه العملية. ومع ذلك فإن تركيا عازمة على القيام بالواجبات التي يفرضها عليها اتفاق الانتساب، تماشياً مع التزاماتها.
قامت تركيا بدور ايجابي في حرب كوسوفا، ولكن اليونان التي عارضت الحرب بعد قيامها بقليل أدخلت قواتها الاقليم قبل القوات التركية، هل كان ذلك محاولة من جانب الناتو لتهميش الدور التركي في التحالف الأطلسي؟
- أولاً، هذا السؤال افتراضي بحت، فانتشار قوات الدول في كوسوفا تم طبقاً للترتيبات التي وقعها الحلف، واحتاج مرور هذه القوات في دول ثالثة مثل بلغاريا الى اتفاقات منفصلة توصل اليها الناتو وهذه الدول، ولما تقدم من أسباب فان دولاً أخرى ربما نشرت قواتها في الاقليم قبل تركيا.
ومع ذلك فإنني سعيد بأنني الاحظ ان أهل كوسوفا استقبلوا القوات التركية بحماس، واستكملت انتشارها بسرعة، وبدأت بسرعة أيضاً وبكفاءة تنفيذ الواجبات التي حددتها قيادة قوة السلام في كوسوفا.
هل هناك تطورات في العلاقات التركية - اليونانية خصوصاً في ما يتصل بالنزاع في قبرص؟
- تعلم ان اليونان لعبت دوراً مهماً في تدمير المشاركة في قبرص في عام 1960، وكان هدفها النهائي ضم قبرص، وقد حاولت تحقيق هذا الهدف منذ 25 عاماً، ولكن هذا المشروع مني بالفشل، ولم تجد تركيا مفراً من التصرف المنفرد لإحباط المخطط اليوناني.
وقد احتفلنا أخيراً بالذكرى الخامسة والعشرين لعملية السلام التركية في قبرص، ومنذ عام 1974 يسود الاستقرار والأمن في قبرص، ولم يعد القبارصة اليونانيون قادرين منذ ذلك الوقت على استخدام القوة ضد القبارصة الأتراك، ويعيش الشعبان جنباً الى جنب في دولتهم، وامتازت الفترة التالية لعام 1974 بالتنمية الاقتصادية في الجزيرة، ويتمتع الجانب التركي من الجزيرة بالرخاء على رغم الحظر الظالم المفروض عليه.
ومن الآن فصاعداً، فإن أهم شيء تحتاج اليه قبرص هو التوصل الى اتفاق سلام بين الدولتين أي اتفاق عادل قابل للتطبيق، ومن الممكن تحقيق ذلك إذا أخذت حقائق الموقف في الاعتبار.
أصبح واضحاً انه لا يمكن تحقيق تقدم في أي مباحثات إلا اذا تحققت النية في ما يتصل بالوضع القائم.
وكما كان الأمر من قبل، يتصرف الأتراك انطلاقاً من النيات الحسنة، ويبذلون الجهد سعياً الى تسوية. وتبين دعوتنا الأخيرة الى اقامة اتحاد كونفيدرالي في قبرص التزامنا بالتوصل الى اتفاق عادل وسلمي.
ما هي طبيعة المشاكل القائمة في العلاقات التركية - الايرانية؟
- تركيا وإيران بلدان كبيران في هذه المنطقة، وفي البلدين نظامان سياسيان مختلفان، ونحن لا نستطيع ان نصحح نظامهم، وهم لا يستطيعون تصحيح نظامنا. ونحن لا نستطيع تغيير نظامهم وهم كذلك لا يستطيعون تغيير نظامنا. الشيء الطيب في الموضوع أننا لم نكن في نزاع معهم طوال مئات السنين. ونحن بلدان مسلمان على رغم وجود أكثرية شيعية على الجانب الايراني، وأكثرية سنية على الجانب التركي. ان هناك بعض المشاكل مثل الإرهاب، ونوقش معهم بين وقت وآخر، وهناك تعاون بين البلدين في هذا المجال الى الآن.
قال الإيرانيون ان طائراتكم قصفت أراضيهم وقلتم ان هذا لم يحدث فأين الحقيقة؟
- الأمر ينطوي على سوء فهم، وقد يحدث انتهاك للحدود بين وقت وآخر وبصورة أو بأخرى. أما في ما يتصل بالادعاء الأخير، فإنه أمر لا بد من التحقق منه، وقد شكّلنا لجنة مشتركة لهذا الغرض، والحقيقة ان الايرانيين يثيرون الكثير من الضوضاء. فتركيا دولة كبيرة ليس من شأنها ان تفعل مثل هذا الشيء الذي يتحدثون عنه ثم تتنصل منه، اننا حريصون جداً في هذا المجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.