بدأت المملكة العربية السعودية تقطف ثمار حملتها لرفع اسعار النفط بعد ان هوت الى مستويات خطيرة، اذ يتوقع ان ترتفع ايراداتها باكثر من 11 بليون دولار في السنتين الجارية والمقبلة مقارنة بعام 1998. وقال محللون ان السعودية اكبر قوة نفطية في العالم خفضت انتاجها الى المستوى المحدد في اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" الاخير على رغم عدم الالتزام الكلي من قبل اعضاء آخرين وارتفاع انتاج بعض الدول. واشار نائب مدير مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن ليو درولاس الى ان "السعودية ملتزمة الاتفاق اكثر من غيرها وتظهر جدية كبيرة في دعم الاسعار بعد معاناة اقتصادية ومالية شديدة العام الماضي بسبب ضعف الاسعار". وقال ل"الحياة" ان السعودية "خفضت انتاجها الى ما يقارب المستوى المحدد، الا ان دخلها من صادرات النفط سيرتفع بنحو 3.2 بليون دولار السنة الجارية الى 36.1 بليون دولار من 32.9 بليون دولار العام الماضي". واضاف ان "هذا يدل على ان السعودية افادت من اتفاق اذار مارس الماضي على رغم الخفض الكبير في انتاجها لكن الاستفادة ستكون اكبر السنة المقبلة". واظهرت احصاءات المركز ان ايرادات النفط السعودية سترتفع بنحو ثمانية بلايين دولار السنة المقبلة مقارنة بسنة 1999، اي ان اجمالي الزيادة في العائدات من صادرات النفط الخام ستصل الى نحو 11.3 بليون دولار في سنتين. وقدر المركز مستوى الانتاج الفعلي للسعودية بنحو 7.6 مليون برميل يومياً السنة الجارية انخفاضاً من 8.3 مليون برميل يومياً العام الماضي. وتوقع ان يعاود الانتاج ارتفاعه الى نحو 7.83 مليون برميل يومياً سنة 2000 ضمن اتفاق متوقع من "اوبك" برفع الانتاج بنحو مليوني برميل يومياً. وقال درولاس: "يحتمل ان تقرر اوبك رفع انتاجها بنحو مليوني برميل يومياً السنة المقبلة نظراً لارتفاع الطلب على نفطها... وعلى رغم هذا الارتفاع، نتوقع ان يصل متوسط الاسعار الى 17.5 دولار للبرميل السنة المقبلة وقد يتجاوز هذا المستوى بكثير في حال عدم رفع الانتاج". واضاف ان "هذه التوقعات في شأن الاسعار تعتمد على مدى التزام دول اوبك مستويات الانتاج المحددة وعدم حدوث ارتفاع كبير في صادرات العراق". وكانت السعودية قادت حملة مع دول منتجة اخرى لانقاذ اسعار النفط واعادة الاستقرار الى السوق بعدما هوت الى ما دون 10 دولارات للبرميل نتيجة ارتفاع الفائض في السوق ودفء فصل الشتاء وعوامل اخرى. واسفر هذا الجهد عن ثلاث اتفاقات منذ العام الماضي لخفض الانتاج باكثر من اربعة ملايين برميل يومياً، بما فيها نحو 1.7 مليون برميل يومياً بموجب اتفاق اذار مارس الماضي في فيينا، تحملت السعودية وحدها خفض اكثر من مليون برميل يومياً. وقال نك كلايتون من دار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" في لندن ان "محاولة السعودية انقاذ الاسعار على حساب حصتها في السوق تعكس صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي بعد انهيار الاسعار العام الماضي". واضاف: "اعتقد ان هذا ليس تغييراً جوهرياً في سياستها النفطية لانها تعتبر خطوة مؤقتة تهدف الى انقاذ الاسعار وليس التخلي عن الحصة". وتوقع اقتصاديون ان يؤدي تحسن الاسعار الى انكماش العجز في الموازنة السعودية السنة الجارية، اذ انها افترضت مستوى سعر نفط عند 10 دولارات للبرميل في حين يتوقع ان يبلغ سعر الخام السعودي نحو 14 دولاراً. وحسب الاقتصادي هنري عزام، سيتراجع العجز المتوقع عند 44 بليون ريال 11.7 بليون دولار الى 15 بليون ريال اربعة بلايين دولار بنهاية السنة. وهذا الوضع بعكس ما حصل العام الماضي عندما ارتفع العجز المفترض من 18 بليون ريال 4.8 بليون دولار الى 46 بليون ريال 12.3 بليون دولار بعدما وصل متوسط سعر الخام السعودي الى اقل من 11 دولاراً للبرميل.