وافق برلمان جمهورية صربيا والرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش على خطة السلام في كوسوفو على رغم معارضة الحزب الراديكالي الذي يمثل القوة النيابية الثانية في البرلمان ويشترك في الحكومة الائتلافية. واعلن الحلف الاطلسي ووزارة الدفاع الاميركية ان القصف سيستمر الى ان يثبت ميلوشيفيتش عملياً قبوله خطة السلام. واعلنت موسكو ان الغارات على يوغوسلافيا ستتوقف خلال ايام. وغادر المبعوث الروسي فيكتور تشيرنوميردين بلغراد الى موسكو، فيما عاد المبعوث الاوروبي الى بون لاجراء مشاورات مع المندوب الاميركي ستروب تالبوت. وجاء في اول رد فعل لألبان كوسوفو على الاتفاق الروسي الاوروبي الاميركي انه "لا يلبي الحد الادنى من المطالب الشرعية للشعب الالباني الذي يشكل الغالبية في اقليم كوسوفو". وقال مصدر في جيش تحرير كوسوفو ل"الحياة" ان "الالبان يجب ان يكونوا عنصراً رئيسياً في وضع صيغة اي حل لمشكلة كوسوفو "لكن حصل ان الخطة الدولية استندت الى موافقة برلمانية صربية من دون اخذ رأينا". وأوضح المصدر ان الخطة الجديدة تبتعد كثيراً عن المشروع الذي وافق الوفد الالباني عليه في مفاوضات رامبوييه في فرنسا و"حدد بقاء الاقليم ثلاث سنوات داخل يوغوسلافيا على ان يعاد النظر في الوضع، ويؤكد اشراف الحلف الاطلسي الكامل على الوضع الامني والاداري والانتقالي بما يضمن استتباب السلام". واشار المصدر الى انه "ليس مقبولاً اطلاقاً ان يبقى جزء مهما كان نوعه من قوات الجيش والشرطة الصربية، داخل الاقليم فيما يتم تجريد جيش التحرير من سلاحه ويصفى نشاطه". وأكد المصدر ان جعل الاقليم تحت منطقتي حماية احداهما روسية في الشمال، واخرى اطلسية في الجنوب "يعني امرين: احدهما تقسيم الاقليم والثاني استحالة عودة اللاجئين الالبان الى ديارهم في المنطقة الروسية التي ستكون عملياً تحت نفوذ صربي". واعرب المصدر عن اعتقاده بأن الموقف الرسمي لجيش التحرير سيظهر في وقت قريب بعد اجتماع قيادته مع الحكومة الموقتة برئاسة هاشم ثاتشي. وجاءت موافقة البرلمان الصربي بتأييد من جميع الاحزاب الممثلة فيه باستثناء الحزب الراديكالي الصربي الذي يتزعمه نائب رئيس الحكومة الصربية فويسلاف شيشلي الذي وصف معارضة حزبه الخطة بأنها "ناتجة عن وجود قوات اطلسية معتدية داخل الاراضي الصربية واليوغوسلافية". واشار الى ان حزبه سينسحب من الحكومة الصربية "لانه لا يمكن ان يشارك في تنفيذ اشراف دولي على كوسوفو لا يقبله اصلاً". وبعد موافقة البرلمان الصربي واستلام المبعوثين الاوروبي اهتيساري والروسي تشيرنوميردين الموافقة اليوغوسلافية، غادرا بلغراد امس لاستكمال الاجراءات الدولية في شأن تنفيذ الخطة. وكان المبعوثان عقدا جولتي محادثات مع ميلوشيفيتش اثناء وجودهما في بلغراد. وساد جو من التفاؤل في بلغراد امس بقرب توقف عمليات حلف شمال الاطلسي ضد يوغوسلافيا ونقلت محطات التلفزيون والاذاعة الصربية مشاعر الارتياح الشعبي لموافقة يوغوسلافيا على التسوية الدولية لمشكلة كوسوفو. واشنطنوموسكو في واشنطن أعلنت وزارة الدفاع ان الحملة الجوية على يوغوسلافيا مستمرة الى ان يثبت ميلوشيفيتش انه ينفذ مبادئ السلام التي أرساها الحلف الأطلسي. وأعلن الناطق باسم الحلف في بروكسيل جيمي شي ان الغارات على الأهداف اليوغوسلافية ستزداد لأن الأطلسي لم يتلق بعد اي رد ايجابي رسمياً، وان وقف الغارات يحتاج الى وقت، وأضاف شي ان باستطاعة الحلف التأكد من مدى جدية ميلوشيفيتش حين يثبت انه بدأ فعلاً سحب جيشه من كوسوفو. وفي موسكو ذكر ناطق باسم المبعوث الخاص فيكتور تشيرنوميردين ان الغارات على يوغوسلافيا ستتوقف في غضون ايام. وأكد فالنتين سيرغييف، مستشار تشيرنوميردين، ان المباحثات التي اجراها المبعوث الخاص والرئيس الفنلندي مارتي اهتيساري مع الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش كانت "مشجعة" واضاف ان القيادة السياسية. في بلغراد ادركت "ضرورة الخطوات المنصوص عليها في الخطة التي وضعت اثناء مباحثات "الترويكا" في بون بمشاركة نائب وزيرة الخارجية الاميركية ستروب. وأعرب سيرغييف عن ارتياحه الى موافقة البرلمان الصربي على الخطة مؤكداً ان تفصيلات لاحقة ستدرس في اجتماع ثلاثي بين تشيرنوميردين واهتيساري وميلوشيفيتش. وذكر ان ما تحقق الخميس يعني ان "الغارات ستتوقف خلال ايام ويبدأ نقل النزاع الى مجرى سياسي". وذكر المستشار ان تشيرنوميردين اتصل بتالبوت من بلغراد وطلب منه ايفاد مجموعة من الخبراء العسكريين الاطلسيين ليعملوا في العاصمة اليوغسلافية بالتعاون مع عسكريين روس "وفق الخطة التي تم اقرارها". وتابع ان ساعة وصول الخبراء ستكون "لحظة وقف اراقة الدماء" في يوغسلافيا. وأشار تشيرنوميردين الى ان "توقف" الغارات وليس "وقفها" ينبغي ان يبدأ بعد توقيع اتفاق بين يوغوسلافيا والأطلسي في شأن سحب القوات الصربية من كوسوفو تحت اشراف دولي على ان يبدأ إثر ذلك صوغ قرار يصدر عن مجلس الأمن. وأشار تشيرنوميردين الى "وجودين دوليين" في كوسوفو، اي ان ترابط قوات روسية في الجزء الشمالي من الاقليم، ووحدات اطلسية بقيادة الحلف في الجنوب و"تنظم العلاقات بين المجموعتين بموجب اتفاق". وعلمت "الحياة" من مصدر مقرب من وزارة الخارجية ان هناك تفاهماً ضمنياً على ان تتولى قوات الاطلسي الحد من نشاط "جيش تحرير كوسوفو" وتقوم الوحدات الروسية بمنع اي عمليات للميليشيات الصربية.