يغادر وزير الخارجية الباكستاني سرتاج عزيز اسلام اباد اليوم متوجهاً الى بكين، في زيارة سريعة عشية محادثاته مع نظيره الهندي السبت المقبل. وتوقعت مصادر مختلفة في العاصمتين الهنديةوالباكستانية ان تكون محادثات عزيز في نيودلهي حوار طرشان، خصوصاً ان الهند مصرة على متابعة حملتها العسكرية في كشمير، وأعلنت أنها لن تناقش معه سوى سحب "المتسللين"، فيما يسعى عزيز الى مناقشة الوضع كله في كشمير. وقالت مصادر باكستانية أمس ل"الحياة" ان عزيز سيغادر اليوم الى بكين لإطلاع المسؤولين الصينيين على الوضع العسكري على طول خط الهدنة مع الهند، والصين حليف تقليدي لباكستان. وتتهم الدوائر الغربية الصين بتصدير التكنولوجيا الى باكستان، ومعروف ان ثمة تعاون عسكري ودفاعي بين البلدين تجلى في زيارات تقوم بها وفود من البلدين بشكل دوري. وكان قائد الجيش الباكستاني الجنرال برويز مشرف زار الصين حديثاً، من المقرر ان يزورها رئيس الوزراء نواز شريف في الثامن والعشرين من الشهر الجاري. وبعد تردد طويل وافقت الهند الثلاثاء على استقبال عزيز، ووافقت باكستان من جهتها على ان تجرى المحادثات السبت. وقال عزيز ان المحادثات تهدف الى تخفيف حدة التوتر و"تجنب أي تصعيد" بين الجارين اللذين أصبحا قوتين نوويتين، معرباً عن بعض "التفاؤل"، لكنه حذر من مغبة وضع أي شرط مسبق للمحادثات. غير ان الهند المقتنعة بأنها ضحية "عدوان" باكستاني وبأنها مدعومة من الاسرة الدولية، فرضت ضوابط صارمة لهذه المحادثات التي تستمر يوماً واحداً. وقال رئيس وزراء الهند اتال بيهاري فاجبايي "هناك موضوع واحد: عمليات التسلل وكيف تعتزم باكستان وقفها" مستبعداً في الوقت نفسه أي وقف للهجوم الهندي على مئات المقاتلين الاسلاميين المتسللين الى كشمير. وفي هذه الظروف يتساءل المحللون كيف يمكن ان يحقق عزيز ونظيره الهندي جاسوانت سينغ أمراً آخر غير تكرار المواقف المتباعدة التي كررها البلدان منذ شهر. وفي هذا السياق اعتبر ديبلوماسي غربي في نيودلهي ان "مواقف الطرفين متعارضة الى درجة يصعب معها التفكير بأنهما سيتوصلان الى نتيجة ما". ومن الواضح ان باكستان لا يمكن ان توافق الا على مناقشة انسحاب القوات لأن ذلك يعني اعترافاً بأنها مسؤولة عن عمليات "التسلل" وهذا ما تعتقده بعض الدول، وفي عدادها الولاياتالمتحدة، على رغم نفي اسلام اباد. من جهة اخرى تعتبر الهند ان رغبة باكستان في الحوار تشكل مناورة تبرهن من خلالها على ان اي مناقشات مع الهند لن تقود الى أي شيء وانه ينبغي بالتالي تدخل طرف ثالث في نزاع كشمير الذي يشكل حجر العثرة في الخلاف القائم بين البلدين منذ نصف قرن تقريبا. وحاولت باكستان دائما تدويل مسألة كشمير في حين تصر نيودلهي على رفضها ذلك بشكل قاطع. الى ذلك فإن الهند غضبت كثيرا عندما لمحت باكستان الى ان "خط المراقبة" الفاصل بين البلدين في كشمير لم يرسم بشكل واضح. وفي هذا الصدد أعلن فاجبايي محذراً "أريد ان اقول بوضوح بأن الامر يتعلق بحيلة لاستخدام عمليات التسلل من أجل تغيير خط المراقبة أثناء المحادثات. ان المناقشات المقترحة ستنتهي قبل ان تبدأ". وكتبت من ناحيتها صحيفة "ذا نيوز" الباكستانية ان الشروط الهندية لا تترك مجالاً كبيراً للتفاؤل" معتبرة مع ذلك ان هذه "المهمة الديبلوماسية تستحق العناء". وقال الديبلوماسي الهندي السابق ج.ن. ديكسيت "لا اتوقع أي أختراق كبير"، واصفا مع ذلك هذه الزيارة بأنها "ايجابية" لان من شأنها ان تخفف من "حدة التوتر".