أعلن رئيس حكومة إسبانيا خوسيه ماريا أزنار تأييد بلاده للتطلعات اللبنانية لسلام شامل ودائم، آملاً أن يتوصل لبنان إلى أمن مستقر، وذلك خلال زيارته للبنان في يومها الثاني والأخير التقى خلالها الرؤساء الثلاثة وجرى تجديد البروتوكول المالي بين البلدين. استهل ازنار نشاط يومه الثاني بالمشاركة في الجلسة الختامية لندوة رجال الاعمال اللبنانيين والإسبان المجتمعين في فندق "كومودور" في بيروت، وإلى جانبه رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص الذي شدد في كلمة على "اهمية دور القطاع الخاص في دفع العلاقات وتنويعها وإعطائها الديناميكية". وأكد "ان الحكومة تتمسك بايجاد الإطار الأمثل لتسهيل التعاون بين البلدين وتكثيف فرص اقامة المشاريع المشتركة في التجارة والاستثمار"، معلناً "ان تجديد البروتوكول المالي بين إسبانيا ولبنان الذي تمّ توقيعه وهو احد ركائز هذا التعاون، واتفقنا على جعله اكثر مرونة ووضع آلية تسمح بتفعيل وتسريع استعماله، ستوضّح الرؤية امام الشركات اللبنانية والإسبانية على السواء، لكي تتمكن من التخطيط للإستفادة من البروتوكول سريعاً". واشار الى "اهمية القطاعات التي يشملها البروتوكول كالنقل والاتصالات والصحة والمياه والصرف الصحي، وغيرها من بنى تحتية اجتماعية ستسهم في انماء المناطق النائية عملاً بمبدأ الإنماء المتوازن". وقال "ان جهود الحكومة تنصب اليوم على ترسيخ دعائم اقتصاد سليم، واستقرار نقدي مستمر. لذلك، بلورت برنامجاً كاملاً للتصحيح المالي يهدف الى ضبط العجز وخفض الدين العام للانتقال الى حلقة صالحة من النمو والإنماء. ووضعت الحكومة في سلّم اولوياتها، توفير المناخ الملائم للاستثمار المحلي والأجنبي، والحوافز المشجعة لاجتذاب خبرات وتقنيات اجنبية". وأوضح "ان سياستنا للتجارة الخارجية تفتح اسواقاً واسعة امام التجارة والاستثمار تسمح بالاستفادة من فرص التكامل الاقتصادي، عبر اتفاق التعاون مع سورية اولاً والإنضمام الى منطقة التجارة الحرة العربية ثانياً، وصولاً الى توقيع الشراكة مع الإتحاد الأوروبي والإنضمام الى المنظمة العالمية للتجارة". وأعلن أزنار ان بلاده "تؤيد التطلعات اللبنانية لسلام شامل ودائم"، معرباً عن امله في "ان يتوصل لبنان الى أمن مستقر". وأكد ان بلاده "كانت حاضرة دائماً لمساعدة لبنان في الظروف الحالكة". واعتبر "ان الاتصال بين الدول يجعلها قادرة على مواجه التحديات"، مؤكداً على "ضرورة وضع تشريعات خاصة لجذب الاستثمارات ما يؤمّن التقدم استناداً الى عناصر إصلاحية". وأوضح "ان معظم الدول يهتم الآن بخفض نسب العجز والديون ما يسمح بمنافسة اكبر". واعتبر "ان لبنان يملك فرصاً اكبر للإنفتاح إذا أراد". وأشار الى "ان امام الحكومة اللبنانية فرصة مهمة لتوقيع اتفاق الشراكة الاوروبية الذي يفيد الطرفين". ولم يغفل الصعوبات في المفاوضات، وقال "إلا أننا دخلنا في مفاوضات وستنجح". وأيّد "انضمام لبنان الى اتفاق الشراكة ومنظمة التجارة العالمية". وقال ان "اسبانيا ستقدم امكاناتها". وتمنى ان يضم البروتوكول المالي "مشاريع محددة تجعل من لبنان مركز استقطاب للمشاريع تمكن الشركات الإسبانية من العثور على فرص استثمار في لبنان". وأشار إلى "رغبة هذه الشركات في المشاريع المعروضة للخصخصة وزيادة التبادل التجاري". وقال "ان افتتاح المكتب التمثيلي في بيروت سيعزز العلاقات بين البلدين"، داعياً "الشركات اللبنانية الراغبة في الإستثمار في إسبانيا الإطلاع على الفرص المتاحة". وانتقل ازنار الى ساحة النجمة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي افادت مصادره انه شرح له الموقف اللبناني. وأكد ان "لا ضمان على الاطلاق للحل إلا بإيجاد سلام عادل وشامل في المنطقة يرتكز على مرجعية مدريد". وأشارت المصادر الى ان بري بحث معه في القروض الإسبانية للبنان، مؤكداً "ان اسبانيا عوّدتنا على مساندة لبنان في دعمها للقرار الرقم 425 وهي الآن تساعد على إعادة إعمار لبنان وتعزيز السلم الأهلي". وقدم بري للرئيس الضيف هدية تذكارية رمزية عن قانا. ثم انتقل ازنار الى بعبدا حيث اجرى محادثات مع رئيس الجمهورية اميل لحود في حضور الرئيس الحص وتم عرض للعلاقات الثنائية والتطورات الاقليمية. وأكد لحود ان زيارة ازنار تعكس الروابط بين البلدين. وأقام لحود مأدبة غداء تكريمية لأزنار قبل ان يغادر الأخير لبنان الى إسرائيل، وحضر المأدبة الرئيسان بري والحص ووزراء وحاكم مصرف لبنان وكبار المسؤولين في الوزارات. ندوة رجال الأعمال وكانت ندوة فرص الإستثمار والتجارة اللبنانية - الإسبانية شهدت مداخلات ابرزها لوزير الاقتصاد والتجارة اللبناني ناصر السعيدي ووزيرة التجارة والسياحة الإسبانية إلينا بيزونيرو امام حضور ضم ممثلين لنحو 30 شركة إسبانية ولغرف التجارة والصناعة وتجمع رجال الأعمال والمؤسسة الإسبانية للتجارة الخارجية وممثلين ل70 شركة لبنانية ورؤساء الهيئات الإقتصادية. واعتبر السعيدي "ان الزيارة اطلقت عملية التعاون المتمثلة بتوقيع البروتوكول المالي وقيمته مئة مليون دولار اضافة الى 5 ملايين دولار لدراسات الجدوى الذي وقّع بصيغته الجديدة. وستعمل الحكومة في خلال الاشهر الثلاثة المقبلة على تحديد المشاريع النهائية لتمويلها. فضلاً عن توقيع مذكرة التفاهم بين وزارتي التجارة والسياحة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إسبانيا ووزارة الإقتصاد والتجارة اللبناني". واعتبرت بيزونيرو "ان توقيع الاتفاق والمذكرة خطوة مهمة في عملية توثيق التعاون والتبادل". وتحدث رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان عدنان القصار عن تاريخ العلاقة بين لبنان وإسبانيا. وفي طريقه الى فندق "كومودور"، لحضور الندوة، توقف موكب أزنار بالقرب من المركز الثقافي الإسباني الكائن في الشارع نفسه، واستقبله المسؤولون عن المركز اضافة الى حشد من الطلاب اللبنانيين الذين يدرسون اللغة الإسبانية، إذ بلغ عددهم لهذا العام اكثر من 1600 طالب. وهتف الطلاب الذين رفعوا الأعلام الإسبانية وشعار المركز للرئيس أزنار، الذي تبادل الأحاديث معهم، في الطريق العام. وكان ازنار والحص عقدا جلسة محادثات ليل اول من امس في السرايا الكبيرة ووقّعا بروتوكولاً مالياً بقيمة مئة مليون دولار ومذكرة تفاهم بين وزارة الإقتصاد والتجارة اللبنانية ووزارة التجارة والسياحة الإسبانية. وفي مؤتمر صحافي مشترك أكد ازنار "ان مرجعية السلام هي مؤتمر مدريد وقرارات الأممالمتحدة، وفي ما يتعلق بالوضع اللبناني القرار الدولي الرقم 425، وكل ما نسعى اليه دفع عملية السلام والمساهمة فيها"، مشيراً الى "ان هناك عقبات علينا ان نذللها بالشجاعة الكافية استناداً الى احترامنا لحدود كل البلدان وبإمكاننا ان نتوصل الى سلام عادل ودائم وهناك فرصة مؤاتية ايجابية يجب ان نستفيد منها حالياً". وشدد الحص على تمسك لبنان بتلازم المسارين اللبناني والسوري، وقال "من اجل إحلال سلام عادل ودائم لا بد من استئناف المفاوضات من حيث انتهت العام 1996".