سيحرم لاعبو أندية الترجي والتونسي والنادي الافريقي والنجم الساحلي وطاقمهم الاداري والفني من أداء واجبهم الانتخابي في الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس اليوم لالتزاماتهم خوض المبارات الأخيرة قبل نهائيات الكوؤس الافريقية التي تقام خارج البلاد. وعرفت الحملة الانتخابية للرئيس زين العابدين بن علي حضوراً متميزاً لنجوم الرياضة وكرة القدم التونسية عبر مشاركاتهم في الكرنفالات الاحتفالية والحوارات الاذاعية والتلفزيونية ودعوتهم الشباب الى التصويت للرئيس الحالي. وصرح قائد منتخب تونس ونادي الترجي الحارس شكري الواعد: "سنصوت لبن علي، لأننا كنا الأكثر حظاً في عهده"... وهو تقويم لم يجانب الحقيقة لأن لاعب كرة القدم في تونس اليوم أصبح يمثل شريحة اجتماعية قائمة بذاتها في مواردها المالية وطقوسها اليومية وأبوابها مشرعة على عالم الشهرة والأفق الرحب لعالم المال والاعمال. أما عبدالرحمن التليلي أحمد منافس بن علي فقد اتخذ من الزيتونة شعاراً لحملته الانتخابية "تونس في القلب". والزيتونة شجرة الخير والبركة في عيون كل التونسيين... وترأس التليلي لفترة طويلة جمعية "الزيتونة الرياضية" وهي أول جمعية نسائية في العالم الاسلامي وتعد من أفضل مراكز التكوين رياضياً واخلاقياً في الأندية التونسية، ولا يزال مرشح الرئاسة الى الآن في هيئتها القيادية. وكان الرئيس بورقيبة، أدرك بحسه السياسي المرهف أهمية كرة القدم كآلية للاتصال بالجماهير وسط أجواء القمع في فترة التحرر الوطني. لذلك شارك في قيادة الترجي التونسي في بداية تكوينه في عقد العشرينات من هذا القرن. والذين عرفوا بورقيبة عن قرب يؤكدون انه لم يعرف الحب سوى لذاته أو لبلاده، ولذلك لم يتوان في حل نادي الترجي التونسي بعد احداث شغب في مباراة نهائي الكأس سنة 1974. لكن عشق الترجي، الذي يرأسه اليوم سليم شيبوب صهر الرئيس بن علي، تجاوز عتبة قرطاج ليستقر في قلب الزعيم التاريخي للحزب الشيوعي التونسي حركة التجديد اليوم محمد حرمل، ليلتقي عميد الأندية التونسية مع قيدوم الاحزاب المعارضة في البلاد. ولعل الأهم في تاريخ الترجي التونسي انه مثل ولا يزال رمزاً للمركز، وتمظهراً للمنتصر دوماً، وتعبيراً عن "الكبار"... لذلك تغنى احباؤه ب"الترجي يا دولة"، في حين وصفت احدى اذاعات بلدان الجوار النادي الافريقي، بالنادي الشعبي، الذي وإن مثل رؤساؤه وقياداته دائماً العائلات التونسية الكبيرة مثل الاهرم والمستيري وبن عاشور، فإن قاعدته الجماهيرية استمدها دوماً من الاحياء الساخنة كحي "الملاسين" و"الجبل الاحمر" وصولاً الى مدن الداخل كبنزرت وباجة. وإذا كان الصراع لا يزال مستمراً بين الترجي "نادي الحكومة" والافريقي "الشعبي"، فإن أندية اخرى التحقت بصفوف الكبار... فالنادي الصفاقسي مثّل دوماً نجاح محافظة صفاقس بفضل عزيمة ابنائها وحبهم للعمل وميلهم للعب الفردي النظيف، أما النجم الساحلي فكان دائماً مدرسة ل"الدهاء" والحكمة الساحلية والتروي ولم يغادر رئاسة الوزراء. فالدكتور حامد القروي، الوزير الأول الحالي وقبله الهادي البكوش والهادي نويرة في عهد الرئيس بورقيبة، جميعهم من أحباء "النجوم"، بل ان حامد القروي ترأس نجمة الساحل لأكثر من عشرين سنة. ومن مفارقات العشرية الأخيرة التي تميزت بالوفاق الاجتماعي، ان الاضراب كشكل من أشكال العمل النقابي والذي غاب تقريباً في نضالات العمال، هو وسيلة اللاعبين لتحقيق مطالبهم العادية سواء بصفة فردية أو جماعية مثل اضراب لاعبي مستقبل المرسى في الموسم الماضي ولاعبي الاولمبي الباجي في الدوري الحالي... كما ان استتباب الأمن والاستقرار في تونس غيب أجواء الاحتقان والاضطرابات التي شهدتها في بداية الثمانينات، لتكون التظاهرات والمسيرات الوحيدة التي تعرفها الشوارع والطرقات مسيرات جماهير الاندية يوم الاحد خروجاً من الملاعب أو عند الظفر بالألقاب والتتويجات.