تفاعلت التصريحات المنسوبة الى رئيس الحكومة اللبنانية سليم الحص في اسرائيل التي حاول رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو تجاهل التوضيحات اللبنانية لما بثته هيئة الاذاعة البريطانية أول من أمس والتظاهر بأنه اطلق حملة ديبلوماسية لتحريك المسار التفاوضي مع بيروت. وكرر شروطه المعروفة للانسحاب، وعلى رأسها تجريد "حزب الله" من السلاح مسبقاً وهو ما رد عليه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله امس رافضاً اي تعديل ل"تفاهم نيسان" ومؤكداً على صواريخ الكاتيوشا كپ"سلاح رادع" وعلى الاستمرار في عمليات المقاومة ضد الاحتلال. على رغم البيان التوضيحي الذي اصدرته الحكومة اللبنانية لتصريحات الحص التي ادلى بها الى الاذاعة البريطانية، ما زالت الساحة السياسية في اسرائيل مشغولة بالرد على ما اعتبره احد المسؤولين الاسرائيليين "فرصة يجب عدم تفويتها". وسارعت الحكومة الاسرائيلية في الوقت ذاته الى ايفاد احد مستشاري بنيامين نتانياهو السياسيين الى باريس لبحث "حقيقة تصريحات الحص". وقالت مصادر مقربة من المستشار اوزي اراد ان الاخير نقل رسالة الى سورية ولبنان عبر الفرنسيين مفادها ان "اسرائيل معنية بالخروج من لبنان شرط ان ينشر الجيش اللبناني قواته على الحدود الشمالية". ورفض نتانياهو التعليق على نبأ الزيارة الخاطفة التي قام بها أراد خلال العطلة الاسبوعية وقال "افضل عدم الخوض في تفاصيل الاتصالات الديبلوماسية الاخيرة". وأكد في الوقت ذاته ان اسرائيل "تريد شركاء للتوصل الى حل في لبنان". واشترط نتانياهو في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية امس مجدداً انسحاب جيشه من الجنوباللبناني المحتل "بتجريد منظمة حزب الله من السلاح وانتشار الجيش اللبناني على طول الحدود الشمالية" للدولة العبرية. وقال نتانياهو: "تملك الحكومة اللبنانية القدرة العسكرية والسياسية لتجريد حزب الله من الاسلحة... لقد جردت جميع القوى الاخرى من السلاح ولكنها لا تعمل على ذلك في الجنوب". وأضاف: "بامكان الحكومة اللبنانية ان تنشر جيشها بصورة تدريجية". وحاول نتانياهو استدراك التصريحات التي ادلى بها اول من امس السبت في اعقاب نشر تصريحات الحص والتي لمح فيها الى امكانية البدء بانسحاب الجيش الاسرائيلي حتى قبل اجراء الانتخابات النيابية وقال: "علينا دراسة أقوال الحص بجدية... وإذا توافرت ادلة على أن الحكومة اللبنانية ستلتزم القانون الدولي، فهذا سيخلق ظروفاً افضل للخروج من جنوبلبنان". وأضاف موجهاً حديثه الى رئيس الوزراء اللبناني: "سيجد الحص في اسرائيل شريكاً للتوصل الى حل". وانتقد زعيم حزب العمل المعارض ومنافس نتانياهو على رئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة ايهود باراك ما سماه "تسرع" نتانياهو في الرد على اقوال الحص. وأضاف باراك في تصريحات صحافية "مشكلة اسرائيل اليوم ان الحكومة تعتقد انه بالامكان حل المشاكل السياسية عبر الاثير ووسائل الاعلام". وجدد باراك تعهده ان يسحب الجيش الاسرائيلي مع حلول شهر حزيران يونيو عام 2000. وشدد المسؤول الاسرائيلي على ان الحل اللبناني لن يكون من دون المفاوضات مع سورية. وعزا المنافس الثالث على رئاسة الحكومة الاسرائيلية وزير الدفاع السابق اسحق موردخاي استمرار وجود الجيش الاسرائيلي في الجنوباللبناني الى رفض نتانياهو تنفيذ اتفاق "واي ريفر" مع الفلسطينيين. وقال: "استطيع أن اكشف الآن ان سورية كانت ستدخل في مفاوضات معنا اذا نفذ نتانياهو اتفاق واي". غير ان كبير المحللين السياسيين الاسرائيليين شمعون شيفر أشار في صحيفة "يديعوت احرونوت" الى ان المرشحين الثلاثة يطلقون "الوعود الفارغة من باب تسجيل النقاط" بعضهم ضد بعض في الحملة الانتخابية. وقال شيفر ان نتانياهو ومعه وزير دفاعه السابق لم يفعلا شيئاً خلال السنوات الثلاث الماضية لاخراج الجيش الاسرائيلي من لبنان في حين ان خطة باراك للخروج من لبنان لا تشير الى الثمن الذي ستدفعه الدولة العربية في مقابل هذا الانسحاب. ورأى ان نتانياهو وباراك وموردخاي لن يخرجوا الجيش الاسرائيلي من لبنان في حال فوز اي منهم "لأنهم جميعاً يعارضون انسحاباً احادي الجانب". انديك ورفضت مصادر ديبلوماسية لبنانية مسؤولة أي رابط بين هذه التطورات والزيارة التي سيقوم بها للبنان هذا الاسبوع مساعد وزيرة الخارجية الاميركية مارتن انديك. واعتبرت ان اختيار بيروت كواحدة من المحطات يهدف الى تأكيد الدعم الاميركي للعهد الجديد بعد انتخاب العماد اميل لحود رئيساً للجمهورية، وقال انه ليس في مقدور الولاياتالمتحدة تغييب لبنان عن لائحة الدولة المشمولة بجولة الموفد الاميركي ما دام انها كانت اول من رحبت بانتخابه، وأعلنت دعمها للحكم الجديد في لبنان. ووصف المصدر زيارة انديك لبيروت بأنها زيادة معنوية وان كانت ستشكل فرصة لعرض الوضع في منطقة الشرق الأوسط في ظل حال الجمود المسيطرة على العملية السلمية والتأكيد الاميركي على معاودة تحريك المفاوضات التي تنتظر نتائج الانتخابات المبكرة في اسرائيل. من هنا استبعد المصدر ان يكون انديك حاملاً معه اية افكار جديدة سوى "النيات الطيبة الاميركية" التي لن تكون مقرونة بأية خطة عمل ما دام ان اسرائيل تمر الآن في مرحلة سياسية انتقالية ستبقى قائمة الى ما بعد الانتهاء من الانتخابات لمعرفة من سيتولى تشكيل الحكومة الجديدة... وختاماً اكد المصدر ان انديك سيشدد على ضرورة ضبط النفس بغية تهدئة الوضع في الجنوب نافياً ان تكون في جعبته اية افكار تتعلق بتعديل مهمة مجموعة مراقبة "تفاهم نيسان". نصرالله وقال الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله أمس ان اسرائيل "تعيش في مأزق حاد استطاعت المقاومة أن تدخله الى كل بيت فيها، والى كل عقل وقلب وشخص في المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والأحزاب والصحافة والشارع". ودعا، في كلمة في احتفال تأبيني في الضاحية الجنوبيةلبيروت، الى "عدم الخوف من التهديد والتهويل الإسرائيلي"، مستبعداً "اقدام العدو على عملية عسكرية واسعة في هذه المرحلة، لأنها ستكون مغامرة اسرائيلية حقيقية غير مضمونة النتائج ومرجحة للفشل". وأعلن أن تعديل "تفاهم نيسان" للعام 1996 "أمر مرفوض قطعاً"، معتبراً انه الهدف الرئيسي لزيارة أنديك للمنطقة. وقال ان "من جملة ما يطرح من تعديل يسلب حق المقاومة في الرد على المستعمرات في شمال فلسطين حتى لو ارتكب الإسرائيليون مجازر في لبنان، وهذا يعني منع اطلاق الكاتيوشا على شمال فلسطين تحت أي اعتبار وفي أي ظرف وضمن أي وضع إطلاقاً، وإذا ارتكب العدو مجزرة في جنتا أو صيدا أو قصف بنى تحتية وماء وكهرباء، فممنوع أن يُرد عليه! هل يمكن أن يقبل عاقل بهذا؟ فبعدما وصلنا الى مرحلة فرضنا فيها توازناً للرعب واستطعنا أن نحمي المدنيين والمنشآت المدنية بنسبة كبير هل نتخلى عن كل هذا؟ ان هذا أمر غير منطقي وغير إنساني وغير منصف وغير مقبول وهذا يعني أنه لم يعد ثمة تفاهم اسمه تفاهم نيسان وانتهى كل شيء". وأضاف: "لا يجوز أن يخضع أحد لهذه الضغوط ومهما ضغط الأميركيون والإسرائيليون لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً على هذا الصعيد، وهذا السلاح يجب أن يبقى في أيدينا". وسأل: "لماذا لم يجرؤ العدو الإسرائيلي على قتل الطلاب حول الشريط الشائك في أرنون؟ لأن الكاتيوشا حاضرة في العقل الإسرائيلي، ولأن قتل هؤلاء االطلاب يعني انهمار العشرات من صواريخ الكاتيوشا على مستعمرات الصهاينة في شمال فلسطين وهذا ما لا يطيقه العدو ولا يتحمله". وأعلن "أن الموقف الرسمي اللبناني ومعه الموقف الكبير والمهم لدى القيادة السورية حاسم في هذا الاتجاه، لكننا نؤكد أن هذا الرفض هو أيضاً موقف وطني جامع لا يجوز أن يخترقه أحد على الإطلاق". وأشار الى "ان الجنوب أدخل في الانتخابات الإسرائيلية ونحن لم نكن نريد ذلك، وقد أكدنا مراراً ونؤكد أن العمليات في الجنوب خاضعة فقط للظروف الميدانية، وان المجاهدين يعملون دائماً والعبوات تزرع كل يوم من دون تعطيل لتصطاد المحتل ولكن عندما لا يأتي العدو ولا يتحرك ويبقى سجيناً لا نسمع بالعملية أما عندما يتحرك وتنفجر به العبوة نسمع بها"