يجمع قانون المطبوعات والنشر الأردنيين بقدر ما يفرقهم. فالملك والحكومة والنقابات والأحزاب يرفضون القانون المعمول به الذي أقر السنة الماضية، ويطالبون بقانون آخر "عصري، ديموقراطي، حضاري.."، لكن ليس ثمة اتفاق حول مدى تعديل القانون أو تغييره وتوقيت ذلك وآلياته. أنهت نقابة الصحافيين الجمعة الماضي قراءة مشروع القانون المعدل للمطبوعات مع رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة وفريقه الإعلامي. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية ان الطرفين "استكملا" المناقشات وصولاً الى آخر مادة في القانون، لكنها لم توضح نقاط الخلاف بين الحكومة والنقابة. يقول نقيب الصحافيين سيف الشريف ان لقاء النقابة مع الحكومة "كأي لقاء بين فريقين فيه نقاط اتفاق ونقاط اختلاف"، موضحاً أن الفريقين "اتفقا على نقل خلافهما الى مجلس النواب، مع توضيح النقاط المتفق عليها". وسألت "الحياة" عن الخلاف الجوهري بينهما فأجاب: "سجن الصحافي"، إذ ينص القانون على عقوبات بالسجن. وفي حين طالبت النقابة بالنص على استثناء الصحافي من التوقيف والحبس، رفض رئيس الوزراء هذه "الحصانة" معتبراً ان الصحافي مثل أي مواطن أمام القانون، لكنه وافق على اقتراح للنقابة ب"شطب جميع المحظورات والعقوبات" من مشروع القانون المعدل والتي تنص عليها "القوانين الأخرى". لكن مقرر لجنة التوجيه الوطني في البرلمان محمود الخرابشة، والتي سيحال اليها مشروع القانون المعدل في حال موافقة البرلمان عليه، يرفض مبدأ سجن الصحافي وتوقيفه، لافتاً الى أن "قانون المطبوعات لعام 1953 كان يمنع توقيف الصحافي" ويتساءل: "هل المطلوب العودة الى الوراء والتراجع عما حققناه قبل نصف قرن؟". ويشار الى أن قانون المطبوعات الأردني لسنة 1953 كان فاتحة لعهد الملك حسين الذي طلب من رئيس وزرائه فوزي المللقي بعد ثلاثة أيام من تتويجه اجراء اصلاحات ليبيرالية تضمن حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية تشكيل الأحزاب. ويقول النائب الخرابشة: "تُسجل للقيادة الهاشمية مبادرتها بالمطالبة بتعديل قانون المطبوعات. وعلى الحكومة والبرلمان ان يقدما قانوناً يليق بالعهد الجديد". ولذلك يطالب ب"التروي وعدم الاستعجال في إقرار التعديلات" موضحاً أن التشريع يجب أن يتصف ب"الثبات والاستقرار". وفي حال إقرار قانون مطبوعات جديد سيكون سادس قانون مطبوعات يقر في الأردن. وكان قانون المطبوعات لعام 1993 حظي برضى الأوساط الصحافية والسياسية كونه عبر عن "توافق" يلبي "متطلبات المرحلة". لكن اقدام حكومة عبدالسلام المجالي في 1997 على إقرار قانون مطبوعات موقت في غياب البرلمان أثار سخط الأوساط الصحافية ومنظمات حقوق الانسان، وكان أحد الأسباب الرئيسية لمقاطعة "الاخوان المسلمين" وأحزاب المعارضة الانتخابات النيابية في ذلك العام. غير أن محكمة العدل العليا "أوقفت" قانون المطبوعات لسنة 1997 لعدم دستوريته، فبادرت حكومة عبدالسلام المجالي الى تقديم مشروع قانون الى البرلمان الذي أقره في 1998. ومع أن حكومة فايز الطراونة، التي خلفت حكومة المجالي، وافقت على القانون إلا أنها عملت على "تجميده"، وبقي كذلك حتى اليوم. وفيما يطالب نواب وصحافيون ب"التروي" في إقرار القانون المعدل يرى نقيب الصحافيين سيف الشريف ضرورة "الاستعجال"، مؤكداً ان النقابة "جاهزة دائماً للبحث في التعديلات". وتقول الصحافية سائدة الكيلاني التي تدير مركز الارشيف العربي للدراسات ان الاستعجال في إقرار تعديلات القانون "يثير المخاوف والشكوك" لافتة الى ضرورة "التعامل مع حرية التعبير ضمن حزمة قوانين متكاملة"، وأوضحت ان "قانون نقابة الصحافيين ينص على الزامية العضوية، وهذا مخالف لحقوق الانسان". وكان العاهل الأردني عبدالله الثاني وعد لدى تسلمه سلطاته الدستورية بتعديل قانون المطبوعات والنشر، وأعلن في لقاء مع نقابة الصحافيين ان "لا سقوف ولا حدود للحرية الصحافية إلا المسؤولية الوطنية". وأدرجت الارادة الملكية التي دعت مجلس الأمة الى الانعقاد قانون المطبوعات والنشر المعدل ضمن بنود الدورة الاستثنائية. وحتى يصدر قانون المطبوعات والنشر المعدل السادس يظل الصحافيون الأردنيون تحت رحمة قانون المطبوعات "المجمد".