الإعلام، وتحديداً التلفزيوني منه، على صلة وثيقة بالسياسة في لبنان. ولكل مرحلة ملامح إعلامية خاصة. وجديد الإعلام المرئي والمسموع حدثان هما: الأول إعادة الترخيص لمحطة جديدة - قديمة بعدما كانت الحكومة السابقة حجبته عنها، وهي محطة "تلفزيون الجديد" نيو تي.في.، والثاني تحوّل محطة "ان.بي.ان" المقرّبة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري محطة إخبارية، يقتصر بثها على الاخبار والبرامج السياسية والثقافية والإجتماعية. وإذا كان حجب الترخيص سابقاً عن "نيو تي.في" ومنحه ل"ان.بي.ان" التي لم تكن تبث بعد، اثار تساؤلات وانتقادات للإنتقائية التي تعامل بها العهد السابق، وحصر التراخيص بالمحطات الموالية له، فإن إعادة الترخيص اليوم ل"نيو تي.في." وتحوّل "ان.بي.ان" نفسها محطة اخبارية، يثيران اسئلة مشابهة وأخرى مختلفة. فقد قيل ان الترخيص الذي منح ل"ان.بي.ان" لا يلحظ تحولها محطة اخبارية، ويفرض عليها ان تبث برامج درامية وأخرى للأطفال وأن تكون محطة عامة وغير متخصصة. والترخيص ل"نيو تي.في."، وهو حق حرمته لأسباب سياسية سابقاً يطرح سؤالاً من نوع آخر ومفاده ان حجم السوق الإعلانية التلفزيونية في لبنان لا يكفي لأن تعيش منها اكثر من محطتين، فكيف ستتقاسمه ست محطات؟ وهذه السوق تسير الى انكماش كما الكثير من القطاعات الإقتصادية. ويتحدث رجال الإعلان في لبنان عن نسبة تراجع تبلغ نحو 40 في المئة. أما المتفائلون فيقولون ان السوق ستنخفض من 55 مليون دولار في العام الفائت الى نحو 40 مليون دولار هذا العام، ما يعني ان هذه المحطات ستتكبل بأموال سياسية تعوض خساراتها وتثقل على المشاهدين. "الحياة" حملت هذه الأسئلة الى مسؤولي المحطتين وأسئلة أخرى تطاول انواع البرامج المنوي بثها عبرهما، فسألت السيد تحسين خياط رئيس مجلس إدارة "نيو تي.في.": أعاد مجلس الوزراء اللبناني الترخيص لكم، فما هي استعداداتكم لمعاودة البث، ومتى؟ عندما أقفلنا قسراً كان لدينا 325 موظفاً، فأبقينا الإنتاج، وعلى 50 موظفاً لا يزالون يعملون ولم نتوقف خلال الوقف القسري عن إنتاج البرامج التي اشتهرت في العالم العربي، والآن ننتج برامج اطفال وأفلاماً وثائقية للتحضير للبث الفضائي والأرشيف ولبيعها للخارج والداخل. نحن الآن في صدد إنتاج برنامج اسمه "نورا" كلفته تتفاوت بين 600 ألف دولار و800 ألف، وسيوازي الإنتاج العالمي للدراما. إذاً العناصر الفنية موجودة، وستشكل نواة المحطة. وعندما أعلنا أننا سنعيد فتح المحطة، فوجئت بعدد الذين اتصلوا بنا وأبدوا رغبتهم في العودة الى العمل، علماً انهم ليسوا عاطلين من العمل، وهم يعملون في مؤسسات اخرى. فمن حيث تجهيز المحطة بالعنصر البشري ليست هناك مشكلة. ووضعنا مهلة ثلاثة اشهر أمام أعيننا، لنبدأ بالبث. قد تطول وقد تقصر. سنبث ارضياً وفضائياً في الوقت نفسه، و24 ساعة في النهار، ونحن نفاوض لنأخذ مكاناً على أحد الأقمار الصناعية. هناك كلام أنكم ستكونون تلفزيون السلطة؟ - أنا افتخر بصداقتي لرئىس الجمهورية اميل لحود، ولكن لو كان لهذه الصداقة تأثير، لكنت طلبت منه ان يرخّص للمحطة من اول العهد. لكنني ابقيت قضيتي في القضاء ولم اقبل إلا أن آخذ حكماً عادلاً منه. أنا اقدم تحية الى الرئىسين لحود وسليم الحص، لأنهما امتثلا لحكم القضاء وأعادا الترخيص للمحطة، اما بالنسبة الى المحطة ووجهتها فأنا ليس لي اي دور شخصي فيها. 5 سنوات بقينا على الهواء وأنا رئىس مجلس ادارتها وتوظيفاتها كلها من اموالي ولم يحصل مرة واحدة ان شوهدت على الشاشة. ليس لدينا اي مرجعية سياسية محلية او اقليمية. جعلنا محطتنا في السابق منبراً حراً، وسنستمر في ذلك، وكل من ليس له صوت في لبنان سنكون صوته. ناضلنا في السابق وكان هدفنا تغيير الحكم ومحاربة الفساد. ووصلنا، لا بل تحقق اكثر من الذي نطمح اليه، جاء رئيسان هما قمة في العفة والنظافة، ولكن هذا شيء وموضوع الدفاع عن الحق والناس شيء آخر. نحن سنبقى محطة صوت الحقيقة، ولن يمنعنا شيء من قولها. السوق الإعلانية تنكمش، فكيف ستعيشون؟ - أعتقد ان السوق الإعلانية في لبنان تكفي، اذا سمحت الفرص، للمحطات ان تتنافس في شكل عادل. قيمة السوق الإعلانية الأرضية في بيروت كما يقولون 55 مليون دولار، لكنها في رأيي تتعدى ال80 مليوناً. لكن سوق الإعلان هذا العام انكمشت اكثر؟ - الإعلانات في السعودية يفوق حجمها هذه السنة بأضعاف حجمها في السنة الماضية على التلفزيونات. فانكماش السوق الاقتصادية لا يمنع من ازدهار سوق الاعلان، الشركات المعلنة موازناتها عالمية وفي الخارج، وخارج السوق المحلية. تطمحون إلى البث فضائياً، فماذا تريدون ان تقولوا للمشاهد العربي؟ - نحن المحطة الوحيدة المستقلة استقلالاً تاماً، في حين ان المحطات الاخرى مرتبطة بدولها وبأشخاص معنيين في الشأن العام. نحن مستقلون وسنبث بدعم مساهمين وسنتمنى على المسؤولين في هذا البلد تعديل قانون الاعلان حتى نتمكن من نيل حصتنا من السوق وأن يعدل قانون الاعلام لنُدخل مساهمين عرباً في الشركة. وماذا عن "ان.بي.إن"؟ وسألت "الحياة" السيد ناصر صفي الدين رئيس مجلس ادارة "ان.بي.ان": لماذا تحولتم محطة متخصصة بالأخبار؟ فأجاب: ما قيل في الاعلام ان "ان.بي.ان" تحولت من محطة عامة الى محطة متخصصة بالأخبار يثير تساؤلات. الأول: اننا قانونياً لا يحق لنا ان نتحول محطة متخصصة بالأخبار، وفي الواقع لسنا محطة اخبارية فحسب. القانون يفرض علينا نسباً معينة في انواع البرامج، وأنا من الأشخاص الذين يتساءلون عن مدى تحمل السوق الاعلانية في لبنان، عدداً من المحطات العامة، خصوصاً ان التوجه الآن في العالم هو الى التخصص. وبعدما غزتنا الفضائيات اكتشفنا عدد المحطات المتخصصة، وأصبحنا نرى محطة متخصصة بالأزياء او بالرياضة او بالأخبار. التخصص في "ان.بي.ان" هو في الاخبار وبالطريقة الاخبارية لتقديم البرامج، هناك ما يكفي في المحطات الموجودة تقدم حفلات فنية وسهرات ومنوعات، ونحن نعتبر، ولسبب اقتصادي، انه يجب ان يكون هناك نوع من التخصص في نوعية البرامج. والتساؤل الثاني يتعلق بواقع ان نجاح محطة يتوقف على نجاحها على الصعيد الاقتصادي. اليوم هناك مشكلة تأمين الموارد، وعبر دراسات سريعة، نجد أن المشاهد اللبناني والعربي، وبنسبة 65 في المئة، يركز على النشرة الاخبارية. الاخبار هي جاذب ل65 في المئة من المشاهدين. والأمر الأهم كان تحول المشاهد اللبناني الى مشاهدة الفضائيات العربية والغربية الأخرى، بعد غزو الصحون اللاقطة التي اصبح في امكان المواطن بمبلغ عشرة دولارات اميركية شهرياً ان يلتقطها. وهذا اثّر في السوق الإعلانية المحلية وفي انكماش السوق وضيقها في وجه المحطات الارضية. لهذه الاسباب تحولنا الى التخصص لموضوع الأخبار. هناك رأي يقول ان "ان.بي.ان" محطة محسوبة على جهة سياسية، وهذا ما يضعف صدقية اخبارها، والمحطات التي تعاني عادة مشكلة كهذه تلجأ الى تقوية البرامج الأخرى. انتم فعلتم العكس، اذ وزّعتم نقطة ضعفكم على مساحة وقت البث كله؟ - الجهة السياسية التي تعنيها ليست سراً، انها الرئىس نبيه بري، وما قاله الرئيس بري علناً عندما حصل توزيع المحطات، انه لا يطالب بحصة، ولكن عندما تحصل محاصصة فمن حقه ان يطلب حصة، وطلبها. ولكن لا يعني ان هذه المحطة التي تملكها شركة مساهمة لبنانية هي ملك الرئىس بري. ففي الشركة اوسع قاعدة مساهمين متنوعين في لبنان، وهم مسجلون ويمكنك الاطلاع على اسمائهم. انا معك في انها ستكون فاشلة لو كان لها توجه سياسي معين، ولك ان تحكم لاحقاً اذا كنا ننقل الاخبار بموضوعية وأمانة، وإذا كانت ستفسح في المجال لجمع وجهات النظر من خلال الاخبار وبرامج ال"توك شو" اذ نحن اكثر محطة لديها عدد من برامج ال"توك شو" على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي. هل تعتمدون في تمويل المحطة على السوق الاعلانية اللبنانية؟ - هذا امر صعب، اليوم هناك محطات سبقتنا الى البث، ولديها تجارب، وصلت الى مأزق على صعيد السوق الاعلانية المحلية، لذلك كان قرارنا ان نبث فضائياً في اول العام المقبل، والسبب بسيط هو ان سوقنا الاعلانية محدودة ومنكمشة، فالتوجه فضائياً بسبب طموحنا الى حصة في السوق الاعلانية العربية. لكنكم محطة لبنانية وأخباركم لبنانية في الدرجة الأولى، والمشاهد العربي معني بهذه الاخبار، لكنه معني اكثر بأخبار بلده؟ - أولاً الاخبار لن تكون لها طابع محلي، وسيكون للمحطة مندوبون في مختلف العواصم المهمة. وثانياً فان الخبراللبناني يهم المواطن العربي، وله تمايزه وإمكان تسويقه اكثر من اي خبر آخر.