جاكارتا - أ ف ب - استهدفت الرهانات الاساسية في الحملة الدعائية المنتهية رسمياً في اندونيسيا الانتخابات البرلمانية الا انها منحت المرشحين الى انتخابات الرئاسة التي ستجري قبل نهاية السنة الجارية فرصة لاحتساب المؤيدين. ومن غير المتوقع ان يشكل تحالف الاحزاب الاسلامية تأثيراً يذكر في النتائج. ويعرب عدد من المحللين والمعلقين الاندونيسيين عن قلقهم حيال توقعات وامال السكان الذين سيدلون بأصواتهم، بعد عقود من حظر اي نشاط سياسي غير رسمي، ومن احتمال ان يشكل الرهان خيبة لهم وان تكون ردة فعلهم غير متوقعة. ورأى "المعهد الديموقراطي الوطني" وهو مؤسسة اميركية اوفدت مئات من المراقبين الى اندونيسيا بينهم الرئيس الاسبق جيمي كارتر ان "مستوى الثقة لدى المواطنين بالغ التدني بعد اعوام من الانتخابات التي كانت خاضعة لتوجيهات الحكم بشكل واسع". ويخشى الا تتفهم الجماهير اصول اللعبة الديموقراطية التي لن تضمن لمرشح رئاسي لاحد الاحزاب بالوصول الى رئاسة الدولة، حتى في حال نجاحه بتفوق في الانتخابات التشريعية، لأنه سيكون في مواجهة ائتلاف من الاحزاب الصغيرة. إذ أنها ستعتقد بأنها حرمت من الفوز. وأثبتت ميغاواتي سوكارنو بوتري رئيسة الحزب الديموقراطي الاندونيسي وابنة مؤسس اندونيسيا الرئيس الاسبق احمد سوكارنو حصولها على شعبية تخطت كافة التوقعات. ومن امبون الى بالي مروراً بجاكرتا، استقبل الملايين ميغاواتي وطلوا الشوراع باللون الاحمر، لونها المفضل، ووضعوا شعارها "الثور الغاضب" على رؤوسهم. وحل الشخص المفضل سابقاً لدى المعارضة امين رئيس، المثقف الاسلامي زعيم حزب العمل الوطني وراءها بمسافة بعيدة. وكان عبدالرحمن وحيد "غوس دور" زعيم ابرز المنظمات الاسلامية التي أسست حزب اليقظة الوطنية بالكاد مرئياً. لكن حزب غولكار الداعم الاساسي للرئيس السابق سوهارتو وخليفته الرئيس الحالي يوسف بحر الدين حبيبي نظّم حملة انتخابية باهتة. وعلى رغم المعرفة السائدة بارتباط كوادر الحزب بالفساد وحملات القمع على مر العقود، يبدي رئيسه اكبر تاجونغ اقتناعاً بأنه سيحصل على نسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة من اصوات الناخبين. واشار عدد من الخبراء السياسيين والمحللين الاجانب الى ان غولكار لم ينته بعد، على رغم اعتقادهم بأن نسب الارقام هذه مبالغ فيها. ورأى أحد الخبراء ان باستطاعة غولكار شراء الاصوات نظراً الى الاموال التي في حوزته خصوصاً انه لا يزال مسيطراً على الادارة. الا ان احتمالات فوز الحزب قد تؤدي الى ردود فعل عنيفة من السكان الذين يعتبرون انفسهم بأنهم "سرقوا". واكد ديبلوماسي غربي مقيم في جاكارتا منذ اعوام عدة ولم يبد اي ميول للخوف انه في "حال تأكيد النتائج الأولية فوز غولكار، فستستقل زوجتي وابني اول طائرة تغادر اندونيسيا". ومن غير المتوقع ان تتمكن الاحزاب الاسلامية التي تخوض الانتخابات، من احداث تغيير جوهري في الحياة السياسية في البلاد. وكان سوهارتو يعمد الى مسايرة الاسلاميين عندما يحتاج الى تعزيز قوته فقط، لكنه ابقاهم في الظل معظم الاوقات. وتعهد "الحزب المتحد للتنمية"، الحزب الاسلامي الوحيد الذي كان معترفاً به خلال ولاية سوهارتو الى جانب حزبين آخرين، تقديم الولاء للعقيدة العلمانية للدولة. وقفز الى الواجهة اكثر من مئة حزب منذ تخلي سوهارتو عن الحكم، لكن 48 منها، بينها 18 حزباً اسلامياً نالت الموافقة على المشاركة في انتخابات الاثنين المقبل. وأكد الحزب "المتحد للتنمية" اتجاهاته الاسلامية العام الماضي عندما رفعت حكومة حبيبي القيود عن عدد الاحزاب وألغت وجوب التزام العقيدة العلمانية. وقال الخبير السياسي محمد حكم من مؤسسة العلوم التابعة للدولة ان الاحزاب "الاسلامية تعتبر أمراً جديداً نوعاً ما ولذا تجد نفوذها صئيلاً". واضاف انه حتى لو شكلت هذه الاحزاب جميعها "جبهة واحدة، فإن نفوذها سيبقى هامشياً مقارنة مع الاحزاب الكبرى". وتضم الاحزاب الاسلامية اثنين من القادة النافذين، وهما من الاصلاحيين الذين يهدفون الى التقريب بين الاديان من اجل إلحاق الهزيمة بحزب غولكار الحاكم. ويتعلق الأمر بأمين رئيس زعيم حزب العمل الوطني ومؤسس حركة المحمدية سابقاً التي تحتل المرتبة الثانية بين الجماعات الاسلامية، وعبدالرحمن وحيد "غوس دور" زعيم حزب اليقظة الوطنية ومؤسس "نهضة الأمة"، اكبر حركة اسلامية في البلاد وتضم في عدادها 40 مليون شخص. ودعا عدد من القادة المسلمين الاحزاب الاسلامية الى التحالف لكن دعوتهم لم تلق اذاناً صاغية. واتفق الحزب المتحد للتنمية مع 11 حزبا اسلاميا على تبادل الاصوات فيما بينها بهدف الفوز بعدد من المقاعد في ظل نظام التمثيل النسبي المعقد.