استأثر الوضع الصحي لرئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي باهتمام الرأي العام المغربي، على رغم تأكيد مصادر رسمية في الرباط ان حاله "لا تدعو الى القلق". وأصدر أطباء مختصون في جراحة الاعصاب والطب الباطني اول من امس بياناً، جاء فيه ان اليوسفي "تعرض لوعكة سريعة الارتداد في الدماغ" ظهر الاحد، نقل على اثرها الى مستشفى ابن سيناء في الرباط واجريت له عملية جراحية بعدما اظهرت التحليلات "وجود ورم دموي تحت غلاف الجانب الايمن من الدماغ". وأضاف البيان ان الحال الصحية لليوسفي تبعث على الارتياح، لكنها تتطلب "بقاءه في المستشفى بضعة ايام". وكان اليوسفي رأس اجتماع اللجنة المركزية لحزب الاتحاد الاشتراكي نهاية الاسبوع الماضي في الرباط، للبحث في صيغة وفاقية للاعداد للمؤتمر المقبل للحزب. وقال مناصرون للحزب انه شعر وقتذاك باعراض الاصابة التي قد تكون نتيجة تعب واجهاد، لكن اوساط "الاتحاد الاشتراكي" تنفي ان يكون لذلك علاقة بخلافات داخل الحزب على صيغة المؤتمر. واقترح اليوسفي في خطابه عقد "مؤتمر تنظيمي طارئ" في اقرب وقت، والتحضير للمؤتمر الوطني الذي تأجل مرات عدة بعد ذلك. وقال: "أميل الى الرأي الذي يقترح عقد مؤتمر استثنائي بعد شهرين او ثلاثة"، مشيراً الى ان الموضوع نوقش في اجتماعات قيادية للحزب، لكنه تجنب طرح الصيغة بمثابة واقع مفروض. وجاء في بيان صدر عن اللجنة المركزية انها قررت عقد اجتماع لاحق في الاسابيع المقبلة لمواصلة الاعداد والتحضير للمؤتمر، وأوصت بتشكيل لجنة ثالثة "تنكب على اعداد برنامج تعبوي وتنظيمي لاشراك كل التنظيمات والمنتسبين الى الحزب في الاعداد للمؤتمر" كما طالبت القياديين في الحزب مصطفى القرشاوي والحبيب الشرقاوي معاودة استئناف عملهما في تحضير المؤتمر السادس، في اشارة الى استقالتهما من قيادة الحزب قبل بضعة شهور بسبب خلافات سياسية وتنظيمية. وجاء موقف اليوسفي في ضوء تباين الآراء إزاء تسريع عقد المؤتمر او ارجائه بعض الوقت، فيما لاحظت المصادر ان نائب الكاتب الاول للحزب السيد محمد اليازغي اشرف في الفترة الاخيرة على انعقاد مؤتمرات اقليمية في سياق الاعداد للمؤتمر. وكان لافتا ان اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي التي تعتبر اهم تنظيم بعد المؤتمر لم تعقد اجتماعاتها منذ ما قبل تشكيل الحكومة الجديدة، واعطى اليوسفي في كلمته اشارات قوية تدعو الى ممارسة النقد الذاتي داخل الحزب. وقال "يجب ان نعترف ان سير حزبنا يتعرض منذ سنوات لنوع من الحركة، اشبه بالاهتزاز في المكان ذاته ... لدينا مشاكل تنظيمية اليوم، كما كانت بالامس وستكون لدينا غداً". ورأى ان الانتقال من موقع المعارضة الى الحكومة "لا بد ان يكون له انعكاس داخل الحزب". لكنه خلص الى القول ان وحدة الحزب قائمة في الخط الاستراتيجي والخيار الديموقراطي و"ليس هناك ما يشوش الذهن على مستوى الوحدة داخل الحزب". وعرض لواقع "الاتحاد الاشتراكي"، فقال ان هناك تيارين يتجاذبان التنظيم على مستوى الشرعية الديموقراطية، وهناك "تيار ثالث يحتج ويعترض" من خارج التنظيمات الحزبية، ورأى ان تعدد التيارات "لا يهدد وحدة الحزب" لأنها تعبير عن التعدد في الرأي والتنوع في الاجتهاد. الى ذلك ركز اليوسفي في كلمته امام اللجنة المركزية على تقويم تجربة الحكومة الحالية، وقال انها "ناجحة" ويطبعها الانسجام والعمل الجاد، "على رغم بعض الانتقادات"، في اشارة الى مواقف حزب الاستقلال ومشاركين في الائتلاف الحكومي، وقال: "لا ننزعج من النقد من أين أتى، من شركائنا في الحكومة أو حلفائنا في الكتلة أو من أحزاب المعارضة أو الصحافة". واضاف: "ليس ممكنا ان نجني الثمار ونحن نغرس، ولا بد من الانتظار حتى تؤتي الاغراس أُكلها". حزب الاستقلال و في غضون ذلك، نقل عن زعيم الاستقلال السيد عباس الفاسي قوله في اجتماع اللجنة المركزية للحزب السبت الماضي في الرباط ان "الاصلاح لم يسِر وفق وتيرته المرجوة"، وعزا ذلك الى "عدم استثمار الحكومة للتعاطف الوطني والدولي الذي حظيت به لارسال اشارات قوية عن الاصلاح"، وقال ان الادارة المغربية "لم تتغير في ادائها وعقليتها" اضافة الى استشراء مظاهر التبذير في الاموال العامة، من خلال "صرف تعويضات ورواتب خيالية وشراء سيارات جديدة وكثرة الأسفار الى الخارج". واعرب عن تضامن حزبه مع العمال وانشغاله بتعليق "الحوار الاجتماعي" والتعقيدات الادارية والبيروقراطية، لكنه اكد وجود تنسيق شامل بين الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وكل احزاب الغالبية الحكومية، كما عبر عن اهتمامه بالمعوقات التي تحول دون عقد المؤتمر المقبل لمنظمة العفو الدولية في المغرب. وقال على المنظمة ان تحترم وحدة البلاد التي لا تخضع للمساومة، وعبر المسؤول الحزبي عن أمله في ان "تستعيد الجزائر استقرارها" في عهد الرئيس الجديد عبدالعزيز بوتفليقة وان "تنعم بالسلم والوفاق"، واضاف ان للجزائر دورها في بناء المغرب العربي "شرط عدم المساس بوحدة التراب المغربي"، في اشارة الى نزاع الصحراء الغربية الذي القى بظلال قاتمة على علاقات البلدين فترة طويلة.