بدأت النيابة العامة الكويتية ليل الاربعاء حملة واسعة ضد الانتخابات "الفرعية" القبلية، واصدرت أوامر بضبط وإحضار عدد من مرشحي القبائل - وبينهم نواب سابقون - للتحقيق معهم بتهمة خرق القانون الذي اصدره مجلس الامة البرلمان عام 1998، ويحرّم تنظيم مثل تلك الانتخابات او المشاركة فيها. وساد اوساط القبائل استياء شديد، فيما قرر عدد من المرشحين تحدي الاجراءات القضائية. واعتصم مئات من ابناء قبيلة العجمان امام مبنى نيابة الاحمدي امس احتجاجاً على مثول النائب السابق المرشح وليد الجري للتحقيق امام وكلاء النيابة بتهمة خرق قانون تحريم الانتخابات الفرعية اشارت مصادر القبائل الى ان نيابة الاحمدي اجرت تحقيقات مع عدد من مرشحي القبائل الذين شاركوا في انتخابات "فرعية" نظمت في دوائر "الرقة" و"الفحيحيل" و"الصباحية" وغالبيتهم من قبيلتي "العجمان" و"العوازم" وبينهم النواب السابقون سعد طامي وخميس عقاب وراشد الحجيلان ومرشحون آخرون بينهم مبارك صنيدح الذي كسب المركز الاول في "فرعية" قبيلة العجمان في "الرقة". ووجهت اليهم جميعاً تهمة "تنظيم انتخابات فرعية مخالفة للقانون" واطلقوا بكفالة بعد دفع 500 دينار 1700 دولار. واصدرت النيابة التي كانت وزارة الداخلية ابلغتها وقائع الانتخابات الفرعية، اوامر بضبط قبليين آخرين شاركوا في الانتخابات واحضارهم، ومن هؤلاء النواب السابقون خالد العدوة ووليد الجري وهادي الحويلة وفهد الميع ومرشحون آخرون. وأثارت الاجراءات استياء واسعاً في اوساط القبائل التي تعتبر تقليدياً قريبة الى الحكومة. وعلمت "الحياة" ان قبائل طلبت من مرشحيها الامتناع عن حضور تحقيقات النيابة، وان بعض القبليين اقترح تنظيم تظاهرات سلمية امام مقر النيابة، في حال اعتقال المرشحين او مضي السلطات في حملتها على القبائل، في حين افادت صحف كويتية ان الحكومة تستفسر من خبرائها القانونيين عن امكان حرمان نواب سابقين مرشحين فازوا في الانتخابات "الفرعية" من خوض الانتخابات البرلمانية المقررة في 3 تموز يوليو المقبل. وكانت الحكومة تتغاضى سابقاً عن ظاهرة "الفرعيات" القبلية، لكن نتائج هذه الانتخابات في السنوات الاخيرة بدأت تفرز قبليين معارضين كان لهم دور في تحدي البرلمان الحكومة في قضايا عدة. والامر ذاته حدث في "فرعيات" 1999، مما يراه بعض القبليين تفسيراً للحملة الحكومية الحالية على القبائل. وكتبت صحف ان الحكومة بدأت تحرّض المرشحين القريبين اليها ممن خسروا الانتخابات "الفرعية"، على الاحتجاج على نتائجها. يذكر ان البرلمان اصدر بضغط من المعارضة الليبرالية والصحافة قانوناً عام 1998 يجعل تنظيم "الفرعيات" او المشاركة فيها مخالفين للقانون تترتب عليهما عقوبات تصل الى السجن 3 سنوات، او غرامة تصل الى 10 آلاف دولار. وشنّت الصحافة التي لليبراليين نفوذ قوي فيها، حملة على الحكومة في الاسبوعين الاخيرين متهمة اياها بالتقاعس عن تطبيق القانون ضد القبائل، التي لم يتردد بعضها في التباهي بتنظيم الانتخابات والاعلان عن "تزكية" الفائزين فيها في اعلانات تجارية في الصفحات الاولى في الجرائد اليومية. ومن الطرائف انه في اليوم الذي تحركت عناصر النيابة لتوزيع البلاغات بحضور المتهمين للتحقيق معهم، كان النائب السابق هادي الحويلة ينشر اعلاناً كبيراً يشرح فيه ل"اخوانه من قبيلة العجمان" سبب احتجاجه على نتيجة "الفرعية" التي نظمتها القبيلة في دائرة "الرقة" وخسرها. ويتطرق في اعلانه المنشور في الصفحات الاولى الى كل تفاصيل الانتخابات التي يفترض انها اجريت سراً. وحذرت صحيفة "الوطن" امس من كلفة سياسية قد تتكبدها الحكومة بسبب اتخاذ موقف متصلّب من القبائل، في حين نقلت صحيفة "الرأي العام" عن السياسي والمفكر الكويتي عبدالله النفيسي قوله ان الحكومة قد تتخذ من القضايا المرفوعة ضد مرشحين دخلوا "الفرعيات" اداة للضغط عليهم بعد نجاحهم في الانتخابات البرلمانية. ورأى النفيسي الذي كان نائباً في مجلس الامة عام 1985 ان تنظيم "الفرعيات" تعبير عن "التمسك بالقبلية في المجتمع الكويتي، ولن تلغي القوانين والدساتير هذه الامور بل الوقت وتطور الاعراف والتقاليد هما الكفيلان بذلك".