في المنطقة اليوم حلف عسكري جديد طرفاه الأساسيان تركيا واسرائيل، واستهدافاته متعددة منها سورية والعراق، وربما قبرص مستقبلاً. ما هو تقييمكم الخاص لمستقبل الوضع في المنطقة على خلفية ذلك؟ - في نظرنا أن التحالف العسكري بين اسرائيل وتركيا خلق بلا شك وضعاً جديداً في منطقة شرق حوض المتوسط خصوصاً والشرق الأوسط عموماً، والتي تعتبر واحدة من أكثر المناطق حساسية وعرضة للانفجار في العالم، أخذين في الاعتبار، أيضاً، أنها تتاخم منطقة الخليج التي ما تزال الاحداث التي جرت فيها حية في ذاكرتنا. إن التحالف العسكري بين اسرائيل وتركيا بكل ما يتضمنه أخل - بشكل واضح - بالتوازن الحساس في المنطقة، وتسبب بقلق عميق لكافة بلدان المنطقة وليس فقط الدول العربية المجاورة. وبالتالي ليس خافياً على أحد أن هذا التحالف يشكل لنا أيضاً مصدراً للقلق لأسباب عديدة. وكما تعلمون نقلتُ شخصياً قلق حكومة قبرص بهذا الشأن على كافة الأصعدة الى رئيس دولة اسرائيل عازار وايزمن خلال زيارته الاخيرة إلى قبرص. إن قلقنا مشروع وحقيقي ونحن متأكدون من أن اصدقائنا الإسرائيليين يدركون ذلك. إن قبرص تتمتع بعلاقات صداقة وتعاون في مجالات عدة مع دولة اسرائيل، وفي نيتنا الإبقاء على هذه العلاقات وتعزيزها، على رغم الصعوبات، وذلك من منطلق إيماننا بأن ذلك في صالح كل من قبرص وإسرائيل لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. من جانب آخر، تتمتع قبرص منذ نيل استقلالها سنة 1960 بعلاقات صداقة وتعاون ممتازة مع جيرانها العرب على الأصعدة كافة. وفي ما يتعلق بمسألة الشرق الأوسط، فإن قبرص وقفت دائماً إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني وخصوصاً حقه في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة. وفي الوقت ذاته، وعلى المستوى نفسه، وقفت قبرص إلى جانب حق كل دول المنطقة في الوجود بما في ذلك اسرائيل. ومنذ توقيع اتفاق اوسلو سنة 1993 بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ساندت قبرص بفعالية عملية السلام على مختلف الأصعدة. ونحن لا زلنا نساند عملية السلام في ضوء التطورات الجديدة ومستعدون، دائماً لتقديم أي مساهمة لإنجاحها، حتى وإن كانت متواضعة وذلك ضمن امكاناتنا المتوافرة. وأؤكد، هنا، أن أحد أبرز اهداف سياستنا الخارجية كان ولا يزال المحافظة على علاقات الصداقة والتعاون بين جيراننا، وتعزيز هذه العلاقات. ونحن نؤمن بأن هذه السياسة تخدم ليس فقط مصالح الشعب القبرصي ككل، بل أيضاً مصالح الشعوب كلها، اضافة إلى مسألة السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. وأود أن أعبر عن الأمل الكبير بأن لا يلقي الاتفاق العسكري بين اسرائيل وتركيا بظلاله على فرص تحقيق مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. إن الاتفاقات العسكرية - هي آخر ما تحتاجه منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن - يجب ألا يكون هنالك أي خيار آخر في المنطقة غير استتباب السلام وسيادة القوانين الدولية، وهو الأمر الذي تحتاجه منطقة الشرق الأوسط وشعوبها. جزيرة منزوعة السلاح طرحت على كوفي أنان فكرة جزيرة منزوعة السلاح. ما هي الأمكانات الواقعية لتحقيق ذلك لا سيما أن الأتراك يرفضون ذلك كلية بينما يبدو الموقف الأميركي مائعاً، أو هو ، على الأقل، يعتبر الفكرة غير واقعية في بعض جوانبها؟ - على رغم الموقف التركي السلبي بخصوص نزع السلاح من الجزيرة، فإنني أؤمن بأن مشكلة الأمن المتعلقة بشعوب قبرص واليونان وتركيا لا يمكن أن تحل نهائياً إلا عن طريق نزع السلاح. شخصياً سوف أسعى في هذا الاتجاه باستمرار وبمزيد من الإصرار والإيمان. وأنا واثق بأنه سيأتي الوقت الذي سيتم فيه تحقيق نزع السلاح، وذلك لأسباب تتعلق باهتمامات دولية وبالاستقرار المطلوب لهذه المنطقة الخطرة. علماً أنني قدمت عدة عروض بخصوص عملية نزع السلاح ولقيت موافقة الأممالمتحدة واعتُبرت واقعية وتم توثيقها. قبرص الأوروبية ما هي أبرز الترتيبات التي طلبت منكم لإتمام اجراءات دخولكم المجموعة الأوروبية، وما الذي انجز من هذه الشروط والاجراءات، حتى الآن؟ - أصدرت اللجنة الأوروبية رأيها حول طلب قبرص الانضمام إلى عضوية المجموعة الأوروبية في 30 حزيران يونيو 1993. واعترفت اللجنة بالهوية الأوروبية لقبرص. كما أكدت اللجنة على أن قبرص تتمتع بكافة شروط العضوية، وهي مؤهلة لتصبح عضواً في الاتحاد. وبعد البحث تبنى المجلس رأي اللجنة خلال اجتماعه في 4 تشرين الأول اكتوبر 1993. وبدأت رسمياً المفاوضات الخاصة بالانضمام بتاريخ 31/3/1998. ما هي نظرتكم الخاصة إلى مسألة انضمام تركيا إلى دول السوق الأوروبية المشتركة؟ - قبرص ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي حتى الآن، لذلك لا تستطيع الحكومة القبرصية إبداء أي رأي بهذا الموضوع. إلا أننا من موقعنا كمرشّحين، نرحب، أيضاً بطلب تركيا الإنضمام إلى دول المجموعة. اقترح المبعوث الاميركي ريتشارد هولبروك فكرة تشكيل وفد مشترك قبرصي تركي - قبرصي - يوناني في إطار تسوية فيديرالية للمشكلة، بدلاً من الإقتراح التركي القاضي بسحب ترشيح قبرص إلى الإتحاد الأوروبي، لئلا يبقى شمال الجزيرة مستبعداً، هل هناك أمل في تحقيق ذلك، وما هو البديل، إذا كان ذلك مرفوضاً من جانبكم؟ - في شهر آذار مارس 1998 وجهت دعوة إلى القبارصة الاتراك لتعيين ممثلين عنهم كأعضاء في فريق المباحثات الخاص بانضمام قبرص إلى المجموعة الأوروبية وما يؤسف له أن الدعوة رفضت من قبل القيادة التركية - القبرصية. وعلى رغم ذلك لا تزال دعوتي مفتوحة. إن رغبتنا بأن يعمل المواطنون القبارصة الأتراك ويساهموا معنا في مهمة تحضير قبرص للإنضمام إلى المجموعة الأوروبية بما يحمل المنفعة للجميع. نحن لا نعتبر أن من الحكمة أن يُستثنى القبارصة الاتراك من هذا الموضوع، ولا نرغب في ذلك. ولأن تركيا ليست عضواً في المجموعة الأوروبية فهي لا تملك حق نقض أي مسعى نقوم به في قبرص للإنضمام إلى المجموعة. من هي الدول العربية التي تقيمون معها علاقات تعاون مميزة، وما هي أفاق التعاون القبرصي العربي، وهل هناك ما يمكن أن يهدد هذا التعاون، أم أنه مرشح للتطور، وما الذي تتوقعونه من دعم عربي لقضيتكم، وفي المقابل ما الذي يمكن أنتم أن تقدموه للعرب في حال نشبت حرب سورية إسرائيلية مثلاً. - كما ذكرت في أجوبتي عن الأسئلة السابقة، تتمتع قبرص بأفضل علاقات الصداقة والتعاون مع الدول العربية المجاورة. وعلى رغم بروز بعض المشاكل سواء المهمة أو الصغيرة بين الحين والآخر، بين قبرص وبعض الدول العربية، إلا أنني لا أرى في الأفق أي شيء يمكن أن يهدد علاقات التعاون هذه. بل على العكس، أود أن أعلن بأننا نتطلع دائماً إلى تعزيز وتوسيع علاقات التعاون مع العرب في كلّ المجالات الممكنة. ونحن نشعر بأن قبرص، خصوصاً في ضوء انضمامها إلى المجموعة الأوروبية في المستقبل القريب، سيكون لديها الكثير لتقدمه في هذا السياق. وفي نيتنا البحث والتشاور مع اصدقائنا العرب حول كافة الإمكانات المتوافرة وفتح قنوات جديدة لتوسيع الاستفادة من التعاون المشترك. أما بالنسبة إلى الشطر الثاني من السؤال، فأود أن أعتبره سؤالاً افتراضياً علماً أن علينا أن لا ننسى أن 37 في المئة من الأراضي القبرصية لا تزال ترزح تحت الاحتلال العسكري التركي غير المشروع، الأمر الذي يشكل مصدر توتر وقلق لنا جميعاً. على أي حال، فإن نوايانا المعلنة والتزاماتنا تبقى خاضعة لحل القضية القبرصية عن طريق السبل السلمية عبر المفاوضات في ظل الأممالمتحدة وعلى أساس قرارات مجلس الأمن واتفاقات سنة 1977 و1979. من ناحية الدعم العربي أيدت الدول العربية كلها القضية العادلة لقبرص وسعيها للتحرر، والاستقلال، والسيادة، والوحدة. ونحن نقدر تأييدها القيم ونعوّل عليه باستمرار. أما في ما يتعلق بفكرة الحرب، فكما ذكرت سابقاً إن قبرص تؤيد مسيرة السلام في الشرق الأوسط. لكننا على رغم ذلك، نعلم مدى الصعوبات التي تعترض هذه المسيرة، وخصوصاً الصعوبات التي لا تزال قائمة بين سورية واسرائيل من جهة وبين لبنان واسرائيل من جهة أخرى. نحن نأمل أن تتوصل كل الأطراف المعنية إلى تجاوز هذه الصعوبات في أقرب وقت ممكن حتى تستأنف مسيرة السلام طريقها. نحن نعلم أن هذا ليس بالأمر السهل وأنه يجب تجاوز المناخ القائم على الشعور العدائي وعدم الثقة والشك وذلك باتخاذ المبادرات من مختلف الأطراف. نحن نؤمن بالسلام ولا نؤمن بالحرب. فالحرب ليست من مصلحة أحد. ما وراء قصة دخول الموساد على شبكة الهاتف القبرصية؟ وإلى أي مدى تعتبر تركيا ضالعة في الموضوع؟ وماذا وراء الزيارات الأخيرة لمسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى إلى قبرص، وهل ترتبط هذه الزيارات بقضية عضوي الموساد؟ - حكومة قبرص تعتبر، أنه نظراً لاسباب تتعلق بالدستور فإن امتيازات السلطة يجب ان تسود.