رفض المستشار الألماني غيرهارد شرودر خيار التدخل البري في كوسوفو، فيما تكثفت جهود الوسطاء الدوليين لإيجاد حل على أساس القرارات التي اتخذتها مجموعة الثماني في بون أخيراً، وسط حذر أطلسي من "مراوغة" من جانب رأس النظام في بلغراد. تزايدت الانطباعات عن انقسام الحلفاء حول دعوات مراجعة استراتيجية الحلف الأطلسي بعد أكثر من خمسة وخمسين يوماً من انطلاق حملة القصف الجوي ضد يوغوسلافيا وحاجات الحسم العسكري في الميدان. وجاء ذلك في وقت زادت الرهانات على الحل الديبلوماسي وقدمت بلغراد مؤشرات إضافية حول احتمالات تراجعها. لكن مصادر الحلف حذرت من "مراوغة" الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش لأنه تعود نقض الاتفاقات التي يوقعها. وأكدت قبل بدء المحادثات بين الرئيس اليوغوسلافي والمبعوث الروسي فيكتور تشيرنوميردين على ضرورة قبول بلغراد كل الشروط الأطلسية التي تضمنتها بيانات مجموعة الثماني مع "ضرورة التثبت من تنفيذها في واقع الميدان قبل انتهاء حملة القصف". ورفض المستشار الألماني غيرهارد شرودر بشدة خيار تدخل القوات البرية لحسم النزاع في كوسوفو. ورأى أن "استراتيجية الحلف بدأت تؤتي ثمارها"، وراهن على الجهود الدولية الجارية. وذكر بعد اجتماعاته مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي خافيير سولانا، أنه "أكثر أملاً من الأسبوع الماضي"، إذ تتواصل المشاورات بين المبعوثين الأميركي ستروب تالبوت والأوروبي مارتي اهتيساري والروسي تشيرنوميردين. وتسعى الجهود الديبلوماسية لتأمين موافقة بلغراد على الخطة التي وضعتها مجموعة الثماني قبل نقل النقاشات إلى طاولة مجلس الأمن. وفي مؤشر يوحي باختلاف التقويمات في صفوف الحلفاء، استبعد المستشار الألماني خيار التدخل البري، وأكد تمسكه باستراتيجية حلف شمال الأطلسي القائمة على "مواصلة حملة القصف الجوي من جهة، ودعم الجهود الديبلوماسية من جهة أخرى". وكان رفض في اللقاء الذي جمعه قبل يومين مع رئيس الوزراء الايطالي ماسيمو داليما فكرة "تعليق عمليات القصف" في حال وافقت الصينوروسيا على إصدار قرار مجلس الأمن. وينتظر أن يعقد داليما اجتماعات اليوم الخميس مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي. وأوضح شرودر أن الحكومة والمعارضة في المانيا تعارضان تدخل القوات البرية في هذه المرحلة. وأكد اعتراضه على دعوات ارتفعت في بريطانيا والولايات المتحدة من أجل تغيير استراتيجية الحلف ودفع القوات البرية لإنهاء النزاع في كوسوفو. ورأى أن استراتيجية القصف الجوي "بدأت تؤتي ثمارها وقاربت أهدافها". وتحاول المانيا، الرئيسة الحالية للاتحاد الأوروبي، استباق نهاية الأزمة وتهيئ لاحتضان الاجتماعات المتعددة الأطراف، على مستوى مدراء الشؤون السياسية، في السابع والعشرين من الشهر الجاري في بون للبحث في ميثاق استقرار في جنوب شرقي أوروبا. وسيشارك فيها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةوروسيا وحلف شمال الأطلسي والمنظمات الاقليمية والدولية الأخرى. وأوضح مصدر ديبلوماسي أن الحلف سيتولى مهام تدريب القوات المسلحة وملاءمة "برامج الشراكة من أجل السلم" القائمة مع كل دولة من دول المنطقة من أجل تعزيز استقرار المؤسسات الديموقراطية. وستعهد إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبي مهمات تدريب قوات الشرطة وإقامة المؤسسات المدنية وتشجيع التعددية السياسية والديموقراطية. ولا تستبعد الخطة انضمام يوغوسلافيا في الأمد البعيد بعد إحلال السلام في كوسوفو وتغير النظام في بلغراد. ولتشجيع صمود جمهورية الجبل الأسود، فإن ممثلي حكومة الرئيس ميلو جوكانوفيتس سيدعون لحضور اجتماعات بون. وتحتضن الجمهورية الشريكة في الاتحاد اليوغوسلافي أقطاب المعارضة الصربية الذين لجأوا إليها للنجاة من العمليات الانتقامية التي تستهدفهم من جانب أجهزة استخبارات الرئيس ميلوشيفيتش. وقال زعيم الحزب الديموقراطي الصربي زوران جينجيتش إن المعارضة الصربية تعمل تحت حماية رئيس جمهورية الجبل الأسود من أجل "صوغ برنامج مشترك" يكون بديلاً لنظام الرئيس ميلوشيفيتش بعد انتهاء الحرب. وتحدث عن تشقق وحدة الصرب حول نظام بلغراد. موسكو في غضون ذلك، لمحت موسكو أمس إلى احتمال التوصل إلى "صيغة لوقف العمليات العسكرية" في البلقان، فيما أكد رئيس الوزراء الروسي ان الغارات على يوغوسلافيا "ضربة لروسيا". وتوجه المبعوث الخاص فيكتور تشيرنوميردين إلى بلغراد للاجتماع إلى الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش واطلاعه على نتائج مفاوضاته مع تالبوت واهتيساري. وذكرت وكالة "ايتار تاس" الرسمية ان الاجتماع توصل إلى "صيغة تستند إلى اتفاقات بون وقد تكون أساساً لوقف العمليات العسكرية". وتوجه تالبوت إلى العاصمة الألمانية لابلاغ مدراء وزارات الخارجية في الدول الصناعية الكبرى بنتائج اجتماع هلسنكي ثم سينتقل إلى موسكو بعد عودة تشيرنوميردين من بلغراد، وينضم إليهما اهتيساري لعقد جولة ثانية من المفاوضات. وفي موسكو، أكد ستيباشين ان على روسيا "استخلاص الدروس من الضربة" التي وجهت إليها بقصف يوغوسلافيا. وذكر ان "الأطلسيين بدأوا يفهمون أموراً كثيرة". وقال إن "وضعهم صعب جداً"، ودعا إلى وقف فوري للغارات.