يترك رئيس المفوضية الاوروبية جاك سانتير منصبه "جريحاً وخائباً" بعد نحو خمسة أعوام قضاها في تسيير اللجنة التنفيذية للمفوضية، حقق الاتحاد الاوروبي خلالها انجازات كبيرة أبرزها عملة اليورو. ولم يكن سانتير 62 عاماً يتوقع لدى توليه رئاسة المفوضية عام 1995 انه سيتركها مرغماً. وكان سانتير والاعضاء ال19 في المفوضية قدموا استقالتهم الجماعية في منتصف آذار مارس الماضي بعدما اثبتت تحقيقات الخبراء المستقلين وجود حالات سوء ادارة وفساد في صفوف الادارات التي تشرف عليها العضو في المفوضية اديت كريسون رئيسة الوزراء الفرنسية السابقة. وقال سانتير في آخر مؤتمر صحافي عقده امس الاربعاء في بروكسيل إنه يحسّ "بالمرارة والخيبة" رغم الانجازات الكبيرة التي تحققت في الاعوام الخمسة الماضية اذ اصبحت عملة يورو حقيقة واكدت جداوها في حماية العملات الاوروبية من اضطرابات اسواق المال. كما دخلت معاهدة امستردام حيز التنفيذ قبل شهرين في اتجاه دفع البلدان الاوروبية نحو وضع سياسة خارجية ودفاعية مشتركة، فيما تتواصل مفاوضات توسيع الاتحاد الاوروبي مع بلدان وسط اوروبا وشرقها. واعتبر سانتير أن ازمة الثقة التي عصفت بالمفوضية الاوروبية كانت تنم عن تطور المسار الاندماجي وانه "كان الضحية الاولى لهذه الازمة". وهدد بأنه سيكشف خلفيات الازمة بعدما يكون تخلص في نهاية هذا الاسبوع من التزامات البروتوكول التي تعيق كلامه بحرية. ويترك سانتير الديموقراطي المسيحي رئاسة المفوضية ليحتل مقعده بين النواب الاوروبيين ال626 في ستراسبورغ مطلع الاسبوع المقبل، ويتحول الى لعب دور المسائل لاعضاء المفوضية الجديدة التي يرأسها رومانو برودي الايطالي. وبدأ جاك سانتير بتوجيه اسهمه الى التشكيلة الجديدة للمفوضية واعتبر في مؤتمره الصحافي امس، أن توزيع المهام بين اعضاء المفوضية يعكس هيمنة الدول الكبرى داخلها، على حساب الدول الصغرى الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. وكان رومانو برودي كلف كريستوفر باتين بريطانيا بملف العلاقات الخارجية واسند الى باسكال لامي فرنسا ملف العلاقات التجارية ومفاوضات التجارة الدولية وعهد الى غنتر فرهيغن المانيا سياسة توسيع الاتحاد الاوروبي فيما سيتولى بيدرو سولبيز اسبانيا منصب مفوض الشؤون المالية والنقدية. وأسند برودي الى اعضاء المفوضية من البلدان الصغرى الملفات الفنية. وعلق ديبلوماسي أوروبي على ذلك بقوله إن الخيارات التي وضعها برودي "تعكس تأثير العواصم الكبرى على الرئيس الجديد". وقال سانتير ان سيطرة الدول الكبرى على خيارات المفوضية لا تخدم اغراض الاندماج الاوروبي، بل التعاون بين الحكومات.