لم تتجاوز نسبة الفرنسيين الذين تجاوبوا مع الدعوة إلى انتخاب ممثليهم في البرلمان الأوروبي 76.13 في المئة منتصف يوم أمس، وفقاً لما ذكرته وزارة الداخلية الفرنسية. وتعد هذه النسبة أقل بواحد في المئة، مقارنة مع الانتخابات الأوروبية السابقة التي جرت قبل خمس سنوات، إذ بلغت نسبة المقترعين حوالى 66.14 في المئة. ويبدو أن الجهود التي بذلها المرشحون الموزعون على 20 لائحة 9 لوائح أساسية و11 لائحة هامشية، على مدى الحملة الانتخابية لم تنجح في اقناع الناخبين بضرورة الادلاء بأصواتهم واختيار نوابهم ال87 في البرلمان الأوروبي. وبقيت التعبئة حيال هذه الانتخابات شبه معدومة في أوساط الرأي العام الفرنسي، نتيجة انهماكه في متابعة وقائع الحرب في كوسوفو، من جهة، وعدم إدراكه أهمية المؤسسات الأوروبية وتأثيرها المباشر في حياته اليومية. والواقع أن الانتخابات الأوروبية تنطوي على رهانات مهمة سواء على الصعيد الأوروبي أو على الصعيد الفرنسي الداخلي. على الصعيد الأوروبي، ستحدد نتيجة الاقتراع إذا كانت قوى اليمين والوسط ستحتفظ بالغالبية في البرلمان المكون من 626 نائباً، أم ان هذه الغالبية ستنتقل إلى الأحزاب الاشتراكية واليسارية، كنتيجة منطقية لسيطرتها على العدد الأكبر من الحكومات الأوروبية الغربية. ويكتسب هذا الاقتراع المزيد من الوزن، في ظل دخول معاهدة امستردام حيز التطبيق، وتعزيزها صلاحيات البرلمان الذي أبدى حرصاً واضحاً على حسن سير الشؤون الأوروبية نتيجة دوره في إقالة المفوضية الأوروبية بسبب سوء الاداء والفساد. أما على الصعيد الفرنسي الداخلي، فإن أهمية الانتخابات الأوروبية تكمن في كونها تأتي بعد حوالى عامين على تعايش الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي يتزعم حزب "التجمع من أجل الجمهورية" الديغولي، ورئيس الحكومة ليونيل جوسبان الذي يتزعم الحزب الاشتراكي. فالأمين العام الموقت لحزب التجمع النائب نيكولا ساركوزي يترقب نتائج الاقتراع، أملاً في أن تعبر عن استعادة الحزب بعضاً من عافيته التي فقدها عقب الانتخابات الاشتراعية المبكرة سنة 1997. أما الأمين العام للحزب الاشتراكي، النائب فرانسوا هولاند، فإنه يتوقع أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى تكريس الموقع الذي يمثله حزبه، منذ الانتخابات الاشتراعية المبكرة، باعتباره القوة المسيطرة على الرأي العام الفرنسي. وفيما يستفيد هولاند من حالة الارتياح الشعبي حيال أداء جوسبان الحكومي، فإن التأييد والارتياح اللذين يحظى بهما شيراك لا يعودان بمنفعة كبيرة على حزب التجمع، الذي يخوض الانتخابات مقسماً ومبعثراً ومنفصلاً عن شريكه التقليدي حزب "الاتحاد من أجل الديموقراطية الفرنسية". ومن غير المستبعد ان تسفر نتائج الانتخابات الأوروبية عن تعديل في طبيعة التعايش القائمة بين شيراك وجوسبان التي اتسمت حتى الآن بالتنسيق والتفاهم المتبادل، لتضفي عليها حالاً من التنافس.