مجموعة معابد الكرنك الشهيرة في مدينة الأقصر، جنوب مصر، تبدو وكأنها عاصمة لامبراطورية فريدة في التاريخ وتعطي انطباعاً لزائرها بالقوة والجلال والغموض. ومعبد إسنا التاريخي الواقع جنوب مدينة الأقصر بني في عصر الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة قبل ثلاثة آلاف عام. ويخامر كل من رآه شعور هو مزيج من الغرابة والإعجاب لضخامة أعمدته وجمال مناظره. هذان الأثران اللذان يعدان من عجائب الآثار في العالم، باتا مهددين بالانهيار بسبب تعرضهما لمخاطر المياه الجوفية التي طفت فوق سطح أرضيتهما في صورة واضحة للعيان. وحذرت تقارير محلية ومصادر أثرية من تعرض معابد الكرنك لمخاطر المياه الجوفية التي بدأت تطفو فوق سطح أرضيتها، وتهدد بتآكل جدرانها وانهيار معالمها. وأوضح تقرير صدر عن المجلس البلدي لمدينة الأقصر أن ارتفاع منسوب المياه الجوفية أسفل منطقة الكرنك الاثرية بات يهدد بضياع معالم "طريق الكباش"، أقدم الطرق التاريخية في مصر، والذي يربط بين معبدي الأقصر والكرنك. وهو طريق بين صفين من التماثيل، ويتكون كل تمثال من رأس كبش وجسم أسد راقد. وحذر التقرير نفسه من ضخامة المخاطر التي تتعرض لها مجموعة معابد الكرنك، والتي قد تصل الى حد انهيار أجزاء منها في السنوات المقبلة اذا ما تجاهل المسؤولون عن الآثار في مصر اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة ذلك. كما كشفت دراسة أعدتها مجموعة علماء في معهد بحوث المياه الجوفية التابع لوزارة الأشغال المصرية أن الزراعات المحيطة في منطقة الكرنك والتي تُسقى بنظام الغمر، وردم أجزاء كبيرة من المصرف الدائري المقام لحماية المعابد، وتعطل محطة ضخ ورفع المياه الجوفية من أسفل أرضية المعابد الى مجرى نهر النيل، تسبب في تعاظم المشكلة وتزيد من خطورتها. وحذر تقرير آخر صدر عن المجلس البلدي لمدينة إسنا من احتمال تعرض معبد إسنا التاريخي للانهيار بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية حول جدرانه، وانخفاض مستوى المعبد 10 أمتار عن مستوى سطح الأرض في المدينة، وارتفاع منسوب مياه النيل أمام قناطر إسنا الجديدة. وقال التقرير إن المياه الجوفية بدأت تطفو فوق سطح أرضية المعبد، وأن المياه تكاد تكون غمرت ثلث المعبد بعد أن غمرت أجزاء كبيرة من المدينة التاريخية. وأوضح التقرير نفسه أن ارتفاع منسوب المياه الجوفية أسفل أرضية المعبد أدى الى رفع نسبة الرطوبة داخل احجار المعبد ما يساعد في نمو طفيليات تتلف مكونات الأحجار. وأوصى التقرير بسرعة وضع مشروع عاجل لفك المعبد وإعادة تركيبه بعد رفع أرضيته الى مستوى سطح الأرض الحالي لانقاذه أسوة بما جرى في مشروع انقاذ معابد فيلة في اسوان. والمعروف أن معبد إسنا يرجع أقدم تاريخ لإقامته الى عهد الملك تحتمس الثالث في عصر الأسرة الثامنة عشرة، وأكمل بناءه الرومان في حوالي سنة 180 قبل الميلاد. ويتميز باحتوائه على صالة تضم 24 عموداً، وتعد أجمل صالة ذات أعمدة في معابد مصر القديمة لروعة هندستها وطرافة تيجان أعمدتها. أما معابد الكرنك فتعد بمثابة سجل تاريخي حافل لحضارة مصر ابتداء من الدولة الوسطى وحتى حكم البطالمة، إذ أنها تعطي صورة واضحة عن تاريخ مصر في نهضتها وفي كبوتها لفترة تصل الى ألفي عام. كما تعتبر معابد الكرنك من أكبر وأعظم ما شُيد من مبان ضخمة خصصت لعبادة الآلهة في تاريخ العالم كله.