سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتبر ان دمشق حملت نتانياهو المسؤولية ... لإبقاء فرص السلام . ديبلوماسي غربي ل "الحياة" : التمسك بلجنة المراقبة أعاد الاعتبار الى تفاهم نيسان لضبط الوضع
في قراءة لخلفية العدوان الاسرائىلي على البنى التحتية اللبنانية، لا بد من تسليط الاضواء على مواقف الاطراف المعنيين بالوضع في الجنوب وهم الدول الاعضاء في لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل، اضافة الى "حزب الله" كونه طليعة القوى التي تقود المقاومة في الجنوب. قال ديبلوماسي غربي ل"الحياة" ان الجهود الدولية والعربية واللبنانية، وان أثمرت رغبة قاطعة في العودة الى لجنة المراقبة كاطار وحيد لاستيعاب التوتر في الجنوب وصولاً الى تنفيس الاحتقان من خلال معالجة التصعيد العسكري، فعلاً أو رد فعل، أظهرت في المقابل "مرونة" في قراءة المرحلة الانتقالية الفاصلة في تل أبيب التي تستعد لتسليم ايهود باراك زمام المسؤولية رسمياً خلفاً لبنيامين نتانياهو المهزوم في الانتخابات الاسرائىلية. وأكد الديبلوماسي ان الاطراف جميعاً يرغبون في تهدئة الوضع، وان كان لكل منهم طريقته في التعبير عن استجابته طلب التهدئة، انطلاقاً من مراجعته دقة المرحلة وحرصه على ابقاء المرجعية الدولية المتمثلة بلجنة المراقبة في منع تفاقم التوتر وضبط الوضع الى حين تسمح الظروف السياسية بالوصول الى سلام عادل. ولفت الى رغبة دولية في تأكيد التلازم بين المسارين اللبناني والسوري، وان مجرد اللجوء الى مجلس الامن الدولي يعني اطاحة دور لجنة المراقبة، اي المرجعية الدولية التي يتعاطى معها الجميع على انها لجنة أمنية تحظى برعاية دولية وعربية قادرة على التدخل في الوقت المناسب للجم التدهور العسكري. وتوقف الديبلوماسي امام رد الفعل السوري على العدوان الذي بثته الاذاعة السورية، ورأت فيه ان "نتانياهو المهزوم يحاول احراج باراك، ويسعى الى تدمير عملية السلام وتأجيج التوتر". وقد أكده لاحقاً وزير الخارجية السورية فاروق الشرع. وقال ان الموقف السوري عموماً بادر بالتعاطي مع العدوان من زاوية أشمل تتجاوز رد الفعل الاولي بحدوده الجغرافية الواقعة بين الجنوب وبيروت الى نظرة شمولية تتعلق باحتمال تحقيق سلام عادل وشامل". واعتبر الديبلوماسي ان الموقف السوري جاء مدروساً ودقيقاً جداً وهذا ما يفسّر عدم ادراج اسم باراك، بالمعنى السياسي للكلمة، على قدم المساواة مع نتانياهو، ما يعني ان دمشق لا تزال تترك الفرصة لرئيس وزراء اسرائيل الجديد من اجل اختباره ميدانياً للتأكد من مدى صحة ما يشاع عنه انه راغب في الوصول الى سلام شامل، أي ان دمشق أبقت الباب مفتوحاً في وجه باراك، وارادت بذلك تسليف القوى الدولية والعربية المراهنة على وصول باراك، رغبة منها في الحفاظ على خطوط السلم مفتوحة، وظناً منها ان ذلك يشجع الولاياتالمتحدة الاميركية واوروبا على اداء دور ضاغط لتحضير اجواء تسمح باشاعة مناخ سياسي جديد يمهد الطريق لتحقيق السلام، والا لكانت بادرت منذ اللحظة الاولى باتهامه بانه متورط في العدوان. ونوه الديبلوماسي الغربي بالموقف السوري الذي عكس رغبة دمشق في توجيه رسالة تنطوي على تشجيع الجهود السلمية. وبالنسبة الى الموقفين الاميركي والاوروبي وتحديداً الفرنسي، قال "ان الجهود الغربية أثمرت تثبيتاً للجنة المراقبة ودورها لتهدئة الوضع وحالت دون اطاحته على رغم اقتناعنا بان نتانياهو رد على قصف الكاتيوشا في شكل انتقامي وعدواني لا مبرر له، لفرض شروط جديدة من خلال اجراء تعديل على قواعد اللعبة الامنية والسياسية في الجنوب، يمكن ان يلزم بها باراك الذي لا يستطيع الاعتراض على ما قام به سلفه". واضاف "ربما أراد نتانياهو تكريس أمر واقع جديد يمكن ان يلغي دور لجنة المراقبة، في حال عدم قدرته على ادخال تعديلات على بعض بنود "تفاهم نيسان، مستفيداً من لجوء حزب الله الى اطلاق الكاتيوشا". وأعرب الديبلوماسي عن اعتقاده "ان المواقف التي صدرت عن أركان الدولة اللبنانية وعلى رأسهم رئيسا الجمهورية أميل لحود والحكومة سليم الحص، بما فيها عدم اعفاء باراك من مسؤوليته لجهة استبعاد معرفته المسبقة بالعدوان، جاءت بهدف الامساك بالوضع الداخلي وعدم تعريضه لتساؤلات متناقضة، اضافة الى رغبتهم في احتضان المقاومة وعدم استفرادها وحمايتها في هذا الظرف الدقيق، للحؤول دون التفريط بها على غرار ما حصل في عدواني تموز يوليو 1993 ونيسان ابريل 1996". وتوقع ان تكون الدولة بادرت عبر قنوات الاتصال بتقويم الوضع مع قيادة حزب الله من باب الحرص على التناغم بينها وبين المقاومة لئلا تذهب بعيداً في القلق والحذر، مشيراً الى ان "التشكيك من وجهة النظر الرسمية في ان يكون باراك على عدم معرفة بالعدوان يهدف الى طمأنة الحزب من اجل ضبط ادائه". وعن تفسيره لموقف "حزب الله"، قال الديبلوماسي "ان هناك رأيين: الاول يعتقد ان الحزب لم يقم اي حساب دقيق للمرحلة الانتقالية في اسرائيل وبالتالي كانت له تقديرات معينة حيال حجم رد الفعل اختلفت عما قامت به تل أبيب. اما الرأي الثاني فيظن ان الحزب كان التزم مراراً في السابق الرد بالكاتيوشا في حال تعرّض المدنيين الى اعتداء، ولم يكن في وسعه التريث". حتى ان الديبلوماسي يظن ان الحزب "أحرج حيال التزاماته وكان عليه ان يترك الامر للجنة المراقبة والا ينوب عن الدولة في مطالبته بالحماية للمدنيين من خلال ممثلها في اللجنة"، نافياً "ان تكون لموقف الحزب أبعاد اقليمية تتعدى دمشق الى طهران". وقال "ان الجهود الدولية في تعويم لجنة المراقبة وان دعوة فرنسا الى ضبط النفس، تتفق والدعوة الاميركية، على رغم ان واشنطن تحاول ان تعطي له تفسيراً يقود الى وقف العمليات. وعلى كل حال فنجاح الديبلوماسية في الحفاظ على دور اللجنة حال وربما، موقتاً، دون اجراء تغيير جذري في قواعد اللعبة، شرط الامتناع عن استخدام الكاتيوشا".