تحيط أجواء احتفالية بالمحادثات التي يجريها رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في واشنطن، والتي بدأها أول من أمس مع الرئيس بيل كلينتون في البيت الأبيض ثم في منتجع كامب ديفيد، وواصلها أمس مع وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ووزير الدفاع وليام كوهين. تبادل باراك وكلينتون كثيراً من عبارات الاطراء الشخصي واتفقا على وجود فرصة حقيقية لدفع مسارات التفاوض الى أمام، وانضمت اليهما اولبرايت مؤكدة استعادة "جو الثقة والعمل" بين الولاياتالمتحدة واسرائيل راجع ص 3. وبدا واضحاً، أمس، ان باراك حقق أول انجاز له اذ حصل من الرئيس والادارة على وعد بضبط التدخل الأميركي في المفاوضات "في حدود الضرورة والحاجة" بحسب أولبرايت. وأجمعت الأطراف المعنية أمس، في واشنطن وغيرها، على قرب استئناف المفاوضات على كل المسارات، وبدا ان جولة اولبرايت على المنطقة الشهر المقبل هدفها، بحسب باراك "وضع الاستراتيجية العامة والتفاصيل". وصرح رئيس الوزراء الاسرائيلي أمام مضيفه الاميركي بأن "رقصة التانغو تحتاج الى شخصين". وأضاف في معرض الحديث عن المسار السوري: "انني مستعد والمسرح جاهز، وحتى مدرب الرقص قد يكون جاهزاً، وعلينا ايجاد الفرصة والبدء بذلك". في الوقت ذاته قال وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين: "تحددت المواعيد ونحن نعرف موضوعاتها ولن ننطلق من الصفر، وإذا أمعنا النظر في الأسابيع المقبلة فإن طريق السلام سترتسم في وقت قريب نسبياً". وأعرب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد اختتام محادثاته في غزة مع الرئيس التركي سليمان ديميريل عن أمله بأن تبدأ المفاوضات أواخر الشهر. وانضم لبنان الى هذا المناخ، على لسان سفيره لدى الولاياتالمتحدة، الذي نقل عنه أمس ان "انتخاب باراك وفر فرصة نادرة يمكن من خلالها التوصل الى تقدم على صعيد السلام في المستقبل القريب، وعلى رغم ذلك فإن موعداً لاستئناف مفاوضات السلام لم يحدد بعد". وهذه أول اشارة لبنانية رسمية تتعاطى بإيجابية مع نتائج الانتخابات الاسرائيلية راجع ص 4. وفي حين تكاثرت الاشارات الدالة على أن "شيئاً ما" سيحصل في القريب العاجل فإن التصريحات التي أدلى بها باراك ومرافقوه في واشنطن عن المسارين الفلسطيني والسوري بدت متشددة. فلسطينياً جدد باراك التزامه "واي ريفر" لكنه لم يتخل عن رغبته في ربط بعض بنوده بمفاوضات الوضع الدائم. وذكرت مصادر اسرائيلية انه أبلغ كلينتون تمسكه بمواقفه في شأن قضايا الحل النهائي معتبراً أنها "خطوط حمر": لا عودة الى حدود حزيران يونيو 67، لا لوجود أي جيش غير اسرائيلي غرب الأردن، ابقاء القدس الموحدة تحت السيادة الاسرائيلية، وأهمية بقاء معظم المستوطنين في "كتل استيطانية". ونشرت "هآرتس" تحليلاً لمعلقها العسكري زئيف شيف يعدد فيه الشروط الاسرائيلية المتصلبة لأي حل دائم مع الفلسطينيين. سورياً، قال مسؤول يرافق باراك: "نحن مستعدون لتسوية مؤلمة"، لكنه أكد ان "اسرائيل لا تنوي الانسحاب في شكل كامل من الجولان، وأن السوريين لن يصلوا الى بحيرة طبريا للسباحة فيها". وذكر ان "مسألة الحدود مع سورية هي آخر ما ينوي باراك مناقشته بعد تسوية سلسلة من القضايا المعقدة، منها التطبيع ولبنان ومشكلة المياه والمسائل الأمنية، وتقرير مكان السفارة الاسرائيلية في سورية". وختم: "بعد ذلك سيكون بإمكاننا رسم خريطة".