دعي حوالى 39 مليون ناخب فرنسي للتوجه صباح اليوم الأحد الى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم في انتخابات المجالس الاقليمية 26 مجلساً والمجالس العامة 95 مجلساً في اختبار من المرجح ان تكون نتيجته لمصلحة الحزب الاشتراكي وحلفائه اليساريين. وتسيطر المعارضة اليمينية المكونة من حزبي "التجمع من اجل الجمهورية" الديغولي و"الاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية" على 22 مجلساً اقليمياً و75 مجلساً عاماً، منذ الانتخابات السابقة التي شهدتها فرنسا قبل ست سنوات. لكن التوقعات التي واكبت هذه الانتخابات، التي تأتي بعد مضي عشرة اشهر على الانتخابات الاشتراعية المبكرة في حزيران 1997، تفيد ان الهزيمة الساحقة التي واجهها اليمين في الصيف الماضي، ستتكرر مجدداً. فالحزب الاشتراكي وشركاؤه في الائتلاف الحكومي الذي يترأسه ليونيل جوسبان قد يتمكن عبر هذه الانتخابات من توسيع دائرة سيطرته لتمتد الى السلطات المحلية المجسدة في المناطق الفرنسية عبر المجالس الاقليمية والعامة. ومن المتوقع بالمقابل ان تتراجع سيطرة اليمين على المؤسسات الدستورية، لتقتصر على رئاسة الجمهورية التي يتولاها الرئيس الديغولي جاك شيراك وعلى كتلة معارضة هزيلة في المجلس النيابي، اضافة الى مجلس الشيوخ، المحدود الفاعلية. وإذا صحت هذه التوقعات، فانها ستكون اشبه باستفتاء ايجابي على اداء حكومة جوسبان المكونة من وزراء ينتمون الى الحزب الشيوعي وحركة المواطنين يتزعمها وزير الداخلية جان بيار شوفنمان وأنصار البيئة اضافة الى الاشتراكيين. وتفيد آخر استطلاعات الرأي ان حوالى 42 في المئة من الفرنسيين يميلون الى تجديد ثقتهم بجوسبان وفريقه، استناداً الى الصورة التي ترسخت لديها على مدى الأشهر التي امضاها في الحكم وهي صورة شخص "متواضع" و"مرن"، "ماهر في مواجهة الازمات" و"يحمل على الثقة". في الوقت نفسه فان المراهنات على امكان انهيار فريقه الحكومي المتعدد الاتجاهات، نتيجة التباين بين اطرافه، باءت بالفشل، فجوسبان وشركاؤه حافظوا على تماسكهم في الفترة السابقة وهم يقبلون على الانتخابات الاقليمية والعامة وسط حالة من الوحدة يحسدهم عليها اطراف اليمين. لذا فان اليمين يقبل على الانتخابات بسوداوية واضحة عبر عنها رئيس "التجمع من اجل الجمهورية" فيليب سيغان عندما توقع ان تكون نتائجها "نسخة عن الزلزال الذي حل عقب الانتخابات الاشتراعية المبكرة"، وأدى الى خسارة حزبي التجمع والاتحاد غالبيتهما البرلمانية. ومنذ ذلك الحين لم ينجح اليمين لا في تجاوز الحساسيات القائمة بين ابرز زعمائه ولا في تجديد اطره ولا طروحاته، مما يجعله يبدو اليوم في موقع القوة التي تفتقد الى أي مشروع او اي ايديولوجيا. وإدراكاً منه لهذا الواقع ركز اليمين الفرنسي حملته على الحد من خسائره، في ظل توقعات تشير الى ان نسبة 35 في المئة من الناخبين ستؤيد مرشحي التجمع والاتحاد في انتخابات اليوم. وعلى غرار ما حصل خلال الانتخابات المبكرة، يبدو اليمين مهدداً بالخسارة في المناطق التي تتواجد فيها "الجبهة الوطنية الفرنسية اليمين المتطرف بزعامة جان ماري لوبن، نتيجة التوزع في اصوات الناخبين الذي سيعود بالنفع على الاشتراكيين وحلفائهم. واستباقاً لنتائج الانتخابات، بدأت تتردد في اوساط القوى اليمينية آراء ومواقف تؤكد ضرورة مجابهة الوضع القائم والتحرك نحو استعادة كسب ثقة الفرنسيين، عبر صيغ مختلفة منها مثلاً توحيد اليمين في تشكيل واحد.