جرت في جزر القمر، الدولة الاتحادية ذات الماضي السياسي المضطرب، انتخابات اشتراعية امس، بعد حملة خلت من الحوادث الأمنية في ظل تنافس بين أنصار وخصوم الزعيم الشعبوي أحمد عبد الله سامبي الذي ترأس البلاد من 2006 الى 2011. وقال فخر الدين محمد مرادابي الرئيس الجديد لخلية مكافحة الإرهاب في جزر القمر «ان التهديد الإرهابي يجب ان يؤخذ بجدية كبيرة» في هذا الأرخبيل المسلم الواقع في المحيط الهندي والذي ما زالت جزيرته الرابعة مايوت مقاطعة فرنسية. وأشار المسؤول الأمني إلى أن «استخبارات خارجية من بينها الأميركية والفرنسية وأخرى تابعة لدول افريقية، تدق ناقوس الخطر، وهي تعلم اننا في منطقة رمادية لأنه إن استطاع ارهابي اللجوء الى جزر القمر فإنها ستكون في خطر». وأشار مرادابي إلى أن الأرهاب بات «يتم بوسائل بسيطة. ويمكن من دون محاذير فتح موقع جهادي على الإنترنت في جزر القمر، لأنه لا توجد مراقبة، فالآن فقط بدأت الدولة تهتم بذلك». وتشكلت طوابير طويلة من الناخبين امام مراكز الاقتراع التي فتحت ابوابها مبكراً. وراح الناخبون، النساء اللواتي يرتدين الساري والرجال بدشاديشهم معتمرين الكوفية التقليدية، يبحثون بهدوء عن أسمائهم أو صورة هويتهم على اللوائح الانتخابية المعلقة. وقالت ربة منزل (43 سنة) «ننتظر سليمانا، انه النائب الشعبي عن الاتحاد من اجل تنمية جزر القمر (الحزب الحاكم). لا احب سامبي. فهو لا يحب التقاليد في جزر القمر»، مشيرة بذلك الى متابعته دراساته الفقهية في ايران. وفي العاصمة موروني، سجل اقبال ضعيف على الاقتراع. وقال ناخب: «نأمل بأن تكون الجمعية (الوطنية) الجديدة في خدمة الشعب»، ملمحاً إلى الفساد الذي ينخر أوصال هذا الأرخبيل المسلم الفرنكفوني ذي الديموقراطية الهشة حيث تخفف من وطأة الفقر السائد الأموال التي تأتي من المهاجرين وهم عديدون، في فرنسا (200 الف الى 300 الف) او في مدغشقر. ويكتسب الاقتراع اهمية كبيرة قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في العام 2016 بعد مرور اربعين سنة على استقلال هذا الأرخبيل المداري الواقع في المحيط الهندي. والرهان الأبرز للرئيس اكليل ظنين (الاتحاد من اجل تنمية جزر القمر) الذي يفتقر الى الجاذبية، ورجله القوي المحب لفرنسا وزير المال محمد علي الصويلحي، هو قطع الطريق امام سامبي وحزبه «جووا» (الشمس) الذي اقترب اثناء ولايته من الدول الخليجية وإيران وتركيا. وتسبب الرغبة المعلنة للرئيس السابق سامبا في العودة الى الحكم في 2016 توتراً، نظراً الى اعتبار معارضيه انها تتنافى مع روحية الدستور الذي ينص على ان يكون الرئيس المقبل من مواليد جزيرة القمر الكبرى وليس من جزيرة انجوان. لكن ممثلي المجتمع المدني لم يخفوا خشيتهم من امتناع نسبة مرتفعة عن التصويت. وقال رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي عمر بريزيكي: «انهم يتحدثون عن سأم الشعب الذي لا يثق بالسياسيين». ورفضت قريتان، احداهما في انجوان والأخرى في جزيرة القمر الكبرى، استقبال حملات المرشحين، وانتشرت فيها اليافطات التي تدعو الى التصويت بورقة بيضاء في الأيام الأخيرة. ولا ينتظر اعلان النتائج الرسمية غير النهائية للانتخابات قبل يومي الثلثاء او الأربعاء. وقال وزير الداخلية حسن حسين ابراهيم: «لسنا في مأمن من الطعون نظراً الى كثافة المرشحين». والبلد الذي ما زال يستحضر غالباً في الذاكرة اسم المرتزقة الفرنسي بوب دينار ويقف اليوم على ابواب اكتشافات نفطية جديدة «اوف شور»، ليس في رصيده سوى عشرين سنة من التجربة الديموقراطية. وشهد عشرين انقلاباً عسكرياً او محاولة انقلابية منذ استقلاله في 1975، ما شكل عقبات امام التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتهديدات للوحدة الوطنية ومؤسسات الدولة. وبدأت الخميس محاكمة 15 شخصاً بينهم اربعة افارقة على الأقل، من الكونغوليين اضافة الى مواطن تشادي، في اطار المحاولة الانقلابية الأخيرة عام 2013. وأشار تقرير لمفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان الى حال من عدم الاستقرار. ولتهدئة الوضع استحدث في الأرخبيل «اطار للتشاور» يجمع الأحزاب والسلطات والمجتمع المدني، ما لعب دوراً مهدئاً.