أعلن وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل أن بلاده أبعدت جميع الذين يشكلون مشاكل أمنية لمصر والذي يشتبه في علاقتهم بالارهاب. وأشار إلى تعاون بين الأجهزة الأمنية المصرية والسودانية في مكافحة الظاهرة. وتحدث اسماعيل إلى "الحياة" عن خطوات على صعيد العلاقات الثنائية، معتبراً ان "لا يمكن ان يكون هناك تعاون سياسي واقتصادي مع القاهرة ما لم تتم معالجة الملف الأمني" وأبدى موافقة بلاده على عقد مؤتمر للمصالحة السودانية في القاهرة، لكنه اوضح ان حكومته تفضل عقده في الخرطوم، مشيراً بالجهود المصرية والليبية لتحقيق الوفاق السوداني، مؤكداً أن العلاقات مع اريتريا ستشهد خطوات إيجابية وأنه سيلتقي نظيره الاريتري الأحد المقبل في الدوحة في حضور وزيري خارجية قطر وليبيا. وكان إسماعيل زار قبل أيام القاهرة حيث التقى نظيره المصري السيد موسى والمستشار السياسي للرئيس الدكتور اسامة الباز والأمين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد ووزير البترول المصري حمدي البنبي. وفي ما يأتي نص الحوار: ما هي الخطوة المقبلة على صعيد العلاقات المصرية - السودانية؟ - نحن نسعى إلى عودة العلاقات السودانية - المصرية الى ما كانت عليه في السابق باعتبار أن ما حدث من توتر هو استثناء. ونعالج الظروف التي قادت الى هذا الاستثناء، والقضايا والمواضيع التي شابت العلاقات في الفترة الماضية التي شهدت انقطاعاً في تبادل الزيارات بين البلدين باستثناء وزيري الخارجية ومن اتجاه واحد فقط. ونتوقع ان يحدث في الفترة المقبلة تبادل للزيارات بين الخرطوموالقاهرة. أما بالنسبة إلى الملفات التي كانت في الماضي شبه مجمدة فقد تحركت كلها على الصعيد الأمني والاقتصادي والحدود وتمضي جميعها قدماً. والخطوة المقبلة هي العمل على إعادة العلاقات الى وضعها الطبيعي من خلال إقامة تعاون اقتصادي يهدف الى تحقيق التكامل، وتعاون سياسي بهدف تنسيق القرارات السياسية والمواقف من القضايا التي تهم البلدين والقضايا الاقليمية والدولية، والتعاون في المجال الأمني لا حد له بالنسبة إلى محاربة الإرهاب ومنع إنطلاق أي تهديدات أمنية في اتجاه أي من البلدين والتعاون في مواجهة الإرهاب اقليمياً ودولياً، والاتفاق على وضع هياكل وأطر لتنظيم العلاقات بين البلدين وإزالة العقبات وفقاً لتوجيهات الرئيسين السوداني عمر حسن البشير والمصري حسني مبارك. هل تكون الخطوة المقبلة بعد تسليم جزء من الممتلكات إعادة فتح القنصليات لكلا البلدين؟ - هذه واحدة من الخطوات المقبلة. وماذا عن عودة السفير المصري الى الخرطوم ورفع مستوى التمثيل الديبلوماسي المصري في السودان؟ - بحثنا في ذلك مع وزير الخارجية المصري عمرو موسى وسيتم تنفيذ هذه الخطوة قريباً. وعن لقاء الرئيسين مبارك والبشير؟ - هذه الخطوات كلها تمهد لقمة مصرية - سودانية، ولكن لم يتم تحديد موعد لهذا اللقاء. ألا ترى أن التعاون الأمني مع مصر حقق خطوات سبقت التعاون السياسي؟ - التعاون الأمني مهم، ولا يمكن أن يكون هناك تعاون سياسي واقتصادي ما لم تتم معالجة الملف الأمني، والاتصالات الأمنية بدأت مبكرة وقطعت شوطاً كبيراً، وتم إبعاد كل الاشخاص الذين يشكلون مشاكل أمنية لمصر أو أي دولة عربية من الأراضي السودانية. إبعادهم الى دولهم بمعنى التسليم أم خرجوا إلى دول ثالثة؟ - بعضهم عاد الى دوله، وهناك من خرج إلى دول أخرى. وما استطيع أن أوكده هو أنه تم إبعاد كل الاشخاص المنتمين الى حركات تسعى الى زعزعة الاستقرار في بلدانها، ولا نقبل أن تستغل الأراضي السودانية في تقديم تسهيلات لهؤلاء الأشخاص. هناك تعاون مشترك في مكافحة الإرهاب في المجال الثنائي والاقليمي، وأودعنا منذ أيام لدى الجامعة العربية وثائق مصادقة السودان على الاتفاق العربي لمحاربة الإرهاب. وسنوقع في الاسبوع المقبل على تسع اتفاقات دولية لمكافحة الإرهاب ينظر فيها مجلس الوزراء السوداني حالياً تتناول كل أشكال الإرهاب الجوي والبحري وخلافه. كيف تسير عملية المصالحة السودانية، وهل يصح القول إنها تسير على محورين أولهما مصالحة شمالية والآخر في إطار وسطاء "إيغاد"، لايجاد حل مع الجنوب؟ - المبادرات المطروحة حالياً تعكس وجود محورين أولهما "إيغاد" المعنية بمعالجة مشكلة جنوب السودان ولا تتحدث عن أي شيء غير ذلك. والمحور الثاني هو الحوار الذي بدأ أخيراً مع المعارضة الشمالية ويصب في إطار إعادة الحريات والممارسة السياسية والعودة الى السودان، والمحوران يسيران بشكل متوازن، ونحن لا نمانع في جمع المحورين وأن يتم التعامل مع المشكلة السودانية في إطار واحد سواء كان اسمه "إيغاد" أو مؤتمر الحوار الوطني. فالهدف الأساسي للحكومة هو إحداث وفاق داخلي شامل، وأن تكون المعارضة "مهنة" في إطار مؤسسي وتداول السلطة. ولا نعارض أن يجتمع الفرقاء السودانيون للخروج بتوصيات تلتزمها الحكومة والمعارضة لحل القضية السودانية. وبالنسبة إلى المبادرتين المصرية والليبية فإننا نرحب بالاهتمام العربي والجهود الرامية لإحداث الوفاق في السودان، خصوصاً من الدولتين العربيتين الجارتين، والاهتمام المصري والليبي بالشأن السوداني ليس غريباً ومبادرتهما تصب في اتجاه الوفاق وندعم هذه الجهود ونساندها. هل أبلغتم القاهرة موافقتكم على عقد مؤتمر الحوار الوطني في القاهرة؟ - نعم، نحن في السودان ليس لدينا اعتراض أن يعقد المؤتمر في القاهرة أو الخرطوم، وأبلغنا القاهرة مباركتنا لجهودها، والحوار الذي ستقوده مصر مع الأطراف المختلفة لجمع هذه الأطراف التي ستقرر مكان عقد المؤتمر. وإذا قررت عقده في الخرطوم بمشاركة القاهرة وليبيا، فإننا سنكون أكثر ترحيباً وأعتقد أن القاهرة وليبيا لن تعترضا على ذلك، وإذا قررت الأطراف المختلفة عقده في القاهرة فلن نكون حجر عثرة في ذلك، لكننا نتمنى عقده في الخرطوم. يفهم من حديثكم أنكم وافقتم على توسيع المشاركة في السلطة؟ - هذه واحدة من القضايا التي سيناقشها المؤتمر والحكومة السودانية ملتزمة ما يسفر عنه اجتماع المؤتمر وتوصياته. على صعيد اجتماعات المعارضة السودانية في أسمرا ألا ترى أن استضافة هذه الاجتماعات يعد خرقاً لاتفاق الدوحة بين الرئيس البشير والاريتري أساياس أفورقي. - نحن في السودان نولي أهمية للعلاقات بين اريتريا والسودان، واستقرارهما من شأنه أن يؤدي الى استقرار المنطقة. وليس لدينا أي اعترض على وجود سوداني معارض أو غير معارض في اريتريا. واعتراضنا على استخدام الأراضي الاريترية في إيذاء السودان عبر الحدود وبطرق أخرى. واتفاق الدوحة الذي وقعه الرئيسان السوداني والاريتري يشكل إطاراً لعودة العلاقات بين البلدين يقوم على مرتكزين أمني وسياسي. وسنلتقي على مستوى وزيري الخارجية الأحد المقبل في الدوحة في حضور وزيري الخارجية القطري والليبي للعمل على إدخال الاتفاق حيز التنفيذ وتشكيل اللجان المعنية بذلك. ونرى أن معالجة المسألة الأمنية لها الأولوية لأنها كانت السبب في قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. لابد أن التوصل الى اتفاق أمني سيؤدي حتماً إلى استعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. وماذا عن الاتصالات الأمنية بين الجانبين؟ - تم تبادل الزيارات لوفود أمنية من البلدين، وهناك تقدم في اتجاه التعاون بينهما. إلى أي مدى نجح الحوار السوداني - السوداني؟ - الحوار السوداني - السوداني حقق نجاحاً في الفترة الأخيرة والدليل على ذلك عودة كثيرين من عناصر المعارضة الى داخل السودان، منهم الهادي بشرى العضو السابق في القيادة العسكرية للتجمع الوطني الديموقراطي المعارض، وزير الاتصالات في الحكومة الحالية، والدكتور رياك مشار الذي كان نائباً لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ويعمل الآن مساعداً لرئيس الجمهورية، ولام أكول القيادي في المعارضة وهو وزير النقل حالياً، والشريف زين العابدين الهندي الأمين العام للحزب الاتحادي لدىه حزب يمارس نشاطه السياسي في السودان، وأخيراً عاد الرئيس السابق جعفر نميري بعد 14 عاماً من المنفى في القاهرة. هذا يمكننا من القول إن الوفاق السوداني يمضي الى أمام. وعلى الصعيدين الأوروبي والأميركي؟ - زيارتي أخيراً شملت إيطاليا واسبانيا وفنلندا وألمانيا وتوجت بزيارة فرنسا، وكانت لها نتائج واضحة في دفع الحوار السوداني - الأوروبي. أما على صعيد الحوار السوداني - الأميركي فإن اهتمامنا به لا يقل عن الحوار السوداني - الأوروبي. ولكن يبقى على واشنطن أن تحدد المدى الذي تريد أن يصل إليه هذا الحوار. نحن حريصون على عودة صحية للعلاقات السودانية - الأميركية. وأي خطوة من الإدارة الاميركية سنقابلها بخطوات، وبغض النظر عن أهداف الرفع الجزئي للحصار الاقتصادي وإنهاء تجميد أرصدة مالك مصنع الشفاء للأدوية، فإننا نشجع هذه الخطوات وندعو الى المزيد ورفع شامل للحصار الاقتصادي. سبق أن اشترطتم مطالبة واشنطن الاعتذار عن ضرب مصنع الشفاء والاعتراف بخطئها وزيف معلومات المعارضة؟ - لو وصلنا الى مرحلة الاعتذار لأمكننا القول إن قضية الحوار انتهت. نحن نتحاور حالياً ليس فقط في شأن مصنع الشفاء. لكن في شأن مجمل العلاقات السودانية - الاميركية ونأمل بأن نصل الى نتيجة لهذا الحوار وفتح صفحة جديدة من العلاقات. وعلى الصعيد البريطاني؟ - هناك مشكلة، لأن بريطانيا أيدت ودعمت الضربة الاميركية وزعمت أنها تمتلك أدلة وعارضت إرسال مجلس الأمن لجنة لتقصي الحقائق الى السودان، لم نطالب بريطانيا بدفع تعويضات، فهذا طلبنا الى واشنطن ولكن نطالبها بموقف عادل.