تسلم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة رئاسة الدورة ال35 لقمة منظمة الوحدة الافريقية التي بدأت امس في الجزائر. وعرض بوتفليقة لمشكلة مواجهة القارة الافريقية للعولمة وسبل الانضمام اليها مع الالتزام بثوابت التقاليد الافريقية، مستنكراً حظراً جوياً "عملياً" قال ان الجزائر تخضع له. كما تحدث رئيس نيجيريا اولوسون اوباسنغو عن مشكلة الديون الافريقية. وركز رئيس الدورة ال34 للقمة رئيس بوركينا فاسو يليز كومباوري على النزاعات في القارة، مشيراً الى تحقيق تقدم اخيراً في حل نزاعي الكونغو الديموقراطية وسييراليون. افتتح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة كلمته في القمة الافريقية ال35 في الجزائر امس بتحية وجهها الى مؤسسي منظمة الوحدة الافريقية والى رواد حركة التحرر الافريقي الذين قادوا دولهم الى الاستقلال في الستينات والسبعينات. وكان لافتاً حديثه عن الرئيس الجزائري السابق احمد بن بلة واشارته الى نضاله السابق لأكثر من 36 سنة من اجل الوحدة الافريقية. وقال موجهاً كلامه الى بن بلة "احييك يا رئيسي". ويعني ذلك على الصعيد المحلي الجزائري اعادة الاعتبار للرئيس السابق الذي اطاحه الرئيس الراحل هواري بومدين عام 1965. وعرض بوتفليقة لفترة التحرر الافريقي والتحولات التي شهدتها القارة آنذاك ومحاولاتها تثبيت هويتها. وقال ان الفترة الحالية لا تقل اهمية وتتطلب جهوداً، خصوصاً في اعادة العلاقات بين الدول الافريقية مع بعضها البعض من جهة ومع العالم الخارجي من جهة اخرى. وركز في كلمته على موضوع العولمة وضرورة تحصين الأفارقة مع دخولهم العولمة في شكل يأتي لمصلحتهم. ودعا الى "اجراء مسح موضوعي لأوضاع قارتنا والتعرف على حدودنا لشق طريق جديد … اذ لا يجوز ان ندخل العام 2000 من دون ان نعرف كيف نواجه مشاكلنا … وعلينا ان ندرك التوازنات الدولية الجديدة وان نقوم امكاناتنا المشتركة لايجاد الظروف الملائمة للانضمام الى العولمة من أجل مصلحتنا". وحذَّر من ان العولمة "تؤدي الى تمزقات وفوضى وانهيار اذا لم يدرك الأفارقة كيف يتكيفون معها ويراقبون التحولات الجارية". وأشار الى التغييرات التي جرت في العالم خلال العقد الماضي بدءاً من تحويل اوروبا الى سوق موحدة، مروراً بجمعية التبادل الحر لاميركا اللاتينية. كما اشار الى المؤتمرات الدولية التي انعقدت في شأن التجارة العالمية والبيئة وحقوق الانسان والجريمة المنظمة المافيا والتنمية الاجتماعية والمرأة والتعمير. وقال ان افريقيا لم تتخلف عن هذه الجهود. لكنه اضاف ان افريقيا ستظل معزولة وبعيدة عن الحركة الجارية في العالم اذا واصلت حروبها الاهلية وعدم تطوير اندماجها الاقتصادي وحل مشكلة ديونها. واعتبر ان حل هذه المشاكل يكمن في النظر في العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية واعادة تقويمها، ووضع نظام لتحقيق انطلاقة جديدة تبدأ من قمة الجزائر. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن بوتفليقه استنكاره الحظر الجوي "العملي" الذي تخضع له الجزائر. وقال: "لأسباب غير مفهومة لا علاقة لها بالأمم المتحدة يفرض عملياً على بلادي حظر من شركات الطيران بسبب ما يسمى بالاسباب الأمنية". وأكد ان المطارات الجزائرية "لا تقل أمناً عن المطارات الاخرى في العالم". ودعا الرئيس الجزائري الرؤساء الافارقة إلى نقل رسالة إلى العالم تشهد ان بلاده "بخير". وقال إن حضورهم على أعلى مستوى يعد "دعماً معنوياً وسياسياً لما أنوي القيام به على صعيد الوئام المدني"، في إشارة إلى التسوية السلمية للنزاع المسلح مع الإسلاميين المتشددين. وناشد الرؤساء الافارقة على نقل رسالة "لها أكثر من مغزى ومعنى لكل من يشكك في قدرات الشعب الجزائري على الخروج من محنته". ووجه حديثه إلى الرؤساء قائلاً: "ان وجودكم هنا دعم سياسي ومعنوي لما أنوي القيام به من أجل إنجاح الوئام المدني وإعادة الأمل واستطابة العمل لشباب بلادي وتمكين الجزائريين من استعادة عزتهم بأنهم جزائريون لا أكثر، وبالتالي افارقة ليعملوا معكم من أجل تدعيم مكانة قارتنا من التوازنات الجديدة في العالم".وتحدث باسم الرؤساء الافارقة الرئيس النيجيري اولوسون اوباسنغو لشكر الجزائر على استضافتها القمة. وركز في كلمته على مشكلة الديون الافريقية، وموضوع العولمة. وقال "ان العولمة حقيقة لا يمكن ازالتها، لذلك علينا ان نستغلها لمصلحة القارة، وتثبيت ثقافة الانضباط الاجتماعي واستثمار التعليم والتكنولوجيا، والاسراع في عملية الاندماج الاقتصادي وحل مشكلة الديون الافريقية". وتحدث الأمين العام للمنظمة الافريقية سالم احمد سالم وعرض الانجازات التي حققتها المنظمة خلال فترة الدورة الافريقية الماضية. وأشار الى خطط لتعزيز التضامن الافريقي واعتماد الميثاق الافريقي لحقوق الانسان. وعرض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي يشارك بصفة مراقب، تطورات عملية السلام على المسار الفلسطيني-الاسرائيلي. وقال ان حكومة بنيامين نتانياهو استطاعت ادخال عملية السلام في جمود تام من جراء عدم تنفيذها الاتفاقات وهجمتها الاستيطانية وتهويد القدس ومحاولات عزلها عن محيطها الفلسطيني. وتحدث ايضاً في الجلسة نفسها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وسلَّم الرئيس السابق للقمة يليز كومباوري الرئيس بوتفليقة رئاسة القمة الجديدة. ثم جرت جلسات مغلقة تبحث في جدول العمل الذي يتضمن مواضيع اعادة هيكلة المنظمة ووضعها المالي، الى جانب النزاعات في كل من اثيوبيا واريتريا وانغولا وبوروندي وجزر القمر وغينيا بيساو والصومال.