اتفق السودان وبريطانيا أمس على تطبيع كامل لعلاقاتهما وفتح صفحة جديدة بعد أعوام من التوتر بلغ مداه بسحب السفيرين إثر التأييد البريطاني للغارة الأميركية على السودان قبل عشرة أشهر. وعلمت "الحياة" ان عودة السفيرين الى مقريهما ستتم عقب لقاء بين وزيري الخارجية روبن كوك ومصطفى عثمان اسماعيل يعقد في الخرطوم أو لندن قبل أيلول سبتمبر المقبل. وأصدر الجانبان بياناً مشتركاً أمس، بعد محادثات استمرت ثلاثة أيام قادها من الجانب السوداني الوكيل الأول لوزارة الخارجية الدكتور حسن عابدين ومن الجانب البريطاني الوكيل الدائم السير جون كير. وشملت المحادثات اجتماعاً بين عابدين ووزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط جيفري هون. وتجنب البيان المشترك الاشارة الى سبب الأزمة الأخيرة وتحدث عن "استئناف علاقات طبيعية بصورة كاملة"، و"فتح صفحة جديدة لتحقيق تفاهم أفضل بين البلدين في القضايا الدولية والعلاقات الثنائية على قاعدة المصالح المشتركة والتعاون والاحترام المتبادل". وقال عابدين ل"الحياة" في لندن، أمس، ان "عودة العلاقات إقرار ضمني بصحة الموقف السوداني في الاحتجاج على تأييد بريطانيا العدوان الأميركي على السودان. وهذه العودة تفهم في اطار أوسع إذ شملت المحادثات عرضاً لسيرة العلاقات قبل الغارة الأميركية حين كانت متوترة وفيها مشاكل. نحاول بداية جديدة ونتطلع الى موقف أكثر ايجابية من بريطانيا وأكثر تفهماً". وتابع أن "المسؤولين البريطانيين أكدوا لنا الرغبة في تطبيع كامل وفتح صفحة جديدة، وقلنا انه يجب استهلال هذه الصفحة بإبداء حسن النيات من جانبهم وإبداء التفهم. نحن حريصون على تطور العلاقات على رغم اختلاف الرؤى والمواقف. ونعتزم التزام تنفيذ ما اتفق عليه ونتطلع الى التزام بريطاني بالروح ذاتها". وأوضح رداً على سؤال: "أكدنا لهم اننا نتحدث عن تطبيع في المجالات كافة وليس مجرد تصوير السودان كمشكلة من خلال التعامل فقط مع قضايا السلام والاغاثة في الجنوب". واعتبر ان "الفترة بين مرحلة التطبيع الحالي واكتمال التطبيع بلقاء الوزيرين هي أيضاً فترة لتأكيد حسن النيات والصدقية". وعلمت "الحياة" ان عملية عودة الديبلوماسيين ستتم على مراحل تنتهي بعودة السفراء بعد لقاء بين وزيري الخارجية في لندن أو الخرطوم أو في مكان ثالث يتفق عليه. وتناولت المحادثات السودانية - البريطانية لقاء الوزيرين وزيادة عدد الديبلوماسيين السودانيين في لندن، والمرونة في منح تأشيرات الدخول الى بريطانيا للمسؤولين السودانيين. وكان قرار مجلس الأمن الرقم 54 دعا الدول الى خفض البعثات السودانية وعدم منح تأشيرات للمسؤولين. وتركز بريطانيا على ثلاث قضايا ترغب في خدمتها من خلال وجود ديبلوماسي دائم في الخرطوم هي دعم جهود إحلال السلام في الجنوب وسبل تطوير العمل الانساني فيه، والاطلاع الوثيق على تطورات الأوضاع.