أعلن المدير التنفيذي لمجموعة «توتال» الفرنسية كريستوف دومارجوري، أن المجموعة «ستستأنف نشاطها في ليبيا على مراحل»، متوقعاً للمرة الأولى «استعادة النشاط الكامل منتصف عام 2012». وأكد التزام «وقف كل نشاط في سورية في آب (أغسطس) الماضي، بناء على قرار اللجنة التنفيذية للمجموعة قبل العقوبات، كما اتخذنا قراراً شجاعاً يقضي بعدم وجود أي سبب لدينا لشراء النفط السوري». واعتبر أن «الحظر عموماً يمسّ الشعب أولاً». وأكد في حديث إلى «الحياة»، أجري في باريس قبل أيام، اهتمام المجموعة باستدراج العروض لاستكشاف الغاز في لبنان، «لكنهم لم يجهزوا بعد، وهناك مشكلة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وبين قبرص ولبنان». ثمة تساؤلات إذا كانت السياسة الفرنسية حيال ليبيا الجديدة وزيارة الرئيس نيكولا ساركوزي لطرابلس وبنغازي ستعزز مكانة «توتال» مستقبلاً. لكن دومارجوري أعلن «معاودة علاقاتنا مع المجلس الوطني الانتقالي منذ بداية الثورة، وكان لا بد من السهر على أوضاع منشآتنا. وسنقرّر لاحقاً في ما يخص الأعمال الجديدة». ولفت إلى أنهم «مهتمون بوضوح بإعادة إطلاق إنتاجنا في أسرع وقت». وردد ما قاله رئيس المجلس الوطني ورئيس الوزراء، وهما أوضحا أن «ما تغير هو النظام فقط»، ووجهت إليهما رسالة وفعلت ما ينبغي ليدركوا أننا موجودون». وإذا كان هو الذي أعد الرسالة التي تحدثت عن اتفاق يخول الشركة الحصول على 35 في المئة من النفط الليبي، أكد أن «بحسب العارفين هذه الرسالة مزيفة، وكانت موجودة على الإنترنت منذ نيسان (أبريل)». وأشار إلى أن «الروس والصينيين سألوني في حينه عن الموضوع، وأجبتهم بأن ذلك يثير الضحك ولا علم لي بما يتحدثون عنه، ويعود هذا الموضوع للظهور مجدداً وكأنه سبق صحافي، وهو ليس كذلك وهو خاطئ». وشدد على أن «الأولوية بالنسبة إلينا إعادة تشغيل منشآتنا ومساندة هذه الحكومة الجديدة». وكشف عن «العمل في ليبيا على ثلاثة مشاريع كبيرة، كما نعمل مع ريبسول في مجمع مرزوق الملاق». وقال: «أكدنا للمجلس الوطني أن الأولوية للاستكشاف والمساعدة التقنية التي يمكن تقديمها ضمن خطة لإعادة التطوير، ونرغب في تطوير علاقاتنا وليس للحصول على عقود الآخرين كما يُشاع». وأوضح دومارجوري، «استحالة الخروج عن الشرعية لأن شركة النفط الليبية لا تزال موجودة وتغير رئيسها كما غيّرت ليبيا حكومتها. وأبديت لهم في رسالة استعدادنا لمواصلة التطور ولإكمال الجزء الصناعي غير المنجز». إذ لاحظ أن «الدول المنتجة الأخرى مقارنة بليبيا، طورت قطاع الزيوت والغاز، وصدرت الزيوت من دون القيام بأي استثمار بفضل العائدات النفطية، وهم كانوا يستوردون كل شيء ربما لأن لا عائدات لديهم الآن، فالبلاد فارغة من كل شيء. وإذا نظرنا إلى المملكة العربية السعودية وقطر، نرى أن هذين البلدين طورا نشاطاً محلياً، وهو ما يجب إنجازه في ليبيا ونحن مهتمون بذلك». وعن وضع المنشآت النفطية في راس لانوف وبريغا، أشار دومارجوري، إلى أن «فريقاً لدينا سيتفقد المكان لاقتراح ما يتوجب فعله»، لافتاً إلى أن «حقل الجرف في حالة جيدة وهو من الحقول الأخيرة التي استمرت في الإنتاج، فيما تعرّضت المرافئ لأضرار ملحوظة مثلها مثل البنية التحتية الملحقة بها، وهو ما يمكن إعادة بنائه بسرعة». وكشف عن استئناف «نشاطنا على مراحل»، متوقعاً، «وهذا ما أعلنه للمرة الأولى، استعادة نشاطنا الكامل في ليبيا منتصف عام 2012»، موضحاً أن ذلك «يخص «توتال» فقط ولا ينطبق على الإنتاج الليبي عموماً». وقال: «يبقى أيضاً الوقوف على وضع الحقول الليبية، وهو ما كان متعذراً علينا سابقاً، لأن الحقول لم تكن مفتوحة أمام الشركات الأجنبية ونعرف أنها زُرعت بالألغام». وشدد على أن «من مصلحة الليبيين إعادة إطلاق الإنتاج في أسرع وقت، لأن لا مال لديهم، إذ يعتمد هذا البلد أساساً على المحروقات». وعن كيفية تصرّف «توتال» حيال عزم الاتحاد الأوروبي إقرار عقوبات جديدة على سورية، رأى دومارجوري ضرورة «توضيح الأمور، إذ يُنسب إلى توتال أقوال وأفعال كثيرة غير صحيحة، ومنها استمرارها في استخراج النفط السوري ما اضطرها إلى نفي ذلك». وأعلن «وقف كل نشاط في آب (أغسطس) الماضي، بناء على قرار اللجنة التنفيذية للمجموعة قبل العقوبات، كما اتخذنا قراراً شجاعاً يقضي بعدم وجود أي سبب لدينا لشراء النفط السوري». الاستثمارات في سورية وبالنسبة إلى الاستثمارات المحلية في سورية، فهي «تتعلق بالإنتاج المحلي للغاز، وكنا قررنا عدم وقفها ما لم يُفرض حظر في هذا المجال. وإذا قرر الاتحاد الأوروبي فرضه فسنوقفها». واعتبر أن «الحظر عموماً يمسّ الشعب أولاً، وفي حال أوقفنا إنتاج الغاز فهذا لن يقلص عائدات الدولة بل سيوقف إنتاج الكهرباء في المناطق. وربما يقال لي بأن المستفيد الوحيد من الكهرباء هو النظام، لكن في حال قُطعت الكهرباء فسيتألم الشعب السوري». وأعلن أن المجموعة «لا تجني أرباحاً كبيرة في سورية لأنها بلد نفطي صغير جداً». وأشار إلى أن «أكبر مستثمر في سورية، هو «شل» وليس «توتال». ولم ينفِ أهمية «سورية على المستوى السياسي لوقوعها بين لبنان وتركيا والعراق والأردن، لكنها ليست بلداً نفطياً، وسنلتزم قرار الحظر على الاستثمارات، لكنه ليس وسيلة جيدة». وأكد دومارجوري، أن المجموعة «لا تحقق أرباحاً كبيرة في سورية والنشاط فيها ليس ضخماً، ونحن لا نعمل مجاناً والدليل على ذلك عدم ذهابنا الى العراق لأني اعتبر أننا لا نتقاضى ما هو متوجب». وأوضح أن عمل المجموعة في حقل الغاز في سورية هو «عقد مساندة للشركة الوطنية عبر مؤسسة غاز البتراء التابعة للشركة الوطنية، ونساعدهم على تطوير حقل غازي يستخدم في أحد مولدات الكهرباء. وقال: «اتخذت «شل» موقفاً مماثلاً لموقفنا، والسوريون يصدرون بكميات قليلة جداً بل يستوردون. وبما أنهم لا يملكون ما يكفي من مصافي فهم يبيعون النفط لشراء السلع». ورأى أن «الأميركيين يميزون في قرارات الحظر بين الاستثمار الهادف إلى الحفاظ على المنشآت واستثمارات التطوير». وإذا كانت للمجموعة فرص جديدة في العراق، وموقفه من الخلاف حول القانون النفطي الجديد، أكد دومارجوري أن «لا تغيير في سياسة توتال، مضيفاً: «سنحاول إقناع أصدقائنا العراقيين بأن المبالغ المقترحة ليست كافية مقارنة بالعمل المطلوب منا، لكن على رغم ذلك وافقنا على الدخول في مشاركة، والدليل أن في كردستان يعطون أسعاراً أفضل من تلك التي تحددها الحكومة المركزية وبموافقة من هذه الحكومة». وأوضح أن المجموعة «تعمل في كل الدول النفطية من السعودية الى قطر وأبو ظبي والمغرب العربي، ونتصرف على طريقة المستثمر على المدى الطويل وعلى طريقة الشريك وليس بأسلوب المقاول، فيما في العراق يطلبون منا أن نكون مقاولين». وهل ستنفذ المجموعة عملية استكشاف وإنتاج في كردستان، اعتبر ذلك «استفزازياً بعض الشيء، وفي حال عملنا يوماً ما في كردستان سيكون ذلك حتماً بالاتفاق مع الحكومة المركزية. ونحن في صدد المشاركة في استدراج عروض استكشاف في حقل الغاز في العراق، وأُرجئ الموضوع حالياً، ولا أعرف متى سيُطرح مجدداً». وأضاف: «خلافاً لما قاله المسؤولون العراقيون عندما جاؤوا إلى فرنسا، لم يكن هناك أي عقد ثنائي مع فرنسا، والعقود الثنائية الوحيدة التي وقعوها هي مع الصينيين، وأكدنا لهم استعدادنا للمجيء مع نظام إعداد ومشاركة في حال اعتمدوا نظام التسعير الدولي». تعقيدات السودان وعن العودة إلى الاستكشاف والإنتاج في جنوب السودان، رأى دومارجوري أن «الوضع فيها معقد جداً لأننا نواجه مشكلة قضائية غريبة وتكاد تكون تحفة من تحف القانون الدولي. إذ لا يزال جنوب السودان خاضعاً للحظر، ولرفع الحظر الأميركي الساري على السودان، يجب إجراء تصويت ويبدو أن لا توافق على رفعه، لوجود عائدات تذهب من الجنوب الى الشمال. ويعتبر برلمانيون أن ليس وارداً للجنوب إعطاء أي شيء للشمال. ويمرّ أنبوب النفط حالياً عبر الشمال، لذا اعتقد أن الشمال لن يقبل بمرور النفط الخام إلى الجنوب مجاناً إذا كان الحظر لا يزال مطبقاً عليه وليس على الجنوب». ولتبسيط الأمور طلب الجنوب من الأميركيين رفع الحظر عن الشمال». وأشار إلى أن للمجموعة «موقع استكشاف في وسط جنوب السودان وليس موقع إنتاج، وفي مكان منخفض بالنسبة إلى دارفور ولا يقع في واحدة من المناطق المتنازع عليها. وشرحت ذلك لأصدقائنا الأميركيين الذين يقولون لنا أن علينا العودة، وهم منزعجون من هذا الوضع لكن القرار يعود إلى الكونغرس وليس الحكومة». وإذا كانت التطورات في اليمين أثرت في الصادرات بموجب عقد الغاز، أكد أن «الغاز لم يتأثر، لكن توقف بعض الحقول النفطية عن الإنتاج في الشمال حيث لا تعمل «توتال»، في حين أن حقولنا لم تتوقف». استدراج عروض في لبنان وعن اهتمام المجموعة باستدراج العروض لاستكشاف الغاز في لبنان، أعلن دومارجوري، «الاهتمام»، مشيراً إلى أنه أرسل مسؤول الاستكشاف والإنتاج لمقابلة الوزير اللبناني جبران باسيل وإبلاغه باهتمامنا. لكنهم لم يجهزوا بعد، وهناك مشكلة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وبين قبرص ولبنان». وبالنسبة إلى تطور سوق النفط والغاز والأسعار، رأى دومارجوري، أن «الوضع الدولي ليس جيداً، لكن يجب النظر الى ذلك على المستوى الماكرو اقتصادي ، إذ أشارت أرقام وكالة الطاقة الدولية إلى انخفاض نمو الطلب على النفط في شكل ضئيل جداً، متراجعاً من 1.2 مليون برميل يومياً الى مليون». ولم ينفِ علمه «بهذا المنحى، والواضح انه يصب في اتجاه تراجع سعر الخام. لكن الطلب لا يزال قائماً والسوق لم تتراجع»، لافتاً إلى «كلام عن اللجوء الى الذهب والمواد الأولية». واعتبر أن «السعر يبقى مرتفعاً على رغم منحى التراجع الطبيعي، لأن الإمكانات محدودة طالما لم تعد ليبيا إلى الإنتاج». وعن توقعاته لسوق الغاز، أوضح دومارجوري أن هناك «ثلاث أسواق للغاز، إذ أن السوق الآسيوية مبنية كلياً على النفط، وبعد فوكوشيما بدأ الطلب الإضافي على الغاز يدفع السوق. أما السوق الأوروبية الأطلسية فهي تسجل أسعاراً تتراوح بين 9 و9.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية، مقارنة بسوق آسيا حيث تبلغ 16 دولاراً، فيما يبلغ السعر في الولاياتالمتحدة 4 دولارات في السوق الداخلية لأنهم لا يصدرون». وعن مشروع مصفاة في الجبيل مع «أرامكو السعودية»، أكد أنه «جيد، وستبدأ الإنتاج عام 2012، كما تبلغ قدرتها التكريرية 400 ألف برميل من النفط يومياً». وإذا كان لدى «توتال» مشاريع جديدة في الجزائر، أعلن أن «الأمور لا تتحرك فعلاً، مع العلم أن النيات طيبة، ولدينا مشروع غاز هناك، لكننا نواجه صعوبة في إنهاء المفاوضات لأن الأمور تتقدم ببطء».