عقد رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ايهود باراك اجتماع "التسلم والتسليم" الاول مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. واعلنت مصادر في تل ابيب ان الاجتماع الذي عقد في فندق الملك داوود امس بحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية العليا، والنقل المنظم للسلطة من الحكومة التي يرأسها ليكود الى حكومة برئاسة حزب العمل، علماً أن باراك لا يزال في مرحلة اجراء المشاورات والاتصالات التمهيدية مع الاحزاب المختلفة لتشكيل حكومة ائتلافية. ورفض باراك ونتانياهو التعقيب على نتائج الاجتماع، لكن مصادر قريبة من مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب وصفته بأنه "اجتماع عمل مثمر". واستنادا الى عوزي اراد مستشار نتانياهو الديبلوماسي، من المفترض ان يكون نتانياهو اطلع باراك خصوصاً على تفاصيل المحادثات السرية التي قال إنه أجراها مع سورية خلال ولايته. وجاء هذا اللقاء وسط أنباء عن عزم باراك القفز عن المرحلة الانتقالية من المفاوضات مع الفلسطينيين والدخول مباشرة في مفاوضات الحل النهائي وهو ما رفضه مسؤول اردني كبير في حديث الى "الحياة" معتبراً ان تجاوز المرحلة الانتقالية "فكرة خطيرة". كما رفضه مسؤولون في السلطة الوطنية. وكانت صحيفة "هآرتس" اوردت ان باراك سيعرض على الفلسطينيين والأميركيين اقتراحاً بتجاوز اتفاق واي ريفر لحساب تسريع محادثات الحل النهائي. وتابعت الصحيفة ان خطة كهذه ستسهل المفاوضات الائتلافية مع أحزاب اليمين، خصوصاً ليكود والحزب الوطني الديني مفدال يمين متطرف اللذين يشترطان عدم المس بالمستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ونفى يوسي بيلين من قادة حزب العمل والطامح الى حقيبة الخارجية ما جاء في صحيفة "هآرتس" وقال ان "حركة اسرائيل واحدة ملتزمة اتفاق واي ريفر وتطبيقه من دون ابطاء. لكن اذا ما تمت الموافقة على القفز الى مفاوضات الحل النهائي فهو أمر مفضل". وفي ما يتعلق بالاستيطان شدد بيلين على أن الأبنية "غير الشرعية" ستجمد كما ستفكك الأبنية التي حصلت على تراخيص بناء بعد ان أقيمت فعلاً. لكن قيادياً آخر في حزب العمل هو افرايم سنيه كان أكثر وضوحاً اذ قال ان الحكومة الجديدة لن تصادر أراضي جديدة لكنها لن تعيد أراضي أقيمت عليها مستوطنات، وهذا "يصلح ليكون جسراً بين مواقف ياسر عرفات وحزب مفدال". وتكشف هذه المواقف استعداد حزب العمل لحل وسط في خصوص الاستيطان. وما يعزز ذلك هو تكليف باراك أحد مساعديه العمل على فتح قناة اتصال مع قادة المستوطنين من أجل طمأنتهم الى انه لن "يجفف مواردهم". من جهته، وضع زعيم ليكود ارييل شارون قائمة قال انها تمثل "الحد الادنى" من الشروط للانضمام الى حكومة باراك، مطالبا بضمانات تتعلق بمواصلة الاستيطان في القدسالشرقية بما في ذلك في قلب الاحياء العربية، وفرض قيود صارمة على النشاط السياسي للسلطة الفلسطينية في المدينة، واستبقاء اجزاء كبيرة من الضفة تحت سيطرة اسرائيل من اجل الامن. واوضح: "لا اعرف ان كنا نستطيع المشاركة في الحكومة. لقد حددنا شروطنا الدنيا المتعلقة ببرنامجها". وأثارت "مغازلة" باراك المستوطنين والأحزاب "الضامنة" له ومحاولته القفز الى الحل الدائم، توتراً فلسطينياً متزايداً عبر عنه كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات عندما قال ان على باراك ان يختار "اما سلاماً مع الفلسطينيين أو سلاماً مع المستوطنين... فإذا اختار الفلسطينيين فإن الطريق واضح وهو التنفيذ الدقيق للاتفاقات الموقعة، وآخرها واي ريفر ببنوده كافة، قبل الدخول الى المفاوضات النهائية. اما إذا اختار السلام مع المستوطنين فلينظر الى تجربتنا مع نتانياهو". واستدرك عريقات بأن أحداً لم يعرض على الجانب الفلسطيني الانتقال المباشر الى الحل الدائم في حين ان الأنشطة الاستيطانية تتواصل ولا يسمع صوت مناهض لها في أوساط باراك وحزبه. موقف اردني وفي هذا السياق اكد مسؤول اردني كبير امس رفض بلاده فكرة القفز الى مفاوضات الوضع النهائي بين اسرائيل والفلسطينيين من دون تنفيذ المرحلتين التاليتين من اتفاق "واي ريفر". وحذر المسؤول الاردني في اتصال هاتفي مع "الحياة" من خطورة قبول الفكرة التي لوح بها رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ايهود باراك لتجاوز المرحلة الانتقالية. واعتبر ان اتفاق واي ريفر، الذي يستند الى اتفاقات اوسلو، "هو الاتفاق التعاقدي الوحيد الملزم لإسرائيل تجاه الفلسطينيين،" مشيراً إلى أن "التخلي عن المرحلة الانتقالية سيترك المفاوض الفلسطيني رهن حسن النيات الاسرائيلية بمعزل عن الاتفاقات الموقعة والملزمة". وشرح بأن التصريحات الاخيرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ومفاوضاته مع احزاب يمينية تعارض وقف المستوطنات والانسحاب من الاراضي الفلسطينية "ألقت مزيداً من ظلال الشك على مدى إلتزامه بتنفيذ استحقاقات التسوية السلمية". وقال المسؤول الاردني إن الحكومة الاسرائيلية السابقة برئاسة بنيامين نتانياهو كانت نفذت انسحابات من 2 في المئة فقط من اصل 13 بالمئة من اراضي الضفة الغربية بحسب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه.