باريس - "الحياة" - نوقشت في جامعة باريس السابعة - جوسييه اطروحة دكتوراه بعنوان "وجوه فلسطين في أعمال جان جينيه: الأسير العاشق ونصوص أخرى"، وهي الاطروحة الثالثة التي تتناول القضية الفلسطينية في كتابات جان جينيه الكاتب الفرنسي الأكثر مشاغبة وهامشية بين كتّاب جيله والذي توفي عام 1986. قدمت الاطروحة الطالبة الفلسطينية بسمة العمري ونالت عنها شهادة الدكتوراه بدرجة مشرف جداً مع اذن بالطبع. وكان جينيه كتب مسرحيات وأعمال نقد مسرحي مثلما كتب المقالة السياسية والنقد الادبي والمسرحي. واشتهر في السبعينات بدفاعه عن "الفهود السود" في الولاياتالمتحدة، كما زار بيروت عام 1982 وكان من بين أول من دخلوا صبرا وشاتيلا ليشهد على المجازر التي ارتكبت. انطلقت بسمة العمري في بحثها كما أوضحت ل"الحياة" من نقطة الخطاب الاشكالية في "الأسير العاشق" والتي هي الأساس، عبارة عن شهادة ألغي بداخلها الجانب الخيالي الموجود في اصل كل نص شعري. لكن كلمة "خيالي" تظل غير ممحوة بشكل كلي من هذا العمل لتنكتب في سياق آخر غير مخيلة الكتاب، مكان يملك القدرة على محو الحدود بين الحدث الواقعي والتعبير الشعري. ولم تعتمد العمري اسلوباً أكاديمياً بحتاً خلال بحثها في مقالات جينيه السياسية التي نشرها في السبعينات او كتابه الاخير "الأسير العاشق" الذي لم يلق ترحيباً نقدياً وقت صدوره في فرنسا 1986 ولم يعط قيمته الحقيقية ربما بسبب من اسلوبه المتقطع والمفكك في القص، او بسبب طبيعة الموضوع الذي تناول المخيمات الفلسطينية في الأردن ولبنان. وظلت صاحبة الاطروحة ملتصقة بالنص، وفية لمضامينه الى ابعد حد، لتخرج بمقاربة خاصة جداً، اقرب الى الكتابة منها الى العمل الاكاديمي البحت، من دون ان ينقص ذلك من قيمتها كبحث علمي، بشهادة الاساتذة الذين شاركوا في المناقشة. وتعرض الاطروحة لعلاقة جينيه بالفلسطينيين، "فالفلسطيني يقيم من خلال الثورة علاقة بينه وبين ارضه غير المرئية، والثورة هدفها الوصول الى هذا الشيء غير المرئي"، جينيه لم يكن يملك هذا الغياب لكنه كان يشاهد الثوري امامه ويتابع حركاته وتصرفاته "يرى من خلاله الغير مرئي في حركة الثورة". وتخلص الاطروحة الى استنتاج ان جينيه كان "شاهداً على هذا الواقع - الخيال، من خلال كتابة تستعير المعنى الاصلي الغائب وتستخدم الاستعارة للتعبير عنه. تكتب غياب المعنى وحتى تتم رؤية هذا الغياب، معرفته، الاحساس به، تأخذ الكتابة شكل البحث عن معرفة وعن اعتراف. الكتابة في هذه الحال "يمكن ان تخلق داخل الغياب حضوراً ابدياً، يتجدد باستمرار من دون ان ينتهي وفي هذا المكان تتوحد حركة الكتابة بحركة الثورة وتكتب او تعيد كتابة التاريخ". نوقشت الاطروحة بمشاركة الاساتذة جان ميشيل مولبوا المشرف، فرانسيس مارمون، جان ميشيل ري ومارك دمبر.