اتخذت وزارة التعليم العالي المصرية إجراءات حاسمة لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية في الجامعات المصرية، وذلك بعدما قرر المجلس الاعلى للجامعات برئاسة وزير التعليم المصري الدكتور مفيد شهاب مواجهة هذه الظاهرة فوراً. ووصف المجلس الظاهرة بأنها مسلك يخالف التقاليد الجامعية، ويؤثر سلباً على صورة الجامعات والقائمين عليها. ويطالب المجلس بتطبيق عقوبة على كل من يرتكب هذه المخالفة. من جهة اخرى بدأت الجامعات المصرية تنفيذ ثلاثة برامج بهدف وقف استفحال هذه الظاهرة، وتهدف البرامج الى تطوير وتجويد الاداء الجامعي، وتحديد اسعار الكتب الجامعية بما يتناسب والقدرات المالية للطلاب، مع إدخال القنوات الفضائية التعليمية في الجامعات لمساعدة الطلاب على التحصيل المباشر من هيئة التدريس. يذكر ان ظاهرة الدروس الخصوصية في الجامعات تقتصر على كليات معينة لاسيما العلمية. وحددت دراسة - أعدها المجلس الأعلى للجامعات - أسباب الظاهرة الى اعتياد الطالب على الدروس الخصوصية في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي، وصعوبة الإقلاع عن هذه العادة. كذلك عزوف عدد من الطلاب عن حضور المحاضرات في الجامعة، والاستعانة بالدروس الخصوصية، فضلاً عن الفهم الخاطئ لدى عدد من الطلاب بأن الامتحان يعتمد على المعلومات التي يقدمها المدرس الخصوصي ويبذل الطالب عادة جهداً لإقناع اسرته بضرورة الاشتراك في الدرس الخصوصي ضماناً للنجاح أو أملاً في الحصول على تقدير عالٍ، وتستجيب اسر الطلاب لذلك، نتيجة لعدم فهم طبيعة الدراسة في الجامعات، التي يفترض ان يكون الاعتماد فيها على الذات، في التعليم والتحصيل والبحث وغيرها، ومن ثم خضوع الاسر لرغبات الابناء في عدم الاعتماد على الذات والاستقلالية. وللدروس الخصوصية في الجامعات المصرية بُعد اجتماعي يتعلق بالاسر الثرية، التي ترى في تلقي أبنائها للدروس الخصوصية نوعاً من المفاخرة. وفي حرم جامعة القاهرة التقت "الحياة" عدداً من الطلاب وسألتهم عن رأيهم في هذه القضية. يقول سعيد موسى طالب في كلية التجارة إن الدروس الخصوصية في كلية التجارة أمر لا مفر منه، لا سيما في ظل الكثافة المرتفعة للطلاب، اذ يصل عددهم في المحاضرة الواحدة الى ألف طالب، قد يستدعي حجز المقاعد قبل المحاضرة بما يزيد عن ساعة. الطالبة نيفين السيد تؤكد أن الظاهرة لا مفر منها إلا بالحد من أعداد المقبولين في الكليات، وأن الأرصفة المقابلة للجامعة عامرة ببائعي المذكرات الخاصة بالمواد الدراسية المكملة للمناهج المقررة. ولفت الانتباه الى الثراء الذي يحققه المعيدون والمدرسون المساعدون في كليات التجارة في مصر من الدروس الخصوصية لدرجة يصعب معها ان يترك المعيد او المدرس المساعد درجته ليترقى الى وظيفة مدرس حتى لا يفقد هذه الميزة، ميزة إعطاء الدروس الخصوصية. أما في كلية طب قصر العيني، فالدروس الخصوصية أمر حتمي في اغلب المواد لا سيما الجراحة، وغيرها من المواد التي تتعلق بالتشريح، ويعلمها الاساتذة في الكلية بأسعار مبالغ فيها، ويعود ذلك إلى كثافة عدد الطلاب في الكلية. ولا يختلف الوضع في جامعة عين شمس عن جامعة القاهرة، إذ تنتشر الدروس الخصوصية في كليتي التجارة والطب بصفة خاصة، وتقل في كليات مثل الآداب والألسن.