بدت الأجواء في تركيا هادئة عموماً، غداة الحكم بالاعدام على زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان. ولم تسجل اي احداث عنف او شغب في الأحياء الكردية في المدن التركية الكبرى. لم تسجل قوات الأمن أي هجوم مسلح من قبل المقاتلين الأكراد باستثناء عملية تبادل لاطلاق النار مع مجموعة منهم اثناء عملية امنية للجيش في ولاية هكاري الجنوبية. وأسفر الحادث عن سقوط 12 قتيلاً في صفوف الأكراد. وكانت قوى الأمن التركية اتخذت اجراءات مشددة عشية الحكم على أوجلان مع استمرار الاحتياطات الأمنية التي أُجبر اصحاب المحلات التجارية على اتخاذها منذ اعتقال الزعيم الكردي في شباط فبراير الماضي. وبدا ان تلك الفترة التي شهدت اعمال عنف قام بها "الكردستاني" في اعقاب القاء القبض على زعيمه، كانت بمثابة اختبار حقيقي لمدى سيطرة قوى الأمن التركية على الوضع داخلياً. كما كانت اختباراً للقدرة العسكرية والتنظيمية المتبقية للحزب في المدن التركية الكبرى. وانحسرت مظاهر الابتهاج التي رافقت صدور الحكم في كل انحاء تركيا. وتوقفت التظاهرات الغاضبة المطالبة باعدام أوجلان. وتزامن ذلك مع اعلان حزب الحركة القومية انه لن يشارك في اي احتفال او تظاهرة تقوم بها عائلات الجنود الأتراك وطلب من الجميع التحلي بالصبر وعدم المبالغة في الابتهاج. ولم تعلق أنقرة على ردود الفعل الأوروبية السلبية على الحكم. الا ان تصريحات البيت الأبيض ووزارة الخارجية الاميركية التي وصفت أوجلان بالارهابي، اعطت "دفعة معنوية للأوساط السياسية والاعلامية التركية التي بدأت تبحث وتناقش الخطوة التالية بالنسبة الى اوجلان. ومن حق الزعيم الكردي ان يستأنف الحكم وهو ما سيقوم به محاموه. وعندها سيُحال الحكم الى قاضي الاستئناف والمدعي العام فورال صافاش الذي رفع دعاوى اغلاق احزاب الرفاه والفضيلة والحزب الديموقراطي الشعبي المتعاطف مع الأكراد. ولا يتوقع ان يصدر قرار قاضي الاستئناف قبل الدورة القضائية الشتوية وانتهاء العطلة الصيفية، ما يمهّد لتأجيل هذا القرار الى ما بعد قمة منظمة الأمن والتعاون الاوروبية المقرر عقدها في اسطنبول في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وبدأت بعض الصحف المقربة من الحكومة اعطاء اشارات الى ضرورة رفع عقوبة الاعدام من قانون الجزاء التركي حتى لو حفظ ذلك لأوجلان حياته، مؤكدة ان تركيا يكفيها انتصارها على الزعيم الكردي باختطافه ومحاكمته ولكن عليها ألا تنجرف وراء عواطفها كثيراً حتى لا تدفع ثمن ذلك من حساب سياستها الخارجية وعلاقاتها مع اوروبا. وذكر باقر شاغلار ممثل تركيا السابق لدى محكمة حقوق الانسان الأوروبية ان اعدام أوجلان سيضر بمكانة تركيا دولياً لأنها لم تتمسك بالتعهدات المكتوبة التي قدمتها للاتحاد الاوروبي بعدم تنفيذ احكام الاعدام وتحويلها الى السجن المؤبد. الا ان الاحزاب السياسية كان لها رأي آخر في هذا الموضوع، اذ صرحت تانسو تشيلر زعيمة حزب الطريق القويم بأن حزبها لن يمانع في رفع عقوبة الاعدام من القانون التركي ولكنه لا يرضى بأن يكون الدافع لذلك هو الابقاء على حياة اوجلان لأن الأمر عندها سيؤلم الآلاف من الأتراك الذين فقدوا أقارب لهم بسبب عمليات حزب العمال الكردستاني. كما صرح أمين كارا عضو حزب اليسار الديموقراطي ورئيس هيئة العدل في البرلمان بأن تنفيذ حكم الاعدام في أوجلان سيريح ضمير الشعب التركي وعلى البرلمان ان لا يتأخر في ذلك. وأيد ذلك ايضاً اسماعيل كوسه نائب حزب الحركة القومية اذ قال ان حزبه ينتظر حكم قاضي الاستئناف بالمصادقة على الحكم ليدعو البرلمان الى اجتماع عاجل كي يصادق على الحكم من أجل تنفيذه.