الأخضر يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة العراق في خليجي 26    نوتينغهام يواصل تألقه بفوز رابع على التوالي في الدوري الإنجليزي    في أدبي جازان.. الدوسري واليامي تختتمان الجولة الأولى من فعاليات الشتاء بذكرى وتحت جنح الظلام    طارق السعيد يكتب..من المسؤول عن تخبطات هيرفي؟    عمومية كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية ل"خليجي 27″    السلطات الجديدة في سوريا تطلق عملية بطرطوس لملاحقة «فلول النظام المخلوع»    وزارة الثقافة تُطلق المهرجان الختامي لعام الإبل 2024 في الرياض    بموافقة الملك.. منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة ل 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء    السعودية: نستنكر الانتهاكات الإسرائيلية واقتحام باحة المسجد الأقصى والتوغل جنوب سورية    الجيش اللبناني يتهم الاحتلال الإسرائيلي بخرق الاتفاق والتوغل في مناطق جنوب البلاد    أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    وطن الأفراح    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    المملكة ترحب بالعالم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    مسابقة المهارات    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان : المواضيع الحساسة تزيد في سخونة مناقشة الموازنة ... وكتلة الحريري تشن هجوماً مركّزاً . السبع يعتبر الحكومة الدستورية "ظلاً لحكومة خفية" وواكيم يهاجم الحكومات السابقة "التي سيترحّم عليها الناس"
نشر في الحياة يوم 14 - 07 - 1999

تحدثت في مستهل جلسة أمس النائبة بهية الحريري فسألت "ما الذي أعدته الحكومة لمواجهة تحديات المستقبل ومنها احياء مفاوضات السلام؟ وأي عناوين وضعناها اطاراً لموازنة مرحلة التحديات: هل بالحوار السياسي المقطوع بين الاطراف السياسيين كافة وبلقاءات المجاملة المصورة بين أركان الحكم وبالمناخ السائد من الضيق بحرية التعبير والتضييق على الحريات؟ أم بنسف مسيرة ست سنوات ماضية كان عمادها اعادة بناء مقومات الدولة؟ أم بتوريط القضاء في فتح ملفات في شكل استنسابي وتسخيره لتحقيق الاغراض السياسية للسلطة واستباق نتائج التحقيق اعلامياً؟ أم باشاعة أجواء نتيجة هذه المحاكمات السياسية التي تنعكس سلباً على كبار الموظفين؟". ولفتت الى ان اغتيال القضاة الاربعة في صيدا "كان امتحاناً قاسياً للقوى الأمنية الشرعية، وكنا نتمنّى ان تشهد البلاد بعده خطة أمنية متماسكة تضع حداً لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن لبنان، إلا ان النتيجة جاءت، ويا للاسف، معاكسة وكان رد الفعل الرسمي قرارات حاصرت المواطنين في حركتهم وزادت من هواجسهم".
وسألت "أي جرم ارتكبته صيدا حتى يأتي الحظر الاميركي ليضفي على عزلتها الرسمية عزلة جديدة؟ وهل تحاسبها الدولة على مواقفها الوطنية والقومية بمفعول رجعي؟". وقالت "لا يمكن الدولة ان تُساس بالخوف وكبت الحريات". وسألت "هل يكفي الاعلان ان لا عسكرة للنظام حتى يقتنع الناس ويصدّقون ان البلاد لا تسير نحو العسكرة؟ لا يمكن الدولة ان تقوم من دون حوار ديموقراطي بنّاء بين كل الفئات الوطنية". وحملت على وزير المال جورج قرم واصفة اياه ب"مهندس الموازنة". وقالت "بدا في مداخلته أسير ثلاثة ادوار متناقضة: دور المتحامل على السياسة المالية والاقتصادية للحكومات السابقة، ودور العاجز عن الخروج على تلك السياسة للتغلّب على عوامل اقتصادية سلبية يعترف بها، ودور المتحفظ عن وظيفة اساسية من وظائف وزارتي الاقتصاد والمالية".
وعندما تجاوزت الحريري الوقت المحدد لها، طلب منها بري الانتهاء. فردت بالقول "بدي أختم". فعلّق بري: "خاتمة الاحزان". وختمت قائلة "أي تركة ستقع على كاهل المواطن اذا استمرت الحكومة في برنامجها؟".
وقال النائب فريد مكاري "ان أهمية الموازنة انها تعبّر عن سياسة الحكومة وتوجهاتها وأولوياتها لكن هذا النهج الذي عودتنا عليه منذ تشكيلها يؤكد القول المأثور: إني اسمع جعجعة ولا أرى طحيناً". وحمل على كلام الحكومة على "التركة الثقيلة". ورأى ان ما سمي بالاصلاح الاداري "بقي أسير تصفية الحسابات السياسية". وقال "سقط شعار الشفافية الذي رفعته الحكومة وارتفع بدلاً منه شعار الشقاقية، فقد اتسمت اجراءات الحكومة باثارة الشقاق وتعمية الحقائق واتخاذ مواقف مؤذية تتسلل في الظلام الى وسائل الاعلام ولا من يحاسب مرتكبيها فيما يتبرأ رئيس الحكومة من معرفة مسبقة بموضوع المصادر الوزارية، ليعود وزير الاعلام يدافع عنها مساء بعدما أنكرها في الصباح". وقال "ان اسوأ من ذلك الا يتجرأ أحد على محاولة وضع حد للافتراء المتعمّد في وسائل الاعلام". واضاف "حريّ بنا ان ننزه القضاء عن التجاذبات السياسية، اذ ليس في مصلحة القضاء ان تصل بنا الامور الى الحد الذي اصبح في مقدور المواطن العادي ان يتكهن مسبقاً بمن سيحاكم في الاسبوع المقبل ومن سيتم توقيفه".
ووصف النائب بهاء الدين عيتاني الموازنة ب"العادية والكلاسيكية التي لا تترجم شعارات الحكومة". رافضاً "الوسائل المعتمدة خصوصاً لجهة فرض الضرائب والرسوم". ورأى ان "سياسة الحكومة للحد من العجز في الموازنة والتقشف والاجراءات الضريبية لم تؤد الا الى تردي الاوضاع المعيشية وتفشي البطالة". وسأل "ما وراء الكلام على رفع السرية المصرفية؟ هل هناك نية خفية متعلقة بفكر بعض الوزراء في هذا الشأن؟". ودعا الى "التوقف عن الكلام على التركة الثقيلة، وتحميل المسؤولية للماضي".
وركّز النائب انطوان اندراوس على قضية المهجرين. وقال "ان ما قامت به الحكومة السابقة ليس أرقاماً وتصريحات وخطابات، بل إنجازات ماثلة للعيان". واضاف "اننا نسمع عن برامج وشفافية وخطط للعودة من دون تدخل السياسية. فكيف تكون العودة من دون التنسيق والتعاون مع القوى السياسية المحلية المؤثرة من احزاب وغيرها؟". ورأى "ان التخبط الحكومي والارتجال في هذه القضية هو سيد الموقف". وسأل "أين الحكومة من بيان الاشباح والمصادر الوزارية؟ يقول البعض ان رئيس الحكومة هو ضمير لبنان فأين الضمير يا دولة الرئيس في هذا البيان؟".
ورأى النائب فوزي حبيش ان مشروع الموازنة "حرص قدر الامكان على ان يأتي منسجماً مع السياسة العامة المعلنة ومع منهج الشفافية ولا بديل منه في ظل الظروف الراهنة". وطالب الحكومة بأن تستمر في مساعيها لاطلاق المقاومين المعتقلين في السجون الاسرائىلية والاجنبية، وخصّ منهم "جورج ابراهيم عبدالله إبن بلدة القبيات المعتقل في فرنسا منذ أكثر من 10 سنوات لتصديه للارهاب الاسرائىلي".
وقال النائب اسماعيل سكرية "اذا كان فشل القطاع العام ناتجاً عن سوء ادارته، فلماذا تقفز الحكومة فوق الاصلاح الاداري مباشرة الى الخصخصة؟ وأين اهتمامها بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟". وانتقد عدم شمول منطقة البقاع بالانماء المتوازن. وتناول ملف الدواء والصحة، وسأل الحكومة عن "وعودها في هذا المجال، وماذا فعلت لوقف الاهدار الحاصل فيه؟ ولماذا لم يطاول الاصلاح الاداري وزارة الصحة؟". ولاحظ ان "الحكومة غير جدّية في معالجة مشكلة الدواء".
ولما تطرّق الى المكتب الوطني للدواء، وقال "عندما نسأل عن الموضوع يجيب الوزير والحكومة بان المكتب ضرورة وما زال قيد الدرس"، فعلّق بري "أوقفوا رئيس المجلس الوطني للدواء قاسم حماده شو بدّك بعد؟".
وسأل النائب باسم السبع في مستهل كلمته "أين هو وزير الداخلية والبلديات والمصادر الوزارية والبلاط الوزير ميشال المر الذي لم يكن موجوداً داخل القاعة؟ وقال "ان الطعن في الظهر والتجسس على صديق والانقلاب على حليف ونقل البندقية من كتف الى كتف والبراعة في تبديل الالوان والمواقع والدسّ الرخيص وتلفيق الاخبارات والاتهامات واستخدام القوانين وسيلة للانتقام وانتهاك الدستور والتلاعب به كلها خيانة ما بعدها خيانة". وأشار الى "ان الاشهر الاربعة لم تكن قاسية علينا وحدنا بالصمت انما على البلد كله. سندلي بأصواتنا للخط السياسي الذي اخترناه منذ اتفاق الطائف، ووجدنا فيه الباب العريض لخروج لبنان من المحنة، ونريده ان يبقى حجر الزاوية في مسيرة الوحدة والوفاق والعلاقات المميزة مع الشقيقة سورية. فهذا الاجماع يتعرّض لخطر حقيقي ولعملية تفكيك منظمة، منذ تشكيل هذه الحكومة، لاضعاف الخط السياسي الذي تحقق على أساسه الاجماع". واضاف "نحن اقترعنا لخط سياسي هو نفسه الخط السياسي الذي يتعرّض اصحابه هذه الايام لأعنف أنواع العقوبات السياسية والمطاردات التي تنظمها في معظم الاحيان جهات هي محل الشبهة والاتهام وخرق القوانين أينما حلت في الحكومة أو خارجها. وما كدنا ننهي الاحتفال بالانتقال من ولاية الى ولاية، وما كادت هذه الحكومة تطل علينا بالصيغة التي أطلت بها، حتى بدأ شحذ السكاكين لعمليات الذبح السياسي. وبدأت الطعنات تنهال، لا تميّز بين الشريف وغير الشريف، والمرتكب وغير المرتكب، بين من أفنى عمره في سبيل الدولة وعمرانها وحقوقها ومن يفني الدولة في سبيل عمرانه ومجده وفرعنته".
وتابع "منذ ذلك الوقت، اكتشفنا ان في الامر خيانة للوفاء وللاجماع الوطني وللخط السياسي الذي تحقق من خلاله هذا الاجماع. والذين تطوعوا لفرض العقوبات السياسية تمرّسوا على هذه الأساليب واحترفوا وسائلها من عهد الى عهد ومن حكومة الى حكومة. انها سكرة السلطة. انها السلطة المرة. لكن الضربة لن تسكرنا عن حقنا في مقارعة الجاهلية السياسية التي تتغلغل في بعض خلايا هذه الحكومة".
ورأى "ان هذه الايام تاريخية في حياة المجلس النيابي، لانها تشهد ما يشبه الانتفاضة النيابية، التي تنفض الغبار عن الحياة السياسية ومؤسساتها. والآن يأخذ المجلس النيابي زمام المبادرة في نفض غبار الصمت والتنصت والمصادر والركود السياسي الذي يضاهي في اضراره كل اشكال الركود الاقتصادي"، معتبراً ان الركود السياسي هو جوهر المشكلة، وهو الترجمة لواقع يُستحدث في حياتنا الوطنية، يبتدع أساليب غريبة في الاداء السياسي، تجعل من الحكومة الدستورية حكومة ظلّ لحكومة خفية، ومن الموالاة جوقة زجلية من الدرجة "الترسو"، ومن المعارضة مجموعة مطاردة في قوائم مذكرات الجلب، ومن المجلس النيابي نادياً للإخبارات القضائية، ومن الاعلام وسيلة لاعلان الاحكام القضائية المسبقة، ومن الوزارات ديوانيات يوزع فيها "علي بابا" غرف السجون على الوزراء والنواب السابقين واللاحقين وكل من يجرؤ على خرق جدار الصمت أو الحديث عن مهازل المرحلة. كأنما المطلوب حياة سياسية صامتة تلبس "طاقية الاخفاء". الكلمة الفصل فيها للمصادر، والمصادر تعمل من خلف دولته، سواء اعترض أم لم يعترض، رضي أم لم يرضَ". وقال السبع "لم يسبق للبنان في تاريخه السياسي والاعلامي، ان عرف هذا الكمّ من الإفراط في استخدام كلمة "المصادر"، سياسية النسب كانت أم وزارية أم قضائية، ولم يسبق له ان شهد ضبابية سياسية على صورة الضباب الذي يحجب الوجوه الحقيقية للسلطة، ويكشف عن ادارات رديفة تتولى اصدار الاوامر والتعاميم واغراق السوق الاعلامية بكل انواع البيانات والتوجهات. وأخشى ان نكون أمام شكل من أشكال الرقابة اللاحقة التي تمارس على معظم وسائل الاعلام، وما من مؤسسة اعلامية في لبنان معفية من "ضريبة" التوجيه السياسي أو "ضريبة" الملاحظة على عملها. وبعضها يخضع لرقابات يومية مسبقة، على غرار المفروضة على احدى نشرات الاخبار التلفزيونية، التي لا يؤذن ببثها الا بعد الحصول على موافقة مسبقة من جهة لا علاقة ادارية لها بهذا التلفزيون من قريب أو من بعيد".
وقال "من زمن "الدكتيلو" الى زمن "الفاكس"، والفاكس السياسي لا يتوقف عن البخ، حتى ليكاد يتحوّل رئىساً للتحرير مضارباً في عدد من المؤسسات الاعلامية". وتابع "ان خطوط هاتفي العادية والخليوية مراقبة وخاضعة للتنصت. وخطوط الهاتف العائدة الى دولتك بري ودولة رئيس مجلس الوزراء وسائر الوزراء والنواب خاضعة للتنصت ايضاً. وما من سياسي واحد في هذا البلد، وفي هذه القاعة تحديداً، ينجو من التنصت. وما من سياسي واحد يجرؤ على ان يدلي بمكنونات صدره السياسية أو حتى العاطفية على الهاتف حتى صرنا نحاذر الحديث حتى مع نسائنا. وكلما اجتمع اثنان، نسمع همساً. ولا ندري من يتكلم مع من وعمن. انها ديموقراطية الهمس والخوف يمارسها الجميع بمن فيهم السادة الوزراء". وحمد الله الآن هذه الجلسة جاءت لتكسر جليد الصمت وتمزّق جدار الخوف في اطلاق حوار سياسي واسع، نعبّر عن شوقنا العميق له، هذا المكان ليس مكاناً للهمس والخوف".
وهنا توجّّه بري الى السبع بالقول "تكلمت كلام العارف جداً في موضوع يتعلق بالتنصت. سندعو لجنة البريد والاتصالات الى اجتماع، وتأليف لجنة لتقصي الحقائق وأعدك بان تدلي بما لديك من حقائق ومعلومات في هذا الموضوع". فرد السبع "نحن بالتصرّف يا دولة الرئيس".
واضاف السبع "أما أولئك الذين يستسهلون حكم لبنان لا يعرفون جيداً ولا يعرفون ان اشياء كثيرة تغيّرت خلال خمسين عاماً، الا شيئاً واحداً كان أقوى من كل الحروب والسياسات والحكومات هو النظام الديموقراطي". منبهاً الى "ضرورة قراءة التاريخ اللبناني الحديث على الاقل جيداً، والاستغراق قليلاً في تجارب العهود التي تعاقبت وما أنتجته من انجازات وانكسارات".
ودعا المجلس النيابي "الذي لم يتأخر خلال السنوات الماضية عن استخدام حقه الدستوري في جلد الحكومات السابقة، ومطاردتها بأعنف اشكال المحاسبة السياسية، الى المحافظة على حقوقه الدستورية وحصانته العامة". وطالب "بعد الانتهاء من اقرار الموازنة، بعقد جلسة خاصة تعنى بتفسير بعض المواد الدستورية التي وضعت محل لغط وابهام وسوء تفسير في المدة الاخيرة، ودائماً في ما يؤكد فصل السلطات وتعاونها".
ولفت الى "ان الحكومة لا تستطيع ان تقيس المواد الدستورية بمعدلاتها السياسية، والشعور الذي ينتاب الكثيرين من اللبنانيين الآن، ان الحكومة تستخدم الدستور وسيلة للقنص السياسي ولمآرب خاصة تصل احياناً الى مستوى الاخلال بالمبادىء الدستورية ونصوصها القاطعة". ورأى ان "هذه الحكومة تصلح لان تكون صورة طبق الاصل عن العجز السياسي في البلاد، وعن حال الاكتئاب التي أصابت الحياة السياسية، وكان من الطبيعي جداً ان ترمي بظلالها على سائر النشاطات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. والموازنة بهذا المعنى، هي الإبن الشرعي لهذا العجز، وتهديد لجوهر النظام الاقتصادي".
وحمل السبع على الوزير القرم واصفاً كلامه عن الموازنة وبرنامج الحكومة بانه "يكشف عن خفايا خطرة". وسأل "ماذا يقصد بالتحدث عن دور جديد في المجالات الاقتصادية والمالية والانتاجية؟ فهل يريد ان يغيّر الادوار ويدعو الى نظام اقتصادي قرمي جديد؟ فاذا كانت هذه الروح هي التي تحكم المستقبل الاقتصادي للبنان فاننا نعلن منذ الآن الخوف على لبنان".
وانتقد النائب حسين الحاج حسن سياسة الحكومة الانمائية والزراعية حيال منطقة بعلبك - الهرمل خزان المقاومة، اذ لا تؤمن سوق عمل للمواطنين هناك ولا تدعمهم زراعياً".
وشاطر النائب جورج قصارجي الحكومة الرأي "بان الموازنة موازنة الامر الواقع، الا ان النظام الضريبي ما زال وفياً للمنطلقات القديمة ومتمسكاً بها".
ولما قال "سأحاول التطرق الى بعض المواضيع لغياب الردود على الاسئلة والاستجوابات النيابية"، طلب منه بري ان يدعو الى عقد جلسة استجواب.
وسأل قصارجي "هل الحكومة حكومة أم مجلس ادارة لشركة مساهمة؟ وهل تعرف ما معنى الكرامة؟". وهنا طلب بري شطب هذه العبارة من المحضر. وتابع "هل سمعت الحكومة وفكرت بما قاله المدير العام لشركة "سيليس" الهاتف الخليوي صلاح ابو رعد على باب الوزارة انه يتلقى قصفاً داخلياً من ديوان المحاسبة بعد القصف الاسرائيلي الاخير دمرت محطة للشركة في الجية خلاله أم انها راضية عن ذلك؟ ولماذا لم يخرج اي وزير عن صمته ويرد على هذه الاهانة للدولة والحكومة والقضاء والوزراء؟ نريد ان نعرف من يحميه". وهنا اعترض الوزير عصام نعمان فقاطعه بري بالقول "هذا الكلام الوحيد الذي يجب ان يسمع". واضاف قصارجي "هل يمكننا الاعتبار ان شركات الخليوي ستستمر محمية بارادة علية؟ وكيف يمكن الحكومة ان تفتش عن الملايين وتترك بلايين، هي حقها من هذه الشركات؟". وطالب "بتحويل ملف الخليوي وملف البريد الى النيابة العامة المالية، والا سنضطر بسبب هذا التقاعس الى طرح الثقة بالحكومة".
وتناول النائب نجاح واكيم في جلسة المساء الكلام على التركة الثقيلة، مذكراً بجوانب من هذه التركة "لم تبرزها الحكومة الحالية، أهمها الفساد وإهدار الدستور وإنتاج العصبيات الطائفية وسياسة الأزلام والمحاسيب في الإدارة وتفكيك نسيج المجتمع واتساع دائرة الفقر وحصر الثروة في حفنة رأسمالية مضاربة وانخفاض معدلات النمو". وقارن بين ما كان عليه الوضع عام 1992 وما صار عليه عام 1998 "خصوصاً لجهة ارتفاع الدين إلى عشرين بليون دولار بنسبة 150 في المئة من الناتج المحلي وتصاعد الهجرة".
وأعرب عن خشيته "ان تكون هذه العناصر ضمن ثوابت الحكومة الحالية". وحذّر من مخاطر العولمة، ورأى في الخصخصة "معالجة وجع الرأس بقطع العنق، لأن المشكلة تكمن في إدارة القطاع العام لا في من يملك مرافقه، وكل ما ستأتي به الخصخصة أقل مما دُفع على المرافق لترميمها. وما يتم التحضير له بيع القطاع العام كمن يبيع النفايات".
وطالب "بإصلاح إداري وسياسي يرتكز إلى روح الشعب ووعيه"، وقال ان "لا قيمة للإنتماء الإجتماعي عندما تضرب النقابات وتكبّل مؤسسات المجتمع المدني"، سائلاً "هل يمكن مواجهة كل هذه المتغيرات بشعب ملغى سياسياً ومقسّماً سلفاً؟". وأضاف "انكم تفصّلون قانون الإنتخاب في الظلام على مقاساتكم وتعدون بالتغيير، في حين تقفلون على خفض سن الإقتراع إلى 18 عاماً وتلغون الدائرة الواحدة، فبماذا أنتم مختلفون عن أسلافكم إذاً؟".
وأشار إلى أن الخطة المالية للإصلاح "تقزّمت"، معتبراً إعادة تكليف الدكتور رياض سلامة حاكمية مصرف لبنان "إشارة إلى تبنّي السياسة المالية السابقة". وقال "ان الموازنة الحالية لا تختلف عن سابقاتها وأن ثمة تلاعباً بالأرقام وأن نسبة العجز ستتجاوز ال55 في المئة وأن الإستدانة باقية، حتى أن الناس أخذوا يترحّمون على أسلافكم لأنهم لا يعرفون الحقيقة". واعتبر "ان المشكلة سياسية"، سائلاً "من يصدّق أن الإصلاح ينحصر بهذا العدد من المرتكبين الذين أحيلوا على القضاء؟". وأشار الى "اعتماد المحسوبية والإستزلام في التعيينات الإدارية".
وطالب الحكومة "بإعادة النظر في العقود الموقّعة سابقاً"، مسجلاً لها "ايجابية تتمثل ببداية أولية في المحاسبة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.