خرج آلاف الجنود الصرب من اقليم كوسوفو ودخله آلاف الجنود من حلف شمال الاطلسي العاملين في اطار القوة الدولية لحفظ السلام. ورافق ذلك انتقال الخوف من ضفة الى ضفة. فالمدنيون الصرب في جنوب الاقليم شرعوا بممارسة "التطهير العرقي الذاتي" عبر الهجرة في حين ينتظر مئات آلاف اللاجئين الألبان اشارة الأمان لبدء العودة. غير ان المشكلة التي سيطرت أمس هي صيغة عمل القوة الروسية التي سبق لها ان فاجأت الجميع بدخول الاقليم واتخاد مواقع لها فيه، وفي عاصمته بريشتينا تحديداً، من دون مشاورات مسبقة. وفي حين تولى وزير الخارجية البريطاني روبن كوك التصريح، نيابة عن نظيره الروسي ايغور ايفانوف، بأن الجنود الروس سيلتحقون بالقوة الدولية ويحترمون القيادة الموحدة للاطلسي، شهر وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون السلاح الاقتصادي مهدداً موسكو بأن سلوكها قد يجعلها تخسر مساعدات يمكنها الحصول عليها في قمة مجموعة الثماني بين 18 و20 من الشهر الجاري في كولونيا الالمانية. وبدا واضحاً، امس، ان الرئيس الروسي بوريس يلتسن يريد حل المشكلة مع نظيره الاميركي بيل كلينتون وليس مع أي أحد آخر. فبعدما بادر الى ترقية الجنرال فكتور زافارزين الداخل الى بريشتينا تكاثرت الاتصالات الهاتفية بين الكرملين والبيت الأبيض. وكما ان ايفانوف كشف عن وجود ارتباكات عندما نفى علمه بتحرك القوات، كذلك تحدث المسؤولون الاميركيون بأصوات مختلفة أمس. ففي الصباح اشار نائب وزيرة الخارجية ستروب تالبوت الى ان الروس سيحصلون على قطاع يتمتعون فيه ب"مسؤولية واضحة"، وبعد الظهر أوضحت رئيسته مادلين اولبرايت "انه ليس وارداً ان يكون للروس قطاع مستقل في كوسوفو". وسعى قائد قوات الاطلسي في أوروبا، من جهته، الى التقليل من أهمية الخلافات مع روسيا فاعتبرها "سياسية وليست عسكرية ولن تؤثر في نشر القوات"، الا ان ذلك لم يمنع بقاء القضية معلقة في انتظار الاتصالات على مستوى القمة. وفي واشنطن علم ان كلينتون أمضى حوالى الساعة في اتصال هاتفي مع يلتسن تركز معظمه على البحث في مشاركة روسيا في القوة الدولية في كوسوفو، ووصف الناطق باسم مجلس الأمن القومي مايك هامر اجواء الاتصال بأنها كانت "بناءة". في حين اعتبرت وزيرة الخارجية اولبرايت في مقابلة تلفزيونية مع شبكة "ان بي سي" ان قضية الوجود الروسي في كوسوفو مسألة يجري العمل الآن على حلها مقللة من خطورتها، لكنها شددت على ضرورة ان تكون للقوة الدولية قيادة موحدة وعلى استمرار معارضة الادارة تخصيص قطاع في كوسوفو لعمل القوات الروسية. وبدوره أعلن وزير الدفاع وليم كوهين ان المحادثات العسكرية بين الجانبين الأطلسي والروسي مستمرة حول تفاصيل مشاركة القوات الروسية، لكنه أكد ضرورة ان تكون القوة الدولية تتبع القيادة الأطلسية الموحدة، كما هي الحال في البوسنة. وقال الناطق هامر ان الرئيسين كلينتون ويلتسن اتفقا على مزيد من اللقاءات العسكرية بين الجانبين للتوصل الى "ترتيبات ملائمة" لانتشار القوات الروسية. ويتوقع ان يجرى اليوم اتصال آخر بين الزعيمين لمتابعة البحث في الموضوع.