حبست الأطراف السياسية السودانية أنفاسها ترقباً لمعرفة نتيجة مفاوضات جنيف، في ظل استمرار تكتم قادة "المؤتمر الوطني" الحاكم وحزب الامة المعارض على نتائج اللقاء. وأفادت معلومات متشابهة تجمعت لدى "الحياة" من مصادر مختلفة أن الزعيمين الدكتور حسن الترابي والسيد الصادق المهدي توصلا إلى اتفاق إطار يقود الى "توافق استراتيجي" يتم من خلاله حل المشاكل السودانية. وامتنع الحزب الاتحادي الديموقراطي و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق أكبر الفصائل الباقية في المعادلة السودانية عن التعليق سلباً أو ايجاباً على لقاء جنيف. ورحبت أطراف كثيرة في الخرطوم بمبدأ "الوفاق الوطني"، فيما ركزت بقية القوى المعارضة على انتقاد المهدي واتهامه بتمزيق المعارضة. تفاصيل ص5 وتفيد المعلومات التي تلقتها "الحياة" في القاهرة ولندن أن الزعيمين توصلا الى اتفاق من ست نقاط يؤكد تعاونهما المشترك والسعي الى استيعاب أكبر قطاع ممكن من السودانيين فيه حتى تكون خلاصته حلا للمشكلة السودانية وليس اتفاقاً ثنائياً. واعتبر مراقبون أن المهدي والترابي غامرا برصيديهما السياسيين ما جعل اتفاقهما يأتي على ذلك المستوى. وتمكنت "الحياة" من تحرير النقاط الست بعد مقارنة روايات عدة على النحو الآتي: - تشكيل لجنة مشتركة لمراجعة قانون التوالي السياسي والدستور والقوانين الاخرى. - تحديد فترة انتقالية لمدة عامين تحكم خلالها حكومة برئاسة الرئيس السوداني عمر البشير. - تشكيل لجنة لإعادة النظر في المفصولين من الخدمة المدنية والعسكرية منذ العام 1985. - يتولى المهدي الاتصال مع بقية فصائل التجمع الوطني الديموقراطي والسودانيين في الخارج للحصول على تأييدهم لما تم الاتفاق عليه. - تشكيل لجنة للبحث في كيفية التوصل الى اتفاق مع الحركة الشعبية يستوعب عرض تقرير المصير ويحل مشكلة الجنوب. - اقامة الدولة على أسس مدنية ليست اسلامية او علمانية. واتفق الترابي والمهدي على استمرار الاتصالات بينهما وابلاغ بعضهما بعضاً بالنتائج في ضوء ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات جنيف وترتيب لقاء يضمهما بعد تشاور المهدي مع بقية التيارات السياسية السودانية. وانتقل المهدي أمس الى طرابلس في بداية جولة افريقية فيما عاد الترابي الى الخرطوم. وبدت نقاط الاتفاق التي لم تستخدم المفردات ذاتها التي قد يكون استخدمها الزعيمان "منطقية" في نظر عدد من المراقبين استمزجت "الحياة" آراءهم. ولاحظت أن الصيغة المطروحة تستجيب لوضع الزعيمين لجهة تسويق المشروع لدى الاطراف المرتبطة بهما، وتتجاوب في الوقت ذاته مع حقائق قائمة مثل إنتهاء ولاية البشير الحالية خلال عامين واعلان الخرطوم عزمها على اجراء انتخابات حرة واصرارها على عدم إلغاء الدستور. واضافت إن الامر ذاته ينطبق على المعارضة الخارجية في مجال مطالبتها بفترة انتقالية وحكومة قومية وانتخابات حرة. لكن المشروع بالصيغة المذكورة سيثير أيضا مشاكل للحكومة وحزب الامة منها أن ولاية البرلمان الحالي تنتهي العام المقبل وأن أطرافاً في المعارضة تطالب ب"اقتلاع النظام من جذوره". في القاهرة، تراجع رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" رئيس الحزب الاتحادي السيد محمد عثمان الميرغني عن نفي علمه المسبق بلقاء جنيف، لكنه قال إن "هذه محادثات بين حزب الامة والترابي، وسيعرض الأمر برمته على التجمع". وأضاف بعد إجتماع مع وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى في وزارة الخارجية المصرية في القاهرة أنه إتفق مع موسى على الاجتماع مجدداً الاسبوع المقبل بعد التحدث الى المهدي. وأضاف ان "أفكارنا كانت متطابقة خلال الاجتماع".