يسود اعتقاد لدى اوساط ديبلوماسية ان مؤتمر القمة الافريقي المقبل، سيكون محكاً لاختبار ارادة المغرب والجزائر في تحقيق انفراج في علاقتهما. وقال ديبلوماسي مغاربي ان التحرك لعقد القمة المغاربية المؤجلة منذ 1995، سيكون اسهل في هذا النطاق من استضافة الجزائر في منتصف تموز يوليو المقبل قمة افريقية ينظر اليها المغاربة بشكوك متزايدة. وأشار الى ان المساعي التي بذلت منذ القمة الافريقية الاخيرة في بوركينا فاسو حزيران/يونيو 1998، وبعدها مؤتمر وزراء الخارجية الافارقة في اديس ابابا، بهدف حل اشكال عضوية "الجمهورية الصحراوية" في المنظمة الافريقية، لم تصل الى نتيجة. لكنه لاحظ انه على عكس ذلك فإن الطريق نحو عقد القمة المغاربية "اصبحت سالكة الى حد ما"، في ضوء حلحلة ازمة لوكربي وانتخاب رئيس جديد للجزائر، وبدء تحركات لتطويق الخلافات بين العواصم المغاربية. وأضاف الديبلوماسي ان استضافة الجزائر القمة الافريقية تحكمها التزامات سابقة "إذ سيكون صعباً على دولة ساندت جبهة بوليساريو من أجل الحصول على عضوية منظمة الوحدة الافريقية، ابان فترة المواجهة المحتدمة مع المغرب، ان تغيّر موقفها بسهولة"، ولا توجّه دعوة الى هذه الجبهة لحضور القمة، علماً ان المغرب لا يشارك في المؤتمرات الافريقية اذا حضرتها "بوليساريو". وقال ان هناك قرائن عدة على ان الجزائر تحركت، منذ قمة بوركينا فاسو، في الساحة الافريقية للحؤول دون تعليق عضوية "الجمهورية الصحراوية"، ونجحت في حشد تأييد لها كي تستضيف المؤتمر المقبل للقمة الافريقية. لكنه اعتبر ان الانتقادات التي صدرت من عواصم افريقية عدة ازاء "الابقاء على وضع يُناقض خطة الاستفتاء في الصحراء الذي ترعاه الاممالمتحدة"، ستحتم ايجاد "مخرج لائق" لموضوع "بوليساريو". كذلك رجّح ان ترتفع اصوات في الجزائر مطالبة الرئيس الجديد عبدالعزيز بوتفليقة بمعاودة الاهتمام بالحضور الجزائري في القارة الافريقية، في ضوء النتائج التي حققتها الديبلوماسية المغربية في القارة السمراء، والتي تمثّلت بتعليق اكثر من عشر دول افريقية الاعتراف ب "الجمهورية الصحراوية". وكذلك بعد "الاختراق" الليبي في افريقيا والمتمثل في "تجمع بلدان الساحل والصحراء". وكانت الجزائر ابدت مخاوف من دعوات صدرت من ليبيا وعواصم افريقية اخرى لاستضافة قمة طارئة اعتُبرت بمثابة "محاولة لنسف القمة العادية في الجزائر". لكن المسار الذي اتخذته تطورات ازمة لوكربي، بعد تسليم المتهمين المشتبه فيهما وتعليق العقوبات المفروضة على ليبيا، قلل من اهمية استمرار المساعي الهادفة الى عقد قمة افريقية طارئة خارج الجزائر. وابلغت مصادر مغربية "الحياة" ان الرباط "غير معنية" بأي تحرك لعقد مثل هذه القمة، وان الموقف من العودة الى منظمة الوحدة الافريقية "مرهون بتصحيح خطأ الاعتراف" ب "الجمهورية الصحراوية". واضافت ان الرباط تفرّق في تعاطيها مع الازمات الراهنة في افريقيا بين المساهمة في حل النزاعات، من منطلق العلاقات الثنائية او المتعددة الاطراف، وبين تحركات منظمة الوحدة الافريقية التي انسحبت منها في 1984. وسئلت المصادر عن امكان حضور رمزي للمغرب في القمة الافريقية في الجزائر، فردت بان ذلك "غير وارد اطلاقاً". لكنها رحبت بالعودة الى المنظمة في حال تعليق عضوية "الجمهورية الصحراوية". وشرحت ذلك بالقول ان الاطراف المعنية بالنزاع تدعم خطة التسوية التي ترعاها الاممالمتحدة لجهة تحقيق الاندماج مع المغرب او الاستقلال عنه "ومن الخطأ الاستمرار في الاعتراف بكيان صحراوي قبل معرفة نتيجة الاستفتاء". لكن مصادر افريقية تحدثت عن صعوبات قانونية امام تعليق عضوية "الجمهورية الصحراوية". وقالت ان ميثاق المنظمة خال من اي نص قانوني يُعالج مثل هذه الحال. ورهنت حل قضية تمثيل "بوليساريو" في المنظمة الافريقية ب "قرار سياسي، يتمثّل، على الأقل، بتعليق الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الى ما بعد الاستفتاء في الصحراء". الى ذلك، ذكرت مصادر مغربية في نيويورك ان المحادثات بين المغرب والاممالمتحدة في شأن "الاجراءات الوفاقية" لتسريع الاستفتاء المقرر مبدئياً في آذار مارس 2000 انتهت مساء اول من امس. وقالت ان الرباط ابدت تحفظات عن قضايا تتعلق بمراحل الاستفتاء، خصوصاً مسطرة تقديم الطعون بالنسبة الى المسجلين في قوائم تحديد الهوية، في اشارة الى رغبة المغرب في ان تتم هذه العمليات على مراحل. وأضافت ان الوفد المغربي الذي رأسه احمد السنوسي مندوب المغرب لدى الاممالمتحدة شدد على ضرورة "تفادي تكرار الاخطاء التي شابت عمليات تحديد الهوية". ودعا الى التعاطي مع المراحل المقبلة بالشفافية والانصاف، ويتوقع ادراج نتائج هذه الاتصالات في التقرير الذي سيقدمه الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الى مجلس الامن اليوم.