} أعربت مصادر أميركية عن تفاؤلها بتطور العلاقات المغاربية - الأميركية في الفترة المقبلة، في ضوء الاجتماعات التي عقدها مسؤولون حكوميون من تونس والمغرب والجزائر مع نظرائهم الأميركيين في واشنطن مطلع الشهر. واستدلت المصادر على التطور المتوقع بالزيارات المكثفة والخطوات التي يعتزم الجانبان الأميركي والمغاربي قطعها في الأشهر المقبلة لإعطاء دفعة قوية للعلاقات. تشهد العلاقات المغاربية - الأميركية في الفترة المقبلة حركة مكثفة على كل الصعد الاقتصادية والسياسية والعسكرية على نحو لم تعرف مثيلاً له في الأعوام الماضية نظراً إلى حجم الزيارات التي سيتم تبادلها بين مسؤولين من الجانبين. ويركز الأميركيون على البلدان الرئيسية الثلاثة: المغرب والجزائر وتونس، إلا أنهم لا يستبعدون تطويراً تدريجياً لعلاقاتهم مع ليبيا بعد تعليق العقوبات الدولية في حقها الشهر الماضي. وقال ديبلوماسي أميركي، رفض كشف اسمه، تعليقاً على الاجتماعات التي عقدها مسؤولون أميركيون في واشنطن مطلع الشهر مع وزراء المال المغربي والجزائري والتونسي، "ان هذه اللقاءات على رغم طابعها الاقتصادي، ارتدت طابعاً سياسياً واضحاً، كونها استطاعت ان تحقق ما لم يحققه الأوروبيون. أي ان جمع مسؤولين رفيعي المستوى من البلدان الثلاثة لمناقشة مشروع استراتيجي يتعلق بمستقبل المنطقة وليس فقط العلاقات الثنائية مع الولاياتالمتحدة". وكان وزير المال والاقتصاد المغربي فتح الله ولعلو ونظيره الجزائري عبدالكريم حرشاوي ووزير التعاون الدولي والاستثمار الخارجي التونسي محمد الغنوشي أجروا سلسلة من اللقاءات في واشنطن مع مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية ستيوارت أيزنستات ومع كبار المسؤولين في الخارجية الأميركية، وفي مقدمهم مارتن انديك وتوماس بيكرينغ ورونالد نيومان. بروكسيلوبرلين ولاحظ مراقبون في تونس أنه لا بروكسيل، التي هي مقر "اللجنة الأوروبية، ولا باريس التي ترتبط البلدان الثلاثة بعلاقات تاريخية خاصة معها، ولا برلين التي ترأس حالياً الاتحاد الأوروبي، استطاعت استضافة لقاء جماعي على هذا المستوى الوزاري. وكانت واشنطن دعت منذ الجولة التي قام بها أيزنستات إلى المنطقة المغاربية العام الماضي إلى لقاء رفيع المستوى في إطار "3"1" لمناقشة مستقبل العلاقات الاستراتيجية بينها وبين البلدان الثلاثة. إلا ان اللقاء السياسي الذي كان مفترضاً أن يتم مطلع العام الجاري في واشنطن لم يعقد، وعليه جاء توقيت اللقاءات الأخيرة متزامناً مع الاجتماعات نصف السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وكشفت مصادر مطلعة ان التونسيين هم الوحيدون الذين أوفدوا وزيراً خصيصاً للمشاركة في الاجتماعات ذات الطابع السياسي هو وزير الدولة للشؤون الخارجية طاهر صيود الذي فاوض الاتحاد الأوروبي على اتفاق الشراكة التونسي - الأوروبي في 1995. وإلى جانب الغنوشي الذي حضر الاجتماعات ذات الطابع الاقتصادي مع أيزنستات، كانت لصيود اجتماعات منفصلة في الخارجية الأميركية مع كل من مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط مارتن انديك ومساعدها للشؤون السياسية توماس بيكرينغ تناولت مستقبل العلاقات خلال المرحلة المقبلة في الإطارين الثنائي والاقليمي. وفاجأ الوزير التونسي مخاطبيه الأميركيين بكونه جاء بمشروع جاهز لإقامة "شراكة ثنائية للقرن المقبل" تضمن فكرة تشكيل لجنة توجيه مشتركة تتابع بلورة المشروع ومراقبة تنفيذه. على نار هادئة وتدل المعلومات المتوافرة ان واشنطن تدرس مع العواصم المغاربية مشاريع جديدة ستنقل العلاقات على الصعيدين الثنائي والاقليمي من حال إلى حال. ولاحظ ديبلوماسيون أميركيون ان مبادرة أيزنستات التي عرض تفاصيلها في جولة على المغرب وتونس في حزيران يونيو الماضي، وضعت على سكة التنفيذ خطوة خطوة. وأكدوا ان واشنطن تميل إلى التخفيف من الجوانب السياسية، بعدما أدركت ان الاقتصاد هو البوابة لإقامة أي تعاون اقليمي شامل مع بلدان المنطقة. وعزوا ميلها إلى الواقعية إلى حجم الخلافات المغاربية - المغاربية التي جعلت من الصعب مخاطبة البلدان الثلاثة بوصفها كتلة متجانسة. وفي معلومات المصادر ان واشنطن تعتزم تكثيف الاتصالات مع العواصم المغاربية في الفترة المقبلة لمتابعة نتائج الاجتماعات الأخيرة وإعطاء دفعة أخرى لمشروع الشراكة وتعميق المشاورات في شأن الملاحظات التي أبدتها الوفود المغاربية عليه والتي لم يكشف فحواها.