زار وزير الخارجية المصري عمرو موسى سورية في شكل مفاجئ أمس في مسعى لإقناع القيادة السورية بالمشاركة في قمة خماسية لدول الطوق تستضيفها مصر خلال حزيران يونيو قبل سفر الرئيس حسني مبارك الى واشنطن نهاية الشهر المقبل ومحادثاته مع الرئيس بيل كلينتون. وطرح موسى مسألة مشاركة الرئيس ياسر عرفات في قمة سورية - مصرية - فلسطينية أو في القمة الخماسية، وحض على "عدم اضاعة الوقت" والعودة الى طاولة المفاوضات مع اسرائيل "بجدية وفي اطار زمني معقول ومقبول" بعد "الالتزام الرسمي والشخصي" الذي قدمه الرئيس كلينتون للرئيس حافظ الأسد ل"إحياء" مفاوضات السلام السورية - الاسرائيلية، و"تحريكها" بعد تشكيل رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ايهود باراك حكومته. وعشية القمة المصرية - الأردنية أعلن الناطق الرئاسي السوري السيد جبران كورية ان الأسد استقبل الوزير موسى في حضور نظيره السوري فاروق الشرع لترتيب جدول أعمال القمة السورية - المصرية المتوقعة في دمشق قريباً. وعلم ان موسى طرح مسألة مشاركة الرئيس ياسر عرفات في لقاء سوري - مصري - فلسطيني أو خماسي يضم ايضاً لبنان والأردن. وصرح وزير الخارجية المصري قبل لقائه الأسد بأن موضوع "مشاركة عرفات في القمة مطلوب لكنه يحتاج الى ترتيبات لم نبحثها بالطريقة التي نأمل بها"، داعياً الى "عقد قمة عربية لأن التحديات كبيرة". وزاد ان "الاحتمالات تتأرجح بين صفر ومئة"، وان محادثاته مع الشرع "ركزت على التنسيق المصري - السوري في الإطار العربي". وحض على استعجال استئناف المفاوضات، وقال ان "متطلبات الموقف الحالي تستدعي ان نكون جديين في الحركة لإنهاء النزاع العربي - الاسرائيلي، ولا نريد ان نضيع وقتاً بعد الذي ضاع". وشدد على ان "استئناف المفاوضات يجب ان يتم بطريقة جادة وفي اطار زمني مقبول". واكتفى الشرع بالتعبير عن "الارتياح" الى نتائج لقائه موسى، فيما ذكرت مصادر رسمية سورية ان اللقاء تناول "المستجدات العربية ونتائج الانتخابات الاسرائيلية وضرورة استئناف محادثات السلام على كل المسارات، كما عرضت سبل تفعيل العمل العربي". وأشار كورية الى ان موسى نقل الى الأسد "رسالة من الرئيس مبارك تتعلق بالمستجدات في المنطقة والاتصالات الجارية على الساحة العربية". وذكر ان الحديث "دار حول الأوضاع التي نشأت اخيراً في المنطقة والاحتمالات المتعلقة باحياء عملية السلام". وكان الشرع قال انه بحث مع نظيره المصري في "اهمية استئناف المفاوضات على كل المسارات، وسبل تعزيز العمل العربي المشترك مما يستدعي استمرار التشاور مع الاطراف العربية كي نساهم جميعاً في تحسين الوضع العربي". الى ذلك، أوضح كورية ان الرئيس كلينتون بحث مع الأسد في اتصال هاتفي مساء أول من امس في "عملية السلام والوضع الناشئ بعد الانتخابات في اسرائيل، وعبر كلينتون عن اهتمامه باحياء عملية السلام بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، ووعد ببذل جهوده الشخصية". وأشار الى ان الرئيس الاميركي "نوه بدور سورية في عملية السلام وجدد الأسد تأكيد التزام سورية العملية واسسها، والاستعداد لاستئناف المفاوضات من حيث توقفت، ومتابعتها للوصول الى الهدف الموضوع لها". وزاد ان الرئيسين اتفقا على "متابعة الاتصالات بينهما لتحقيق السلام العادل والشامل". وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان كلينتون سيرسل "قريباً رسالة الى الأسد. لتأكيد التزامه دفع عملية السلام". وتوقعت لقاءات اميركية - سورية رسمية وغير رسمية، وزيارة "الصديق الشخصي" لكلينتون وزير الخارجية السابق جيمس بيكر دمشق منتصف الشهر المقبل، يرافقه السفير الاميركي السابق في دمشق ادوارد دجيرجيان. في القاهرة، قالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان "سورية ليست لديها حماسة لحضور القمة الخماسية بسبب عدم ملاءمة توقيت عقدها، اذ يصعب الحكم على أداء باراك وتوجهاته خلال فترة وجيزة، وهناك سبب آخر يأتي على خلفية التحفظات السورية عن حضور قمة يشارك فيها عرفات الذي تحمله دمشق مسؤولية افساد التنسيق بين دول الطوق". وتفضل سورية الانتظار ترقباً لتنفيذ باراك تعهداته الانتخابية في شأن الانسحاب من لبنان خلال سنة، مما يعني بالتالي استئناف المفاوضات مع سورية، فيما يدعم الرئيس مبارك عقد القمة لتأكيد قرارات قمة القاهرة التي عقدت عام 1996، في شأن التزام أسس السلام ومرجعياته وتجميد التعاون الاقليمي والتطبيع مع اسرائيل الى حين احراز تقدم على كل المسارات التفاوضية. ونقل موسى خلال زيارته سورية والتي استمرت ساعات رسالة من مبارك الى الأسد الذي حمّله رسالة جوابية ينتظر ان تحدد مصير القمة الخماسية، الأمر الذي سيبحث في القمة المصرية - الأردنية التي ستعقد في القاهرة اليوم.